العزيز خالد والمتداخلين
الشيء المحير أن الناس صاروا مستغربين أو متظاهرين بالإستغراب لإشهار صور فتيات من شمال ووسط السودان من القبائل التي يقال عنها (عربية) واحدهن فتاة تحمل شلوخ الشايقية أهل العروبة في السودان . نحن كنا نعرف وكتبنا الي ان خلص حبرنا بان الفتيات في وسط وشمال السودان كن يمشين كاشفات الصدور لا يرتدين اي شيء سوي الرحط الذي هو عبارة عن سيور من الجلد .
بعد زواج الفتاة تلبس القرقاب او القرباب وهو الإذار .
الدليل :
(1) المهدي في منشوراته عندما كان يستنهض اهل الوسط للانضمام إليه كان ينبه عليهم بان لا تاتي نساءهم كاشفات الصدور مثل نساء البقارة .
ونساء البقارة وكثير من نساء غرب النيل كن يمشين كاشفات الصدور حتى في الستينات وشاهدتهن بعينيا .
(2) بابكر بدري في مذكراته الجزء الثاني ذكر انه عندما كان مفتش تعليم في نهاية العشرينات انه شاهد فتيات الجعليين وهن يعملن في مزرعة الخواجة في لقيط القطن . وشاهد معهن احد فتيان الجعليين ، فقال له بابكر بدري غاضبا دفعوا ليك كم في العرض ده ؟
فغضب الفتي وأراد أن يعتدي علي بابكر بدري الذي طيب خاطره وقال له إذا أنا وانت عاينا للبنات ديل بدون غرض سيء هل تفتكر الخواجة بينظر ليهم نظرة بريئة؟ .
وتحدث بابكر بدري مع كبار الجعليين وطلب منهم أن لا تكشف البنات عن أجسامهن .
وأن يطالبوا بأن يسلموا القطن في مناطق جنيه وأن لا تلزم الفتيات علي أخذ القطن إلي محطة الوزن .
الزيداب طبعا هي أول منطقة بدأ فيها انتاج القطن في السودان . ولقد أتي الإنجليز بالمصريين في الأول لتعليم السودانيين . ولهذا بدأت البولهارسيا في الزيداب لأن المصريين هم من نشروها ، ثم عمت كل السودان حتى مناطق في دارفور . وعمر ابن العاص هو الذي أشار إلي المصريين الذين يحيضون كالنساء بسبب مرض البولهارسيا .
(3) الفتيات في شمال السودان ووسطه كن يمشين عاريات الصدور وكما أوردت من قبل أن قطع الرحض يعني أن البنت العروس تأتي عارية إلا من رحطها وتغطي بفركة قرمصيص .ويقوم العريس بكشف الفركة ويقطع رحط البنت لكي تقف عارية كما ولدتها أمها ويعلم الجميع أن "البضاعة" قد سلمت سليمة . وذكرت قصة العريس الذي كشف الفركة وقفل إلي الخلف عندما اندهش لكبر نهود العروس فارتجل الطنباري :
"عريسنا ما تخاف
النهود كبار واحد مخدة والتاني لاحاف" .
أول شيء الناس كانو فقراء والنسيج كان هو نسيج الدمور الخشن .
ولم يكن هنالك سوي القماش الذي يأتي من مصر . ولهذا كان المثل السوداني يقول (الريف إن شاء الله ما يجينا منو غير القماش). نسبة للمصائب التي أتتنا من الريف لكن القماش المصري كان حلما للكثيرين .
نسمع المثل قميص عامر . وقميص عامر منسوب إلي عامر أزرق التاجر الثري في الأبيض الذي تأخر بسبب مشغولياته وتجارته ولم يذهب إلي القاهرة ولكن وصي شخص أن يذهب إلي ترزي معين في القاهرة وطلب قمصان وعندما استغرب المرسال عن غرابة الطلب قال الوجيه عامر أزرق : بس قول ليه قميص لي عامر .
ولهذا صار المثل (قميص عامر الفصلو في الريف وطلع قدرو) .
النسيج كان يعتبر عملة في السودان ويعرف بالفتقة وهي خمسة اذرع . وهنالك مثل سوداني يقول : (اتحققي واطلقي). وهذا يقوله الرجل لإمرأته التي تطلب الطلاق . ويعني تنازلي عن حقوقك من مؤخر ونفقة وتنالين الطلاق.
ولقد أورد بابكر بدري في الأمثال السودانية الجزء الأول قصة أجواد ود رعية . وفي التراث السوداني يطلق علي الشخص الذي يحب المشاكل والفتنة ويسبب الضرر
مثل "البصيرة أم حمد" عندما قالت له إمرأة أن زوجها رفض تطليقها بالرغم من أنها دفعت له 19 فردة من العشرين المتفق عليهم لإيقاع الطلاق قال لها أجواد ود رعيةانت كضابة ما عايزة تطلقي كان دفعتي ال 19 الاخيرة ما كان بتغلبك . ثم قال اجواد ود رعية للراجل إنت راجل كضاب كان إنت عايز الطلاق كنت عفيت ليها الاخيرة فأوقع أجواد ود رعية بينهم الطلاق . وأجواد ود رعية هو الذي ينسب إليه أن أحدهم أعطاه مهرا كي يخطب له إمرأة ورجع بعد مدة وعند السؤال قال : والله إنت أبوك بي الله واحد وأنا بعد تعب حتى المرا وافقت بي .
في طفولتنا شاهدنا الرجال في كثير من مناطق وسط السودان وهم لا يرتدون سوي التوب يلفونه حول وسطهم في أثناء العمل ، ويتلفحون به كالملبس الوحيد ويتغطون به في الليل .
أخي عبد الرحمن عبد الماجد الذي سكن معنا في اسكندنافيا لفترة طويلة وهو من حلة عبد الماجد المنسوبة إلي جده في الجزيرة ، كان يحكي لنا في لحظات الأنس أن والده كان ميسورا وكان بعض الرجال يأتون ويقولون له : قول لي أبوك يسلفني سروال أنا ماشي المناقل .
وهذا في بداية الخمسينات .
بابكر بدري أورد في مذكراته الجزء الأول أنه أضاع توبه وهو يسبح في النيل فخاف من العقاب نسبة لفقر أسرته والتوب كان كل ما يمتلكه الانسان خاصة الاطفال. فقام بسرقة ثوب أحد العبيد الذين كانوا يسبحون في النيل . ولأن التوب كان كبيرا فقد نصحه صديقه ن يقوم بقطع الجزء الزائد من التوب حتى لا ينكشف ويعرف أنه سرق توبا كبيرا .
المشكلة أننا نرفض تأريخنا ونصر علي أشياء لا وجود لها . يجب أن نحمد الله علي ما وصلنا إليه . وأن لا نتعالي ونمارس النفاق وتزوير التأريخ والنفخة الفاضية .
هذا الموضوع كله مكتوب من الذاكرة فمن يريد يمكن أن يفند الحقائق التي أوردتها أو الأكاذيب ويحكم علي شوقي بالتأثر بالحضارة الأوروبية والتنصل من القومية ومحاباة الإمبريالية والصهيونية العالمية .
لأنه أنا بحب السودان بتذكر جنس الكلام ده وأكتر .
|