المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسكوت عنه ... الهويـــــــــه


شوقي بدري
04-04-2006, 05:29 PM
بعد حوادث الجنوب فى 1955 عدنا الى مدرسه ملكال الوسطى وسمعنا الفظائع . وكنت اسمع حكاوى وقصص الجلابه المبالغ فيها والكاذبه . بطلها كان الكشيف المصوراتى الوحيد فى ملكال ومراسل الرأى العام ودكانه يواجه دكان خالى اسماعيل خليل ونتناول الفطور يومياً فى الدكان سوياً .
وبعد ان كبرت وارجعت تقرير لجنه التحقيق الادارى فى حوادث الجنوب اكتشفت ان اغلب ما سمعت كان من حكم الخيال . ولكن الحقيقه الباقيه هى اننا نحن الشماليون قد اخطأنا وعاملنا الجنوبيين وكأنهم كما قال ابن المقفع عن الزنج بهائم هامله .
بعد الحرب العالميه الثانيه استلم السودان اثنين مليون جنيه كتعويضات حرب استخدم مليوناً فى مشروع الزاندى لزراعه القطن ونسجه . وفى سنه 1955 قبل الانتفاضه الجنوبيه , قامت ادارة المشروع التى صارت شماليه بطرد ثلاثمائه عامل واستبدلوهم بشماليين وعندما تظاهرت النقابه وطالبوا بنفس الاجور . رفض طلبهم وكانوا يقولون كيف نبيع رطل القطن بقرش ونصف ونشترى متر الدموريه ب13 قرش .
واستدعى مدير المشروع الشمالى الجيش من يامبيو على بعد 16 ميل والبوليس . وطلب ضابط البوليس المقبول من احد عساكر البوليس ان يقتل قائد المظاهره وتم ذلك برصاصه واحده ثم فتح الجيش النار على المتظاهرين مستخدمين البنادق ومدفع برين .
الغريب فى العمليه ان اثنين من التجار احدهم محمد على والآخر عباس حسون . ( وهذه الاسماء اذكرها انا من الذاكره لاننى لا يمكن ان انساها ) . بفتح النار على المتظاهرين من بندقيه صيد وبندقيه فيل . وكأنما الجنوبيين فرس بحر . الغريبه ان صيد الفيل كان يحتاج لرخصه ولكن صيد الجنوبيين لم يكن يحتاج لاى رخصه ولم يحقق او يعتقل الجلابه . وبالرغم من اننى قد قرأت كل التقارير عشرات المرات الا انه ليس هنالك اشاره للتحقيق معهم حتى .
عندما ذهب العم بوث ديو وهو من فنقاق شرق النوير الى توريت مصحوباً باحمد عبد الرحمن المهدى لتسويق حزب الامه . شتم احمد المهدى الجنوبيين وقال لهم سنحكمكم لاننا نحن اللذين اخرجنا الانجليز وبدوننا كان الانجليز سيحكمونكم لمده اربعمائه سنه .
وهذا من اهم الاسباب التى هيأت للانتفاضه الجنوبيه فى 1955 خاصه عندما اتت الاوامر الخاطئه بترحيل القوات الجنوبيه للشمال . ولقد قال السيد عبد الرحمن المهدى لابنه احمد عند رجوعه بأنه قد أخطاء واذا قدم لمحاكمه فيجب ان يتحمل خطاءه كرجل ولكن لم يجرؤ احد على مقاضاة ابن الساده .
المشكله اننا كل الوقت نحسب نفسنا كشماليين مختلفين عن الآخرين والاغلبيه مننا يحسبون ان ولائهم لخارج السودان . يجب ان نقتنع بأننا سودانيون سودانيون فقط .

الهويه = سودانى


لم يحدث في التاريخ البشري الطويل ان تعرضت امه لعمليه غسيل مخ مثل شمال السودان . هنالك مثل انجليزي يقول اذا كانت تمشي كالبطه و شكلها كالبطه و تصدر اصواتا كالبطه فهي بطه . و اذا كان الشخص اسود اللون ملامحه زنجيه فهو زنجي. و لكن انسان شمال السودان يصر علي انه عربي و يستميت في الدفاع عن هذه الغلطه و يثور و يذبد و يفقد عقله عندما يوصف بانه زنجي او افريقي او عبد .
اللغه لا تعني الانتماء العرقي . لان كل لاتين اميركا تتحدث اللغه الاسبانيه فيما عدا البرازيل التي تتحدث البرتغاليه. و من الممكن ان كثير من اهل لاتين اميركا يتحدثون اللغه الاسبانيه او البرتغاليه خيرا من اهل اسبانيا . لان الاطراف عادة لا تتأثر بالتغييرات مثل الوسط او الاصل . فاللغه الاسبانيه في اسبانيا قد تغيرت و دخلتها شوائب و مؤثرات من لغات او ثقافات اخري .
