فى تلك الليلة..
كان ( نادر بهلوان) ، يمشى فكأنما يتزلق على وسادة من الهواء !!
يهمهم بهدوء و ثقة و هو يتحسس ربطة عنقه الحمراء ، مثل شخصية نجيب محفوظية
..حلفنا نعيش لحاضرنا.
بين الفواصل ظل ( عركى) يغنى لعركى ، سلاما ووردا و تحايا ، و مراسيل شوق..
صاح....ياربنا
قلنا...يا قادر
صدح..واحشنى...فذهب الخلق مناسك شتى!!
هتف...بخاف
ذهبنا من ساعتنا نسأل الناس ، دون خوف او استحياء ، عن كل النساء اللواتى تدثرنا بعشقهن، عدنا بزهو الحب على اذرعتنا و بيننا الأطفال ابهى ما نكون جمالا و اشد ما نكون سطوعا ، قلنا..مافى الحقائق اكثر عارا من العشق الذى لا يورث الوجل ، و لا الشدو الذى يورث الملل، انصتنا بكلياتنا الى ألأغنية ..خضراء ، ما ذبلت و لا آلت الى حريق تقلب فيه الوطن بين بزة عسكرية و اخرى ، و بصدرينا –يقول صلاح- آمالنا و رغائبناو احلامنا المشتهاة ، و حبائل سرية مع الذين ولدوا فى اكناف الصدق ، و الذين وشموا بسمات انفاسنا و ملامح افراحنا التى لم تأت على وعدها ، صفاءا يسمو فوق هزيم رعد غربتنا الممتدة ، هفونا الى بعض حمأ الهوى الذى اكتوينا بناره و لهيبه ، حتى تهاوينا
قطعة قطعة
قطرة قطرة
زفرة زفرة
بين الفواصل ..كان
يحمد السرى و السعى بين المقاعد المتراصة المتحفزة ، بينها و بين المساحة المحتقنة بفراغ شحيح ، و حتى ساعة اعتلاءه لفسحة ضيقة على المسرح، تمتد عبرها اسلاك و اشواق و الات موسيقية ووشم صينى على الحائط الخلفى و افواج الذين اتوا من اقاصى الأمكنة ليؤدوا فروض السمع و الطرب ، يقابلهم بأبتسامة مشعة ، مبتسرة متشربة بأرق و قلق و حزن و عاطفة و فطنة و شاعرية ، ثم لايلبث يبادلهم ، شوقا بشوق ، و اغنية بأغنية ..مسكون بصوقبة الأيقاع، قال ابنى يصف موسيقاه بأقصى ما تأتى له من مفردات خياله الغض
Damn..Thats groovy!!
فأستقام كتفا لكتف ، (آيك تيرنر) ( ستيفى ووندر) ، و ( موريس وايت) ، بيد ان شع فى خاطرى ، مداخلة ( الترومبيت) المحسوبة بمقدار فى أعماق ( نوبية) ، و تهويمات ( تشايكوفسكى) فى خضم سيل صداءات ( بستنشقك) الحالمة ، و تواتر نقاط التقابل فى اغنيات عذبة مثل ( فى عينيكى دنيا غريبة) ، و ( انتى نيل) ، و التأرجح الذى لا ينقطع عن نقاط ارتكازه فى ( التوب) ، و ( يوم رحيلك) ثم ( ياقلب).
ظل ( نادر بهلوان) سابحا فوق اثيره ، ووسائده الهوائية ، حتى ختام الأمسية ، عاد اصبى من صباه الذى تصرم خلال ثلاثين عاما قضاها ( فى شعب الصقيع) ، توهج و لازمته الأبتسامة و السماحة، فأقتصد فى جمع الحزن و كف يداه عن اللحاق به ، و بذل بسخاء فرحه على الذين من حوله ... (عركى) بلحمه و دمه يقف مغنيا على مبعدة ميل من شقته!! شقته التى امتلأت بتسجيلات عركى ، صور عركى ، و ازدانت بأستار الولاء لعركى
ما أسعد ( بهلوان) هذه الليلة!!!
تاج السر الملك