المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملحمة للوطن - عبد الإله زمراوي


imported_abu qusai
27-11-2006, 07:28 AM
ملحمة للوطن ، قصيدة جديدة لصديقي الشاعر عبد الإله زمراوي



ملحمة للوطن
عبد الإله زمراوي

(1)
لا تَحْزَنْ مثلى يا مولايْ
لا تَحْزَنْ من صحراءِ التِّيهِ وجورِ السلطان!
اضْرِبْ بعصاكَ اللْحظَةَ جوفَ البحرِ
خُذْنا مُقْتَدِرا كالبرقِ الخاطفِ، أخْرِجْنَا من هذا الكابوس
خَبِّئنا بين النهرِ وبين الوَرْدِ وغاباتِ الريْحانْ!

(2)
حين أتاك الليلُ بناحيةِ العتْمور،
زَحَف النيلُ وسار الجمعُ وسِرْنا نحوك تسبِقُنا الخُطُواتْ.
وليلٌ يُخْفى أسراراً تحت خدودِ النجماتْ!
كُنْتَ بقلبِ العصرِ وحيداً و شهيداً
تُوفى الكيلَ وتُقْرِي الضَيْفَ ولا يُظْلَمُ أحدٌ عندك يا مولاي
لو ألقاكَ وحيداً تَقتُلُني الكلمات!

ما ضرّك يا مولاي
إذا أقبلْتَ علينا ذات صباحٍ
مؤتلقَ الوجْهِ سليمَ الخاطرِ مُتّسِقَ الوجدان
وطفقْتَ تُغنِّى للخرطوم
تَتَغَزَّلُ في الأنْثَى أمدرمانْ!

ودَلفتَ بليلِكَ هذا مُنْطَلِقاً كالسَّهمِ النوبيِّ
قُبالةَ كَرْمَةَ، كُنْتَ تُشِعُّ ضياءً تُومِضُ بَرْقا
وتِهَارِقَا يدعوك الليلةَ من أجل نبيذٍ نوبيٍّ
بالقصرِ الملكيِّ الكائِنِ بين طلولِ العصرِ، وفوقَ قِبابِ الأزمانْ
وبليلك هذا أسْرجتَ الخَيْلَ لِعَبْرِي
تِلك الحَسْناءُ المَلأى بالأسرار
ولُقْمانُ العَبْريُّ الخَالِصُ كان يوزِّعُ حِكمته
مِثْلَ حكيمٍ نوبيٍّ آخر
يَرتَشِفُ العَرَقَ الأبيضَ مُنْتَشِياً
ويُغَنِّى للفجر الحالِمِ بالَطَمْبُورْ

(3)
ما ضَرَّكَ يا مولاي
إذا ما أقْبَلَ شَرْقٌ نحوك بالدُّفِّ
وبيسراه السيف ويمناه سواكن
يَرْتَشِفُ القهوةَ بالهيلْ،
مَمْشُوقَ القامَةِ طارَ إليك
تَحْكِي مَشْيَتُه دِقْنَةَ عُثْمانَ

كَأنَّ القادِمَ في ظُلَلِ غَمَامٍ،
كصلاة الفجر، بهاءً وحُضُوراً
كالقاشِ الصّاخبِ حينَ تَجِفُّ الوديانْ
كجبالِ التَّاكا وسواقِي توتيلْ،
كالمارِدِ طُوكَرَ، حين تغازِلُها الرِّيحْ.
كجبينِ الشَيْخِ الخَتِمِ الصُّوفِي،
كأنَّ القادِمَ نحوك يمضي ليشقَّ تلال الشَرْقِ بسيفٍ قُرَشِيّ!