السودانيون يهللون عندما يقول بعض اخصائي اللغه العربيه ان لهجتهم اقرب الي اللغه العربيه الفصحي . و كأنما هذا يجعلهم اكثر عربا من العرب . و العرب يخجلون و يحسون بالاحراج عندما يذكر السودانيون انهم عرب و بعضهم لا يخفي استخفافه و استهجانه بل و غضبه لان العبيد السودانيون يتجرؤون و يدعون شرف الانتساب الي العرب .
عندما حاول السودان الانضمام الي الجامعه العربيه اصيب كثير من العرب بالغثيان و لم يقبلوا ادعاء السودانيين العروبه . و لكن لان السودان وقتها كان يمثل وضع اقتصادي جيد و شعب يعج بالخريجين ، متمكنين من اللغه الانجليزيه و يدافعون بها عن العرب في المحافل الدوليه . في الوقت الذي لم يكن الرؤساء العرب علي مقدره ان يشكلوا جمل مفيده باللغه الانجليزيه . و لهذا قبلوا بالسودانيين .
و اسرائيل لم تقبل باليهود الفلاشا . و تجاهلتهم لان وجود زنوج يدّعون اليهوديه و يعيشون كمواطنين كاملين في اسرائيل كان سيبعد اليهود الامريكان و الاوربيين من الهجره الي اسرائيل حتي لا يكونوا متساويين مع الزنوج. و لقد كانت قولدا مايير تطالب دائما بقفل ملف الفلاشا حتي لا تفتح بابا جديدا . و لكن عندما احتاجت اسرائيل لاي بشر يستطيع ان يحمل السلاح و يدافع عنها تقبلت الفلاشا . الا انهم يجدون الاضطهاد العرقي في اسرائيل .
السيد عبدالرحمن المهدي زنجي طويل القامه اسود اللون اخذ من ملامح والدته الفوراويه اكثر من ملامح والده الدنقلاوي و الاثنين لا صلة لهم بالعرب او العروبه . و جدة السيد عبدالرحمن المهدي جده هم دناقله رطانه . و لكن عندما مدحه الاستاذ احمد محمد صالح عضو مجلس السياده يقول و ربما بدون وعي
امام الهدي قرة بمراك عين
و طابت نفوس حين عدت و اعقل
و ما زال هذا القطر يذدان بهجة
و يختال في برد السرور و يرفل
نمتك الي الخيرات اعراق هاشم
فانت لهذا الدين ركن و موئل
و عندما سجن الفنان سرور لانه اطلق النار في الهواء تهديدا لمن حاولوا اثارة الشغب في احدي حفلاته ، قام السيد عبدالرحمن برعاية اسرته و بعد خروجه من السجن لحن اغنيه كتبها له سيد عبدالعزيز و سجلت في اسطوانات و وزعت و تقول
سليل المهدي لا شك ربنا مصفيك
و غفر الاله و جلاله حاميك
جارت بحور الفضل كفيك
يا قوت النفوس موضع ثقاتهم فيك
كفي الشاهد محاسنك و ما جناه ابيك
و ان نسبوك يرجع نسبك لنبيك
الغريبه ان السيد على المرغنى واهله يزعمون انهم من سلاله النبى وكنا نرى مليشيات الختميه تسير فى امدرمان وينشدون شئ لله يا على والختيم جدو النبى . ولكن آل المهدى وآل المرغنى لا يعترفون بأن الآخرين ابناء عمومتهم وكل يسخر من إدعاء الآخر . هل يمتلك اى شخص الاجابه ؟ .
سمكرة او نجر النسب تخصص فيه رجال الدامر و ما حولها . كان يقصدهم الناس و بعد دفع الاجر المعلوم و الذبائح و عدة ليالي من النقاش الشكلي و تحفيظ الزبون شجرة العائله يرجعون النسب عادة الي العباس . و لا يرجعون النسب ابدا الي اخ العباس الاكبر عبدالعزي او ابولهب .
