المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أفكار حول السمات الأساسية للدستور الديمقراطي (1)


imported_منال
01-03-2011, 06:20 PM
ينبغي أن ينص الدستور الديمقراطي على مبدأ السيادة للشعب

دكتور/ صدقي كبلو

مفهوم السيادة وطريقة ممارستها
ينبغي أن ينص الدستور الديمقراطي على مبدأ السيادة للشعب، فمثلاً يكون النص الدستوري في هذه الحالة “السودان جمهورية ديمقراطية السيادة فيها للشعب” وهذا نص لا يعبر فقط عن مبدأ ديمقراطية الدولة وإنما يشكل أساساً لمبدأ علمانيتها أيضاً، فمبدأ السيادة للشعب يشكل من ناحية دستورية المقابل الديمقراطي والعلماني لكل أشكال السيادة القائمة على الحق الإلهي Divine Right أو الحق الوراثي المطلق أو المقيد دستورياً في الأنظمة الملكية أو الديكتاتورية، فالنص لا بدّ أن يعلن بوضوح أنّ الشعب هو مصدر السلطات والتشريع؛ وفي الحقيقة لا يكفي هذا النص لمنع قيام دولة سلطوية إذ لا بدّ من النص على كيفية ممارسة الشعب لسيادته بشكل ديمقراطي وعلى أسس دستورية واضحة، حتى لا يدعي مدعي، كما فعل قادة انقلاب مايو، ممارسة السيادة نيابة عن الشعب بدون تفويض من الشعب ذاته أو كما نصت المادة الثانية من الدستور الانتقالي التي تقول “2ـ السيادة للشعب وتُمارسها الدولة طبقاً لنصوص هذا الدستور والقانون دون إخلال بذاتية جنوب السودان والولايات.” والتي أنها أفرغت المادة 4 (د) التي تنص على “(د) تُستمد سلطة الحكم وصلاحياته من سيادة الشعب وإرادته التي تُمارس عن طريق الاستفتاء والانتخابات الحُرة المباشرة والدورية التي تُجرى في اقتراع سري عام لمن بلغ السن التي يحددها القانون“. من معناها ففي رأيي أن الشعب يمارس سيادته عن طريق ممثليه الذين يختارهم في انتخابات دورية لمؤسسات دستورية يحدد الدستور واجباتها وصلاحياتها ودوراتها،كما يحدد بشكل عام كيفية انتخابها بينما يترك للقانون تفاصيل ذلك. فما هي الأسس الدستورية التي تقوم عليها تلك المؤسسات والتي على أساسها يمارس الشعب سيادته؟
السودان جمهورية برلمانية:
إنّ النص على إن السودان جمهورية برلمانية، ليس فقط انتصار لتوجه نظري يرى الجمهورية البرلمانية هي الأكثر ديمقراطية وإنما صيانة وتجسيد للتراث الديمقراطي البسيط والمتواضع لبلادنا منذ الاستقلال، حيث ترتبط الديمقراطية في ذلك التراث بالجمهورية البرلمانية وترتبط الديكتاتورية بالجمهورية الرئاسية ولنأخذ بعض الأمثلة:
SYMBOL 183 \f “Symbol” \s 10 \h الديمقراطية الأولى 1954-1958 حيث كان البرلمان يمارس الرقابة على الحكومة، واستطاع حجب الثقة عن حكومة السيد إسماعيل الأزهري ثلاث مرات أستعاد الثقة في مرتين منها واستقال عندما لم يستطع استعادتها في المرة الثالثة وترك رئاسة الوزارة لينتخب البرلمان السيد عبد الرحمن خليل رئيساً للوزراء. وأعيد انتخاب عبد الرحمن خليل للمرة الثانية بعد الانتخابات الثانية في 1958. ولكن السيد عبد الرحمن خليل عندما لاح في الأفق إمكانية سحب الثقة عنه، تآمر على النظام البرلماني وسلم الحكم للعسكريين.