(4)
ما ضَرَّكَ يا مولايَ إذا جاءتْ مِلِّيطُ تُغَنِّي
خَرَجَتْ من تحت عباءتها أُنْثَى
تَنْتَقِشُ الحِنَّاءَ بيُمْناها
وبِيُسْراها تُخْفِي قَلْبَ حبيبْ،
سَاَفَرَ عصراً كالشَّفَقِ الأَحْمَرَ
نحو بلادٍ لا تعرفُها، ومدائِنَ أخْرى غَرْقَى في الأحْزَانْ

ما ضَرَّكَ يا مَوْلايْ
لو كان العُمْرُ فَسيحاً في مِحْرابِكَ،
أو كُنَّا بالحَضْرَةِ مُنْقَسِمينَ على الذَّاتِ ومجذوبينْ،
وبَعثْتَ بهُدْهُدِكَ العارِفَ بالبُلدانْ،
ليُنَقِّبَ عن ذاك العاشِقَ، يُحْضِرَه مَخْفُوراً عند جلالِكْ
ليُقَبِّلَ عينَ المحبوبِ،
ويُسْقِيهَا خمرةَ باخوسْ،
لأنَّك يا مولاي ترومُ الحبَ وتهفو للإحْسَانْ

(5)
هل جاءك بعضُ حديثي عن طِفْلٍ تُورقُ عيناه بروقاً
وقف نحيلاً في محرابك
يشكو من رَعْدِ الأيَّام و شُحِّ الدُنْيَا
فَقْرَ الخاطِرِ يَشْكُو وضُمُورَ الوِجْدَانْ
وبِخِصْرِ الأيَّامِ تَعلَّقَ
يحكِي دوماً سِيرَتَهُ
فَيُبكِّي الغُرَبَاءَ ولا نَبْكي
يَبْكِي ظُلْمَ ذوِي القَُْربى، يَفْتَرِشُ الأحزان!

من بين ثنايا الكوخِ المَهْجُورْ،
يَخْرُج بَرْقٌ مِنْ دارفورْ،
يُزَلْزِلُ عَرْشَ الدُّنْيَا،
تبدأُ ثَوْرَتُها من عِنْدِ سلاطِينِ الفَوْرْ
الثورةُ ضِدَّ الظُلْم و ضِدَّ القَهْرْ،
الثورةُ ضِدَّ فَساد السُّلطانْ.

(6)
ما ضَرَّكَ يا مولايْ
لو أَنَّ العَيْنَ تُكَحِّلُهَا
من لونِ الأَبَنوسَ ورائحةِ الأناناسْ
إذ كُنْتَ تُهِيمُ بتركاكا وتُغَنِّي:
"من نخلاتك يا حلفا للغابات ورا تركاكا"
ودَلَفْتَ تُحَدِّقُ في الوادي الأخضَرَ مُنْتشِياً
لحقولِ الباباي ولِلْبَفْرةْ .

ما ضَرَّكَ يا مَوْلايْ
لو أنَّ العُمْرَ طويلٌ فى مَلَكَالْ
لَوَهَبْتَ قطيعَ الثيران مُهُوراَ للفاتنة السمراءْ
وكَسَوْتَ الغابَةَ باللؤْلُؤْ
ونفيسَ المُرْجَان!

(7)
يا وطني الشامِخَ مِثْلَ جبين الشَمْسْ،
لمحرابك آتي كالدرويشْ،
تركُلُنِي الأرجُلُ بالطرقاتْ،
أؤذِّن مِثْلَ بِلالْ
وأردِّدُ في سِرِّي ما قال الحَلَّاجْ:
"ما في هذي الجبة غَيْرُ الله"
أفْنِي ذاتي في ذاتك، في ذات الله
حتى يتوحّدُ عِشْقي في ذاتِك
ثمَّ أقول :
رأيتُ نبيَّ اللهْ،
ورَشَفْتُ القَهْوَةَ في حَضْرَتِهِ!
خَلَعْتُ رداءَ العَصْرْ
وتَوشَّحْتُ ثيابَ العِزَّةِ ثم لَبِسْتُ حرير العرفان.

شلالات نياجارا/ نيويورك
17 نوفمبر 2006

عكــود
27-11-2006, 08:44 AM
العزيــز أبو قصي،
سلام ..

يمكن القول أن عبدالإله زمراوي كتب هنا، قصيدة النَفَس الواحد . .
قصيدة تُقرأ بكل الحواس، وبدون توقّف أو وقفات.
ما أحوجنا، والوطن على شفا التمزّق، لمثل هذه الملاحم . .
ليتها وجدت من يلحّنها (على مستوىً عالٍ) ويغنّيها بأداء يشبه أناشيدنا الخالدة . .
ويتم بثّها خلال كل قنواتنا الإعلامية . .
يا ريت . .
فهي دروس في حب الوطن الواحد.