فلنقم بعمليه حسابيه بسيطه ، اذا قلنا ان المهدي ولد في منتصف القرن التاسع عشر و سيدنا محمد قد ولد في 571 ميلاديه و هذا فرق اقل من 1400 سنه فلنقل 1350 سنه . و بما ان الناس كانوا يتزوجون صغارا وقتها فلنقل ان القرن يساوي اربعه اجيال مما يعني ان الفرق بين المهدي السوداني و العباس عم النبي او علي بن ابي طالب هو 54 جيل و لنختصرها الي 50 جيل. و نسب المهدي في السلسله التي ادعاها لنفسه هي :
محمد المهدي بن عبدالله بن فحل بن عبدالولي بن عبدالله بن محمد بن حاج شريف بن علي بن احمد بن علي بن حسب النبي بن صبر بن نصر بن عبدالكريم بن حسين بن عون الله بن نجم الدين بن عثمان بن موسي بن ابي العباس بن يونس بن عثمان بن يعقوب بن عبدالقادر بن الحسن العسكري بن علوان بن عبدالباقي بن صخره بن يعقوب بن الحسن السبط بن الامام علي بن ابي طالب .
ومجموع هؤلاء 29 جدا و هذا يعني ان سلالة المهدي لا تبدأ الانجاب الا و هم في الخمسين من عمرهم . هل هذا منطقي !! اليس من المخجل ان تسيطر علينا هذه الاكاذيب .
الذين يدعون ان العرب دخلوا السودان كقبائل كامله مخدوعون فالقبيله الوحيده التي دخلت السودان هم الرشايده المعروفون في السودان بالزبيديه و هؤلاء لا يزالوا يترفعون من الاختلاط بالقبائل السودانيه مثل البجه الذين يسكنون معهم . و في سنه 1987 و في كسلا شاهدت الاخ احمد ترك الزعيم الهدندوي يمازح شيخ راشد شيخ الرشايده و يقول له ان احد الهدندوه قد تزوج ببنت من الرشايده. و الشيخ راشد ينتفض من الغضب و يقول ان هذا مستحيل و غير ممكن و لن يحدث و لن يسمحوا به . و احمد ترك يواصل دعاباته و الشيخ راشد يزداد غضبا .

شوقي بدري
04-04-2006, 05:35 PM
و عندما حضر الملك خالد للسودان قابله وفد من الرشايده و طلبوا منه ان يضغط علي نميري حتي يوقف الهدندوه عداوتهم و صداماتهم مع الرشايده ، و يكون لهم وضع مميز في السودان . و اقترح عليهم الملك خالد ان يتزاوجوا مع الهدندوه فاعتبروها اساءه و اقتراح غير سليم .
العرب الذين اتوا للسودان اتوا كافراد و اغلبهم شباب و رجال يبحثون عن فرصه احسن للعيش . و وصل البعض منهم الي الحكم عن طريق الزواج من بنات ملوك النوبه و الملوك الاخرين .
كوستاوي او ناس كوستي هم الذين يسكنون كوستي و حوالينها . و كوستاكس بابيس هو تاجر يوناني مسيحي اورثودوكسي . و لو كان قد قلب الشهاده لقالوا انه كان بن العباس و له كرامات و لادعي كل اهل كوستي انهم قرشيون.
الرباطاب يرجعون نسبهم الي رباط بن غلام بن عايز اليمني من مخا و هو درويش لم يشتهر بسلامة العقل و اخو رباط هو ركاب و منصور و هؤلاء هم الركابيه و المناصير ....... و الخ.
في الاربعينات و الخمسينات و الستينات و السبعينات لم يكن هناك شبر في السودان يخلو من اليمنيين و لكن لم نسمع باي منهم قد كون قبيله و لم نشاهد امرأه يمنيه ابدا . بل كانت كلمة يمني في السودان او هندي تعتبر اساءه .
المشكله ان ظهور شيخ او داعيه او اي انسان غريب مثل الشنقيطي مثلا صاحب الشارع في امدرمان او القريه تاخذ اسم هذا الشخص و يجتمع الناس حوله و بالجوار و النسب و الانتماء يصيرون قبيله تحمل ذلك الاسم . و السعوديه من اكبر الدول في العالم مساحة تحمل اسم شخص واحد و ليس كل سعودي ينتمي الي ال سعود.
و لقد انتشرت اللغه العربيه بسبب التجاره و لانها صارت لغة الحكام و لغة الدين . و اللغه اللاتينيه عمت كل اوربا مع انتشار الدين المسيحي عن طريق الامبراطوريه الرومانيه و لا يزال التأثير اللاتيني علي كل اللغات الاوربيه . و نفس الشئ حدث في السودان .
و كما حاول بعض الصرب و الكرواد ان يتخلصوا من دفع الجزيه للدوله العثمانيه فاعلنوا اسلامهم . فتفادي السودانيون دفع الجزيه بالدخول في الاسلام ثم صارت اللغه العربيه هي اللغة المختاره لبعض القبائل النوبيه التي تعربت مثل الجعليه و الشايقيه و الرباطاب و ......الخ . و احتفظ الاخرون بلغاتهم . من المستحيل ان يغير اي شعب عادات معينه مثل الاكل و طريقة السكن و الاغاني و العادات و الاعراف و الاحتفالات و الاغاني و الطرب . و اذا نظرنا الي هذه الاشياء نجد ان السودانيين لا يربطهم اي شئ العرب .