SYMBOL 183 \f “Symbol” \s 10 \h حكومة 17 نوفمبر 1958-1964: حيث خول المجلس الأعلى الفريق عبود كافة سلطاته منذ الاجتماع الأول وقنن ذلك بعد انقلاب شنان الأول في 4 مارس 1959 فقد جاء في الأمر الدستوري الخامس أنّ المجلس الأعلى الذي أعيد تشكيله قد ركز في الفريق عبود جميع السلطات ليمارسها منفرداً مثل تعيين أعضاء المجلس الأعلى، وإقالتهم وتعيين الوزراء وإقالتهم، ونقض أي قرار للمجلس الأعلى أو مجلس الوزراء، وإذا أضفنا إلى ذلك السلطات التي كانت للمجلس الأعلى في الأمر الدستوري الأول قد خولها لرئيسه في اجتماعه الأول، نجد أنّ عبود قد اصبح السلطة الدستورية العليا في البلاد، والسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية (والتي يمارسها عن طريق تعيين رئيس القضاء وقاضي القضاة) والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وحتى بعد قيام المجلس المركزي فان السلطات الرئيسية بقيت في يد الفريق عبود..
SYMBOL 183 \f “Symbol” \s 10 \h الديمقراطية الثانية 1965 -1969 ولقد مارست الجمعية التأسيسية في الدورتين سلطاتها في انتخاب ومراقبة أعمال الحكومة وحجب الثقة عن حكومة السيد محمد أحمد محجوب الأولى وحكومة السيد الصادق المهدي الأولى وإجازة التشريعات والميزانية العامة.
SYMBOL 183 \f “Symbol” \s 10 \h فترة ديكتاتورية مايو 1969-1985 والتي يمكن تقسيمها لثلاث فترات:-
- 1969-1971، وهي فترة ممارسة مجلس الثورة لسلطات السيادة بموجب الأمر الجمهوري الأول واشتراكه مع مجلس الوزراء في عملية التشريع، والتي ظهرت فيها بوادر الديكتاتورية الفردية بتخويل المجلسين سلطاتهما للرئيس نميري الذي اصبح رئيسا لهما معا بعد إقصاء السيد بابكر عوض الله من رئاسة مجلس الوزراء بعد تصريحاته الشهيرة في المانيا الشرقية في نوفمبر 1969.
- 1971 -1973، وهي الفترة التي ساد فيها الأمر الجمهوري الخامس، والذي جعل من نميري رئيساً للجمهورية وأجرى استفتاء على ذلك وانتخب مجلس الشعب الأول الذي وضع الدستور الدائم. وقد شارك مجلس الشعب خلال هذه الفترة رئيس الجمهورية سلطات التشريع وسلطات الرقابة على الحكومة بشكل شكلي.
-1973-1985 وهي الفترة التي توضح بجلاء كيف أنّ النظام الرئاسي الجمهوري يقود وقد أدى فعلاً إلى ديكتاتورية الفرد الواحد، رغم انتخاب عدة مجالس شعب قومية وإقليمية، بل أن تجربة هذه الفترة أوضحت كيف أنّ النظام البرلماني (أو شبه البرلماني) الذي أنشأته اتفاقية أديس أبابا في جنوب البلاد لم يستطع الصمود أمام تسلط الجمهورية الرئاسية التي تقنن حكم الفرد المطلق الذي جاءت تعديلات الدستور في عام 1975 لتكريسه ولأي إغلاق أي ثغرة يمكن مقاومته عن طريقها بشكل قانوني.
SYMBOL 183 \f “Symbol” \s 10 \h فترة الديمقراطية الثالثة 1985-1989 وهيتن قسم لفترتين:
-الفترة الانتقالية أبريل 1985- يونيو 1986 والتي مارس فيها السلطة المجلس العسكري الانتقالي العالي ومجلس الوزراء وفقا للدستور الانتقالي لعام 1985 وهو دستور قد وضع بعد تكوين المجلسين وبواسطة لجنة معينة من قبلهما. وقد كانت السلطة التشريعية مشتركة بين المجلسين من ناحية شكلية بينما كانت من ناحية عملية مركزة في المجلس العسكري الانتقالي.