التحية لعبدالإله، ولك.

imported_abu qusai
29-11-2006, 05:34 AM
العزيــز أبو قصي،
سلام ..

ما أحوجنا، والوطن على شفا التمزّق، لمثل هذه الملاحم . .


فهي دروس في حب الوطن الواحد.

التحية لعبدالإله، ولك.

العزيز جدا عكود

لك التحية

حقا ما قلت يا عزيزي ، ما أحوجنا لمثل هذه الملاحم والوطن يكاد يضيع من بين أيدينا . مولانا عبد الإله رجل مسكون بحب الوطن حد الوله ، شرده هؤلاء القوم مع العشرات باسم الصالح العام ، فحمل عصاه مهاجرا مثله مثل الآلاف من أبناء الوطن الذين ضربوا في أركان الأرض ، يسكن منطقة نياقرا ولكنه يحلم بالعودة إلى السودان ليل نهار ، ولعله الآن في طريقه إليه ، بس الغريبة صاحبي بعد الفصاحة دي كلها لسه في ونسته بذكر المؤنث ، شفت السودان دا حلو كيف ..... ودام بهاك يا عكود وتحية للأسرة .

أبو قصي

imported_أم سهى
29-11-2006, 07:05 AM
يا وطني الشامِخَ مِثْلَ جبين الشَمْسْ،
لمحرابك آتي كالدرويشْ،
تركُلُنِي الأرجُلُ بالطرقاتْ،
أؤذِّن مِثْلَ بِلالْ
وأردِّدُ في سِرِّي ما قال الحَلَّاجْ:
"ما في هذي الجبة غَيْرُ الله"
أفْنِي ذاتي في ذاتك، في ذات الله
حتى يتوحّدُ عِشْقي في ذاتِك
ثمَّ أقول :
رأيتُ نبيَّ اللهْ،
ورَشَفْتُ القَهْوَةَ في حَضْرَتِهِ!
خَلَعْتُ رداءَ العَصْرْ
وتَوشَّحْتُ ثيابَ العِزَّةِ ثم لَبِسْتُ حرير العرفان

صديقي ابو قصي
وانا اقرأ هذه الكلمات التي يخفق معها كل قلب احب الوطن وحمله في حدقاته...... سرحت برهة وجاء في مخيلتي
"جامعة الخرطوم في ليلة ....الميدان الشرقي تتوهج انواره وأناس تفترش الارض الخضراء .. وكورال من شباب وطني يشدو ويردد هذه الكلمات ويدوي الطبل مع كل صوت راعد ,تهليل بني وطني وقطرات من دمع دافيء تبلل خدود الحسناوات صدقا وعشقا للوطن
هل نحلم صديقي بمثل هذا اليوم؟؟
دمت بعافيه

imported_abu qusai
29-11-2006, 08:49 PM
صديقي ابو قصي

هل نحلم صديقي بمثل هذا اليوم؟؟


نعم وألف مليار نعم . ونعم لكل من قال نعم حين قال الفاشست للتاريخ لا ، نعم ذاك اليوم آت لا ريب فيه ، يرونه بعيدا ونراه قريبا ، أقرب إلينا من حبل الوريد يا صديقتي ، ليس حلما يراودنا أو يدغدغ مخيلتنا ، بل هو واقع نعيشه ويعيشه شعبنا ، الذي ضيقوا عليه الخناق في كل مناحي حياته ، في معيشته وصحته وتعليم أجياله وفي حريته . وواقع المقاومة التي بذلها ويبذلها شعبنا رغم شراسة الطاغية المتغطرس تقول أن الفجر آت وقريييييييييييييييييييب .
أم سهى من حقك أن تحلمي بذاك اليوم ، وبالتأكيد ذاك اليوم آت ولك خالص الود والتحايا وتحياتي لزهير وكل الذين نحبهم طرفكم ...

أبو قصي