و من المؤكد انه اذا كانوا قد اتوا للسودان كقبائل متكامله كما يدعي البعض لِما تخلصوا من هذه العادات . فالاكل السوداني لا يشابه او يقارب الاكل العربي في اي مكان . و الختان الفرعوني البغيض الذي كان و لا يزال يطبق علي كل فتيات السودان ، لا يمارسه العرب . و لا يمارسه حتي الرشايده اللذين يسكنون في السودان . اين ذهب الغناء العربي و الالات الموسيقيه التي احضرتها القبائل العربيه معها الي السودان . حتي السلاح الذي يستعمل في السودان يختلف عن السلاح العربي و اذا كان هذا السلاح مكنهم من احتلال السودان اذن لماذا تخلصوا منه .
السيف السوداني المستقيم هو نفس السيف الذي استخدم في الحرب الصليبيه . و هو في شكل صليب. و السيف العربي كان و لا يزال مثل السيف الروسي مقوسا . و السيوف التي يحملها الرشايده اليوم حتي بغرض الزينه فقط هي سيوف مقوسه . و السكين علي الذراع لا دخل لها بالعرب .
من السيوف التي وقعت في يد الانجليز في معارك شمال السودان كانت سيوف قديمه قد شاركت في الحرب الصليبيه ، مكتوب علي بعضها باللاتيني ( لا تجردني في حالة غضب و لا تردني الا بشرف ) . السودانيون قد شاركوا في الحروب الصليبيه كمسيحيين . احدهم قد صار قديسا عرف بالقديس سانتوس و له كاثيدراليه ضخمه في ماقدبورق في المانيا و له تمثال بملامحه الزنجيه يغطي راسه و جبهته درع من الحديد المنسوج في حلقات .
هل يعقل ان يسمح العرب بعد ان فتحوا العالم و نشروا ثقافتهم و دينهم و لغتهم و اقتصادهم في كل العالم ، بان يتشلخوا . و يحملوا علي وجوههم خطوط هي مصدر كثير من السخريه علي السودانيين في الدول العربيه .
عادات الزواج مثلا ، هل تشابه عاداتنا عادات العرب، من قيدومه و حنه قطع رحط و بخ اللبن و فتح الخشم و القيد و الشعقيبه ؟.
الشعقيبه ، يطوف بنات العرس في الحي و يضعون سبحه حول عنق احد الشباب و يفتدي نفسه ببعض المال و اذا لم يدفع فعندهم اغنيه تقول
الصبي القدال وشو وش حمار
الطاقيه ليش كان غالبك نص قريش
اولاد العاده ، اصدقاء ولد الطهور ، يسرقون اي شئ من البيوت و يحضر صاحبه ليفتديه من بيت الطهور . اذن لماذا يقول بعض الشماليين ان كل النوبه يسرقون و هم لصوص . عادة السرقه و التباهي بها موجوده عند فئه قليله جدا من النوبه . و من الخطأ ان يعمم هذا علي كل النوبه.
عادة ان لا تذكر المرأه اسم زوجها ابدا. هذه عاده افريقيه يمارسها الزاندي مثلا . و لقد قال والدنا الشاعر محمد سعيد العباسي .
يقول لي كالبرق مبتسما يا هذا
يا ذا و عمدا لا يناديني
و هذه ليست بعادات عربيه .
الرحط كانت عباره عن سيور جلديه تتدلي من وسط الفتاة و قد يجعلون هنالك كرات صغيره من القصدير كزينه او لشد السيور و يسمونه الناير ابو قصدير و تعني الفتاة في سن الزواج . و بقية جسمها كان يكون عاريا و عند زواج الفتاة في السودان كانت تحضر مغطاة بفركه قرمصيص و هي عاريه تماما ثم تسحب الفركه و يقطع العريس الرحط لكي تقف العروس عاريه كما ولدتها امها امام الجميع . كنوع من الشهاده بان البضاعه قد سلمت سليمه !!
و قديما كان هنالك قصة العريس الذي سحب الفركه و كانت للعروس اثداء ضخمه فتراجع مندهشا ، فارتجل الفنان الاغنيه التي تقول
يا عريسنا ما تخاف
واحد مخده و التاني لحاف .