- فترة الجمعية التأسيسية يونيو 1986- يونيو 1989 وهي فترة العودة للنظام البرلماني وفقا لدستور 1985 الانتقالي، ورغم إن الجمعية قد مارست سلطات التشريع والرقابة على الحكومة مثلما حدث في الفترتين الديمقراطيتين الأولى والثانية، إلا أنّ أداء الجمعية التأسيسية قد تميّز بالضعف خلال هذه الفترة لغياب أعضائها عن الجلسات وانفضاض اجتماعاتها لعدم اكتمال النصاب وتأخير تكوين لجانها، وضعف أداء الحكومة التي انتخبتها والتي هي في الحقيقة اكثر من حكومة رغم عدم تغيير رئيس الوزراء. وهناك أكثر من سبب لضعف البرلمانية الثالثة: طول فترة الدكتاتورية الثانية (16 عاماً) وإنهاكها للقوى السياسية بحيث خرجت الأحزاب جميعها ضعيفة عدا حزب الجبهة القومية الإسلامية الذي استفاد من فترة تحالفه مع نميري وارتباطه بالمؤسسات المالية الإسلامية والرأسمالية الطفيلية، كما أن فترة مايو قد أحدثت تغييرا كبيرا في التركيب الاجتماعي ونمت خلالها الرأسمالية السودانية كطبقة دون أن تستطيع أن تنتج كوادر سياسية جديدة تعبر عنها أو تدفعها إما لقيادة الأحزاب التي كانت تاريخيا تعبر عنها أو تنشئ حزبا جديداً يعبر عن مصالحها وقد انعكس ذلك في الصراع الحامي حول من يقودها من تياراتها المختلفة، وقد كان لقصر الفترة الانتقالية أثراً واضحاً على أداء الأحزاب السياسية خلال الانتخابات العامة، ولعب المجلس العسكري دوراً كبيراً في أن تتم الانتخابات على عجل ووفقاً لقانون وتقسيم للدوائر انعكست أثارهما على نتائج الانتخابات سلباً مما أدى لانتخاب جمعية ضعيفة، كذلك أدى استمرار الحرب لعدم تمثيل الإقليم الجنوبي تمثيلاً حقيقياً.
أما من ناحية النصوص الدستورية فخلافاً لفترة حكم عبود، فيمكن في الحقيقة المقارنة بين دستور السودان المؤقت لعام 1956 بتعديلاته المختلفة (خاصة في عامي 1964 و 1985) وبين دستور السودان الدائم لعام 1973 (وتعديله الشهير في عام 1975)، إذ إنّ الدستورين يمثلان شكلين مختلفين : الجمهورية البرلمانية والجمهورية الرئاسية.
ولعل أهم اختلاف هو بين تركيز السلطات وتوزيعها أو تقسيمها، مما يصل إلى حد أن يكون ماساً بنظرية فصل السلطات الضرورية لأي نظام ديمقراطي. الجمهورية الرئاسية وفقاً لدستور 1973 تكاد أن تجمع السلطات جميعها في يد رئيس الجمهورية، فهو ليس رمزاً للسيادة فقط كما هو الحال في الجمهورية البرلمانية، بل هو عماد ورأس السلطة التنفيذية، وجزء لا يتجزأ من السلطة التشريعية (المادة 80 من الدستور الدائم لسنة 1973 المعدل 1975)، ورأس السلطة القضائية الذي لا يجلس في المحاكم! فهو يعين ويفصل رئيس وقضاة المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف و المحاكم الأخرى (المادة 188 من الدستور الدائم) وهو الذي يمنح العفو ويصدق على الأحكام (المادة 104 من الدستور الدائم) وهو الذي يعلن الحرب بموافقة مجلس الشعب ويرسل القوات المسلحة السودانية في مهمات خارج الوطن إذا ما اقتضت المصلحة الوطنية ذلك (المادة 105)، ومجلس الشعب (البرلمان) لا يمارس أي سلطة حقيقية تجاه سلطات رئيس الجمهورية الذي يشاركه التشريع، إذ انه لا يستطيع إلا أن ينصح رئيس الجمهورية بطرح جانب من سياساته لاستفتاء عام على شرط أن يكون ذلك بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس (المادة 109) وفي حالات وجود رئيس للوزراء مع الرئيس (وهذه حالة اختيارية للرئيس وفقا للمادة 89 من الدستور الدائم) فمجلس الشعب يستطيع أن يطلب من رئيس الجمهورية خلعه أو أي من وزرائه بأغلبية الثلثين (المادة 145)، بل إنّ هذه الأغلبية الكبيرة مطلوبة لإعادة سن قانون اعترض عليه و أعاده رئيس الجمهورية للمجلس (107) ويستطيع رئيس الجمهورية حل المجلس قبل مواعيده ويتطلب ذلك فقط التشاور مع رئيس المجلس.(المادة 108).
إذن الجمهورية الرئاسية تعطي سلطات واسعة للرئيس ويمكن فعلا أن تؤدي إلى الديكتاتورية المدنية.