و الي الان تمارس هذه العاده و لكن بطريقه اقل ، فالعروس ترقص ب( قنله ) او فستان قصير و خفيف جدا يظهر اكثر مما يخفي . و لا تزال كثير من نساء الباديه يسرن كاشفات الصدور و عندما كان المهدي في كتاباته يدعو الناس للهجره اليه ، كان ينبه عليهم ان لا يحضر النساء كنساء البقاره عاريات الصدور . هل هذه عادات عربيه .
ان يسكن الرجل مع اهل زوجته هذا شئ طبيعي في السودان و هذه من العادات الراسخه في الاستوائيه خاصه عند الزاندي و المورو. اخونا كمال عبدالكريم ميرغني متزوج من ابنة ادريس الهادي و اخونا رحمة الله عليه احمد ادريس الهادي متزوج من شقيقه كمال و كل منهم يسكن عند اهل زوجته . الاخ العزيز محمد صالح عبداللطيف متزوج من شقيقتي و احفاده الان رجال و نساء . كان يسكن معنا في نفس المنزل و كان بمثابة الاخ و الاب بعد وفاة والدي و لا يزال الي الان يسكن في المنزل المجاور لمنزلنا. هذه عادات لا صله لها بالعرب .

شوقي بدري
04-04-2006, 05:36 PM
و هذا اللون السوداني الجميل يجب ان لا نخجل منه فلقد قال البريطاني وادنقتون الرحاله و الذي صار اسقفا لمدينة دورم و كان في حملة اسماعيل باشا عند فتح السودان . و لانه ابدي اعجابا بالسودانيين فلقد قام اسماعيل باشا بارجاعه الي مصر . و لقد قال عن لون الشايقيه الذي نسميه نحن بالاخضر الرويان ( انه اجمل لون اعطاه الله للناس ) .
عندما يتحدثون عن الجمال لا يحب السودانيين الحديث عن الاك ويك الدينكاويه الموديل التي سحرت كل العالم . بالرغم من استخفاف العرب .و المؤلم المخذي تجاهل الشماليين .كما تجاهلوا الاخ دينق في لاعب كرة السله في الثمنينات . و لو كان شماليا لهللوا له .
لقد قال احد مقدمي برنامج الجزيره قبل سنتين عندما حضر الي السودان ( ان الشئ الذي يصدم الانسان في السودان هو افريقيته الواضحه ) و كأنما الافريقيه هي مرض عضال .
في الفتره الاخيره بعد تحسن العلاقات النسبي مع حكومة الكويت ، حضر الي السودان احد الكويتيين قبل فتره وجيزه . و في الصباح طلب من صديقه السوداني ان ياخذه للطواف في البلد . و بعد التحديق في الناس ، سال صديقه ( اين العرب ؟ ) . بمعني انه لا يري الا زنوج . فقال له صديقه ما صار يردد الان في العاصمه ان اولاد العرب قد هاجروا و امتلات العاصمه بالعبيد . فقال الكويتي( هل تقصد بالعرب الذين اتوا الي الكويت و الخليج . انا كنت احسب ان الذين اتوا الينا هم العبيد و ان العرب لا يزالوا في السودان .) . لماذا نجعل من نفسنا موضع سخريه و استهزاء للاخرين ، لماذا نحاول ان نرتدي قبعة الاخرين . و لنا قبعه اجمل من قبعتهم ، ان الشخصيه السودانيه من اروع الشخصيات و اخلاقنا خير من اخلاق العرب و تصرفاتنا اقل لؤما. و لماذا نصر ان نكون اعضاء في نادي لا يعترف اصحابه بنا .
عندما ذبح الفلسطينيون في لبنان و تخلي عنهم الجميع و لم تقبلهم اي دوله فتح السودان اذرعه للمقاتلين الفلسطينين و جاء الاف الفلسطينين و تبعتهم مجموعات اخري كثيره . و بعد مده تظاهروا بالرغم من انهم اعطوا خير ما جاد به السودان . و كانوا يهتفون ( جحيم لبنان و لا السودان ) .
بعضهم قد قذفت بهم الدنيا الي اوربا ، احدهم شخص يدعي ابوغسان يسكن هنا في مالمو ، لا يزال بعد كل هذه السنين يشتم السودانيين. و لقد سمعته يقول علي رؤوس الاشهاد ( يا زلمه القياده منعتنا نروح للقحاب . و شارع القحاب في السودان اطول شارع في البلد . و بعدين اخدونا علي شندي . و اقت الجرافات و جرفت عشان يبنولنا معسكر و تطلع لك العقارب . و في الاخر الشباب يتزوجوا عبدات و بعدين رموهم و راحو ، و انا برضو كنت متزوج عبده .....) .
لقد طفت كل العالم و لم اقابل اسوأ من العرب و من الخطأ التعميم و لكن الحكم للاغلبيه . و الفلسطينيون هم اسوأ العرب . و لقد باعوا ارضهم .