تجربة دستور 1998 المسمى بالدائم
ودون التعرض لكيفية وضع وصياغة و إجازة دستور 1998وأنه دستور ناتج عن انقلاب عسكري غير شرعي أطاح بالحكومة والدستور الديمقراطي، فإننا نجد أن دستور 1998 هو صورة أخرى لتجسيد سلطة الفرد. ولنقرأ معا المادة 43 من ذلك الدستور لنرى سلطات رئيس الجمهورية:
“يمثل رئيس الجمهورية الحكم والسيادة العليا، يقوم قائدا أعلى لقوات الشعب المسلحة والشرطة والقوات النظامية الأخرى، ويختص بصيانة أمن البلاد من الأخطار وحفظ عزتها ورسالتها، والإشراف على علافاتها الخارجية ويرعى سيرة القضاء والعدل والأخلاق العامة ، ويرعى المؤسسات الدستورية، ويعبئ نهضة الحياة العامة، وله في ذلك الاختصاصات والسلطات وفق أحكام الدستور والقانون:-
-تعيين شاغلي المناصب الدستورية .
-رئاسة مجلس الوزراء.
-إعلان الحرب وفق أحكام الدستور والقانون.
-إعلان حالة الطوارئ وفق أحكام الدستور والقانون.
-حق ابتدار مشروعات التعديلات الدستورية والتشريعات القانونية والتوقيع عليها.
-التصديق على أحكام الإعدام قتلاً ومنح العفو ورفع الإدانة أو العقوبة.
-تمثيل الدولة في علاقاتها الخارجية بالدول والمنظمات الدولية وتعيين السفراء من الدولة واعتماد السفراء المبعوثين إليها.
-التمثيل العام لسلطان الدولة وإرادة الشعب أمام الرأي العام وفي المناسبات العامة.
-أي اختصاصات أخرى يحدده الدستور أو القانون.”
وبذلك يكون دستور 1998 يقيم سلطة للفرد، ويقنن للديكتاتورية .
ورغم خصوصية دستور السودان الانتقالي لعام 2005 والذي جاء نتيجة لإتفاقية نيفاشا فهو قد احتفظ لرئيس الجمهورية بنفس السلطات:
اختصاصات رئيس الجمهورية
58 ـ (1) رئيس الجمهورية هو رأس الدولة والحكومة ويمثل إرادة الشعب وسلطان الدولة، وله في ذلك ممارسة الاختصاصات التي يمنحها هذا الدستور واتفاقية السلام الشامل، ومع عدم الإخلال بعموم ما تقدم يتولى المهام التالية:ـ
(أ) يصون أمن البلاد ويحمي سلامتها.
(ب) يشرف علي المؤسسات الدستورية التنفيذية ويقدم نموذجاً للقيادة في الحياة العامة.
(ج) يعين شاغلي المناصب الدستورية والقضائية وفقاً لنصوص هذا الدستور والقانون.
(د) يرأس مجلس الوزراء القومي.
(هـ) يدعو الهيئة التشريعية القومية للانعقاد أو يؤجل انعقادها أو ينهي دورتها.
(و) يعلن الحرب وفقاً لنصوص هذا الدستور والقانون.
(ز) يعلن وينهي حالة الطوارئ وفقاً لنصوص هذا الدستور والقانون.
(ح) يبتدر التعديلات الدستورية والتشريعات ويصادق على القوانين.
(ط) يصادق على أحكام الإعدام ويمنح العفو ويرفع الإدانة ويخفف العقوبة وفقاً لنصوص هذا للدستور والقانون القومي.
(ى) يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية ويعين سفراء الدولة ويعتمد السفراء الأجانب.
(ك) يوجه السياسة الخارجية للدولة ويشرف عليها ويصادق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بموافقة الهيئة التشريعية القومية.
(ل) ينشد رأي المحكمة الدستورية في أي مسألة تنشأ حول الدستور.
(م) أي مهام أخرى يحددها هذا الدستور أو القانون.
صحيح أنّ الدستور قيد بعض الممارسات بموافقة نائبه الأول، ولكن ذلك القيد ينتفي بعد 9 يوليو 2011 بعد نهاية الفترة الانتقالية.
إنّ النظام الرئاسي الذي نتخذه هو نظام يقود للديكتاتورية المدنية ويركز السلطات في شخص واحد وتشهد بذلك كل تجاربنا في الجمهورية الرئاسية وتجارب البلدان النامية في أفريقيا (زامبيا كاوندا، كونغو موبوتو، صومال زياد بري، كينيا منياتا، زمبابوي الحالية، وغينيا سيكوتوري، وغيرها) والدول العربية (تونس، مصر، الجزائر، سوريا، اليمن، العراق تحت صدام وعارف وقاسم) وأمريكا اللاتينية .
وهذه أنظمة تختلف عن كل الأنظمة الرئاسية الديمقراطية كالنظام الأمريكي والفرنسي، واللذين نتحفظ على صلاحيتهما للسودان كما نوضح فيما يلي.
النمط الأمريكي للجمهورية الرئاسية
إنّ دعاة الجمهورية الرئاسية يتحدثون دائماً عن النمط الأمريكي وينسون أنّ النظام الرئاسي الأمريكي يلعب فيه المجلسان (مجلس النواب ومجلس الشيوخ والأخير على وجه التحديد) دوراً كبيراً ولولا استقرار هيمنة الرأسمالية الأمريكية وهجمنتها لتفجرت الأزمات السياسية في النظام الأمريكي بشكل أعمق من أي نظام برلماني في العالم ذلك أن النظام الأمريكي قد يصل إلى طريق مقفول اذا ما احتدم الخلاف بين الرئيس ومجلس الشيوخ، كما حدث في نهاية عام 1995 وبداية عام 1996 النظام الأمريكي الدستوري لا يقدم حلاً للاختلاف بين الرئيس والمجلسين . مجلس الشيوخ مثلاً لابد أن يوافق على كل التعيينات للمناصب الدستورية العليا (عدا منصب الرئيس ونائبه) التي يقوم بها الرئيس فمن ناحية نظرية يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تقضي وقتاً طويلاً بدون وزير دفاع أو رئيس قضاء اذا ما رفض المجلسان تعيين مرشحي الرئيس للمنصبين، بل أن الرئيس محتاج كل مرة يقدم فيها قانوناً جديداً لبذل مجهود ضخم لإقناع المجلسين، إذ أنه بدون ذلك المجهود قد لا يوافق المجلسان على مشروع القانون المقترح من الرئيس وقد أوضحت أزمة الميزانية في نهاية عام 1966 وبداية عام 1997 أن دولة كبيرة كالولايات المتحدة يمكن أن تغلق مكاتب الحكومة الفيدرالية لأنّ مجلس الشيوخ رفض التصديق على القانون المالي المقدم من الرئيس .
إنّ ما حدث في الولايات المتحدة لا يمكن أن يحدث في نظام برلماني آخر، أولاً لأن النظام البرلماني يضمن أن حزب الأغلبية هو الذي يشّكل الحكومة، بينما النظام الأمريكي قد يأتي برئيس لا يتمتع حزبه بالأغلبية في أحد المجلسين أو في كليهما. وبما أنه في النظام البرلماني اذا قرر النواب أن لا يمرروا قانوناً مقدماً من قبل الحكومة فإن ذلك يعني حجب الثقة وضرورة استقالة الحكومة أو حل البرلمان والرجوع للناخبين لانتخاب برلمان جديد.
لقد كانت الحرب الباردة تحفظ تناقضات الرأسمالية الأمريكية في حدود دنيا ولكن بغياب الخطر الخارجي فإن هذه التناقضات قد تتأزم مثلما حدث في أزمة الميزانية المشار إليها سابقاً.
نواصل


المصدر صحيفة الميدان

imported_منال
01-03-2011, 06:31 PM
أخيرا : الميدان تصدر عن الحزب الشيوعي
وافق مجلس الصحافة والمطبوعات أمس الأول على تحويل ملكية جريدة الميدان من شركة دار التنوير للطباعة والنشر إلى الحزب الشيوعي السوداني، وذلك بعد إجازة قانون الأحزاب الذي يعطي الأحزاب المسجلة الحق في إصدار الصحف بدلاً عن ربط ذلك بتأسيس شركة حسب قانون الصحافة والمطبوعات، وبموجب هذه الموافقة يصبح الحزب الشيوعي مالك وناشر لصحيفة الميدان.
يذكر أن الحزب الشيوعي كان قد تقدم بطلب للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات في مطلع شهر مايو الماضي بتحويل ملكية الصحيفة له بعد تنازل شركة دار التنوير عن اسم العمل للحزب.