لقد ذكر العميد يوسف بدري في كتابه ( قدر جيل ) انه قد ذهب في سنه 1931 الي فلسطين عندما كان يدرس في الجامعه الامريكيه في بيروت و كانت هناك اغنيه يغنيها مغني اسمه الزعني و تقول
ابعت نور ،ابعت غجر ابعت مجوس
بس ابعت فلوس ابعت فلوس
فقد رحب الفلسطينيون بحضور اليهود و في الاول كانوا يستغلونهم و يسرقونهم و يغتصبون اولادهم و نسائهم و يؤجرون لهم المساكن باضعاف مضاعفه و يبيعون لهم الاراضي باسعار مضاعفه . و يبدون سعاده لحضور اليهود من اوربا . و لقد ذكر يوسف بدري بانه شاهد المفتي في احتفال اليهود بالنبي موسي في القدس و كان يركب فرس ابيض .
و الي الان يبيع الفلسطينيون الارض و العمال الذين يبنون السور العازل و المسطوطنات هم العرب و الذين يبلغون عن الاخرين هم العرب الفلسطينيون و الذين يبيعون جيرانهم و اشقائهم هم الفلسطينيون . و المباني التي تنسف من الطائرات ، و السيارات التي تقصف من البعد يدل عليها فلسطينيون .
في سنه1973 و بينما انا جالس في مطعم سبيسن في لوند و معي امين مبارك ميرغني ، ابراهيم النجومي ، عمر بخيت ، خليل بدري و مامون يوسف المامون . اقترب منا عربي و قال انه يريد ان يتعرف بشوقي بدري . و بعد تجربة شرق اوربا و الي الان اتعامل مع كل العرب بحذر من منطلق انهم سيئون الي ان يثبت العكس . فقلت للطالب ( شوقي بدري ده رجل سخيف ، احسن ما تسال منه ) فقال انه قد سمع ان شوقي بدري رجل جيد و يفهم و يكتب .
و بعد مده قابلني و لامني . و تعارفنا و صار جزئا من المجموعه السودانيه و لا تزال تربط احمد عناب علاقات واسعه مع اغلب السودانيين الا ان علاقتي معه وصلت الي تمثيل دبلوماسي متدني جدا لا يزيد عن التحيه .
في البدايه لم يكن هنالك عرب في السويد و المجموعه السودانيه كانت مترابطه و مميزه . و اينما يذهبون ينتقل الحفل . و احمد عناب كان قد درس في الاتحاد السوفيتي و هو شيوعي و كان يقول و لا يزال ان الارتباط بالسودانيين مفيد جدا و هم ليسوا مثل العرب ، يحفظون الود و يتطور الانسان معهم فكريا .
العلاقه مع احمد وصلت لمستوي ان اي مشكله تحدث له كان ياتيني قائلا ( والله انت اليوم اتقلدت خطيتك، ماني تاركك لحد ما تحل المشكله دي )
و حتي عندما جاء اخيه الي السويد محاولا الحصول علي اقامه احضره لي قائلا ( هادا مسئوليتك ) . و عندما تزوج في نهاية الثمانينات . كان لا ياخذ زوجته الي العرب الاخرين لانه لا يطمئن اليهم . و كان يقضي معنا حفلات رأس السنه و لنا صور مشتركه تجمع اسرنا .
في يناير 1985 كنت احكي للسودانيين في المكتب و احمد الاردني معنا مسابقة جمال السودان التي اقيمت عندما كنا وكلاء للمالبورو كنوع من الدعاية . فقال احمد باستخفاف تام ( جمال !! جمال في السودان ، و هل في جمال في السودان ؟ ) فقلت له في هذه الغرفه مثلا اكثر انسان بعيد من الجمال هو انت . و الحقيقه ان اسعد بدري و حسين خضر الحاوي و الرشيد عبدالحليم حامد كانوا من اصحاب الوسامه . اينما يذهبوا تتحلق حولهم النساء و كل هذه السنين لم اشاهد امرأه مع احمد سوي زوجته الاردنيه التي طلقته بعد ان( فتلها ) رجل اردني اخر و تركته .
قبل حوالي خمس او ست سنوات شاهدت احمد عناب في المنتزه الضخم بالقرب من منزلنا و هو في خيمة بنك الدم السويدي لانه يعمل كمحلل معمل و كانت هنالك حفله و مدينة ملا هي ضخمه في المنتزه . فهرع احمد محييا زوجتي . و اردت من البعد ان احيي زوجته فاشاحت بوجهها اشمئزازا مني . و هي تقف وسط مجموعه من الرجال السويديين زملاء زوجها في العمل .
و بعد ان قضينا عدة ساعات مع الاطفال في المنتزه رجعت مره اخري . و اقترحت علي احمد ان ياخذ زملائه و زوجته و ابنته الي منزلنا لكي نقدم لهم بعض الشواء و المشروبات في الحديقه . فنظرت الي زوجته بامتعاض و ذهبت مبتعده .

شوقي بدري
04-04-2006, 05:38 PM
عندما وقع الالمان عقدا بمليارات الدولارات لارسال فنيين لبرمجة الكمبيوتر . وجد احمد صديقي الهندي تارا جالسا معي و ابدي استخفافا بالالمان الذين يستعينون بالهنود . فافهمته ان الهنود متطورون جدا في الفيزياء و علم الحاسوب و ان الذي خلق البريد الاليكتروني هو الهندي صابر. فقال احمد بكل استخفاف ( نحن العرب اذكي ناس في العالم ) فقلت له هذا ممكن و لكن انت تحتاج لستين سنه لكي تصير حمارا .
و ذكرته بحادث زوجته فقال لي ( يا زلمه ايش بيك ، نحنه مسلمين . عاوز ايه ، عاوز مراتي تبوس ايدك ؟ ) فقلت له ( في حد قال ليك انو انا مجوسي ؟ . انت سلمت علي مراتي و واقف تتكلم معاها . و مراتك واقفه وسط رجال. و انته لو خايف علي مراتك ديه انا شوقي بدري فيني انوثه اكتر منها !! ) . و الحقيقه ان زوجة احمد اذا لبست عمه و زغبوط يمكن ان تكون صعيدي في الغيط بسهوله .
الشئ المخجل المخذي الذي يخرج الانسان من طوره و يؤلمه و يجعله يخجل من انه سوداني و يحس انه غريب وسط اهله . اذ كيف يسمح اهلنا الجعليون بتزويج بناتهم الي بشر يحتقروننا و يستخفون بنا و كثير منهم تنقصهم الرجوله و الاخلاق و يرفض الدينكاوي القح باخلاقه التي تقارب الكمال و يرفض النوير الاشاوس الشجعان و كذلك المورلي . و لا يمكن ان نتجاهل شجاعة النوبه و ثباتهم و انضباطهم العسكري الذي سارت بسيرته الركبان و شهد لهم الاعداء . و هم الذين اعطوا السمعه الجيده للجندي السوداني . و لقد اورد الضابط البريطاني دنكن كامبل في كتاب ( حكايات كانتربري السودانيه ) كيف فر الجنود البريطانيون من المعركه في شرق السودان اثناء الحرب الايطاليه مما اضطر العميد ( اسليم) ان يطلق عليهم النار من مسدسه بينما بقيت القوات السودانيه ثابته طيلة الوقت .
هذه القوات السودانيه كانت من ابناء النوبه الشجعان . فلماذا اتمني لابنتي او لاختي زوجا من الفلسطينيين و السودان يذخر بالشجعان و الفحول من تبوسا و لاتوك و واشولي و شلك و وفور وداجو . ما هو الجميل عند العرب . لقد فشلت انا في ان اجده .
في سنه 1969 حضرت داشا اسكوما لوفا الي السودان التي صارت زوجة صديقي عمر العبيد بلال و الذي صار مستشارا و وزيرا للنميري . و هي فتاة شديدة الجمال . اذكر بعد زواجها من عمر ، حاولت ان اتحصل لها علي فيزا للسودان . فارسلت ست صور و طلب للسفاره في موسكو . و ارجعت الصور و الفورم لان السفاره السودانيه كانت ستفتح بعد اسبوع في براغ بواسطة السفير مصطفي مدني الذي صار وزيرا للخارجيه و قمر الانبياء رحمة الله عليه و الشاعر محمد المكي . و لكن لجمال صاحبة الصورة ارجعت لي خمس صور فقط .
و بعد ان مكثت داشا في السودان معنا لمدة شهر و نحن لا نفترق و توئم الروح بله معنا باستمرار . ذكرت داشا بانها عندما ترجع الي براغ فستقوم بعمل تلبيسه لاحد اسنانها الاماميه لان عندها عيب خلقي ولدت به جعل سنها تبدو محمره .و اضافت و ربما تصبح اسناني جميله مثل اسنان صديقك بله .
و عندما ترجمت كلامها لبله قال انه لم يلاحظ اسنانها . فسالته كيف ذلك . و الجواب البسيط انه لم يرفع عينه لمدة شهر كامل و ينظر الي داشا لانها خطيبة صديق .
اين يوجد عربي يتصرف بهذه الطريقه . و لهذا انا علي استعداد لان اضمن اي جنوبي بحياتي قبل ان اضمن العربي . و ان عندي كثير من الاحساس بالاحباط و الندم من تصرفات بعض ابناء الشمال من من يسمون نفسهم باولاد العرب . و اغلب البشر الذين احسوني بالضأله كانوا من الجنوبيين .
الاخ الفاتح حسن مسئول الامم المتحده و الذي يسكن في سويسرا . قابلني في المطار في القاهره و سلم علي بحراره و حماس بدون سابق معرفه . و اقترح ان اذهب للسكن معه و ان استعير شقته في شارع عرابي لاي وقت و في اي وقت ، بطريقه كادت ان تصيبني بجنون العظمه . و اعتذرت لانني عادة اسكن مع الخال محجوب عثمان .
و بعد يومين قابلت الفاتح في منزل المحامي امين مكي مدني . و اصر ان نستلف سيارته و السائق و وجدت صعوبه في اقناعه باننا نفضل اخذ تاكسي الي منزل استاذنا محمد توفيق رحمة الله عليه .
و لشهور طويله كانت تلفونات الفاتح لا تتوقف و فاكساته ملات درجا كاملا في مكتبي . و كان يصر علي ان احضر لزيارته مع اسرتي في سويسرا . و تصادف ان الرجل العظيم بيتر نجوت كوك الذي كان يحاضر في هامبورج كان في طريقه الي سويسرا . فطلبت منه ان يتصل بالفاتح خاصه بعدما عرفت من الخال محجوب عثمان ان الفاتح كان متزوجا من سيده يوغنديه .
الغريب ان الفاتح قابل بيتر و اعتذر بانه سيذهب الي اجتماع او شئ من هذا القبيل . و عندما ذهب بيتر للاجتماع تركه الفاتح و هرب من الباب الخلفي تاركا الاجتماع . و عندما اخبرني بيتر غضبت فاتصلت به تلفونيا و عنفته و قطعت علاقتي معه . فاتصل هو ببيتر و طلب منه ان ينسي و يغفر له . فقال بيتر انه كمسيحي يغفر و لكن لا ينسي .
و اتصل الفاتح بمجموعه كبيره من الناس منهم محجوب شريف و الخال محجوب عثمان الذي لا ارفض له طلبا الا انني كنت اقول للفاتح بيتر كمسيحي و انا لا اغفر و لا انسي . و الغفران و النسيان هو الذي اوصلنا الي ما هو نحن فيه الان.
شوقي

3ashig Alneel
05-04-2006, 12:13 PM
عمنا العزيز شوقي
والله كلامك كعادته يحملنا إلى رائحة السودان لامن كان كويس ..!!
ولعلي كثيراً ما أخرج من كتاباتك بقناعات جديدة وتصحيح كثير من
المفاهيم المغلوطة التي قد ورثناها عن الآخر في الوطن الواحد.

ولكن ألا تعتقد إن عدم التواصل في السودان قد ساهم كثيراً
في خلق هذه الهوة العميقة بين المجموعات في معنى الهوية.. الجنوبيين مثلاً ...
فقلما تجد مع مشاغل الحياة الزمن – لو لم تجبرك ظروف معينة – فرصة للوصول
إلى الناس في مناطقهم حتى تكوّن قناعاتك الخاصة لا التي ورثتها عن مجتمعك
معلبة في أطر في الغالب الأعم ضيقة ومبنية على أكاذيب متراكمة.

فأنت نفسك قد ذكرت مرة ، أنكم ناس أمدرمان ما بتمشوا الخرطوم إلا للشديد القوي
وبتجوا راجعين سراعاً بعد ما تقضوا غرضكم .. فما بالك بحالنا والموضوع
داير سفر طويل ومخاطر محتملة ...؟

أو كان من الممكن أن تنقل التجربة الصادقة للمنطقة
من ناس زاروها وعرفوا الناس هناك على حقيقتهم – كحالتك مثلاً
والعمل على تغيير الفهم السائد.

والأمر الذي يدفع نحو المزيد من الفهم الخاطئ وجود أمثلة قليلة من أفراد
هذه المجموعات لم تتمكن من عكس صورة مشجعة عن مجموعتهم لوجودهم في
أدوار هامشية في المجتمع أو قيامهم بأعمال تصب في الفهم المسبق عنهم.

لذا جميل جداً أن أسمع منك هذه الأشياء كشاهد دون أن أحس
وأنا أقرأ في الموضوع بأنني الجاني أكثر مني الضحية والنتيجة
الحتمية لفعل منظومتي الاجتماعية الخاطئ

وأكرر إعجابي الكبير بكلامك دائماً

ولك الود