كتب أخي وصديقي الشاعر حقا/ عالم عباس يقول:
كنت وفضيلي( في زمان مضى)تربطنا علاقة غريبة!
كلانا يقول الشعر ويتخذ من أخيه ما يشجعه ويحفزه للتجويد، ورغم ذلك كان كل منا يحس أنه يكمل الآخر ، فكأننا صدر البيت وعجزه
لم نحس أبداً أننا نتنافس أو أن أحد منا يحاول أن يسبق الآخر، لذا كان كل منا ينقد أخاه بحب ويستمع إلى نقد أخيه بأذن محب، ورأي صديق وبقلب المؤمن (الذي هو مرآة أخيه)!
أؤكد لكل من قرأ هذه السطور أن ما قاله أمير القافية الطروب أخي عالم عباس كان ولما يزل ديدننا . على الصعيد الشخصي لم أحس ذات يوم أننا - عالم وأنا - موضع تنافس في كتابة القصيدة. ولعل البعض يدهش إن قلت بأني في كثير من الحالات أقع أسير شعر عالم كغيري من قرائه ومحبي شعره الكثر. .فأكثر من قراءة النص الشعري حتى أحفظ منه مقاطع . ولعل أفضل من وصف حالتينا الكاتب الأستاذ عبدالله آدم خاطر الذي نفى أي تشابه في الخطاب الشعري بيني وبين أخي عالم . ففي رأيه -وأنا أصدقه تماما - أن عالم إبن مدينة يصدر عن حالة ثقافية يختلف قاموسها ونفثها الشعري تماما عن حالة إنسان كانت البداوة ومجتمع القرية -وما زالت - جزءا من طبعه وسلوكه.
نعم.. عالم وشخصي الضعيف - تجمعنا أكثر من فكرة ويؤلف بيننا أكثر من حلم ..يكفي أننا جئنا من خلفية جغرافية واحدة (غرب السودان) ، ولما كان عالم يغني للإنسان المهمش في دارفور باكرا في السبعينات في رائعته "وادي أزوم" التي نال بها جائزة أفضل شاعر شاب على مستوى الجمهورية ، كنت وقتها قد دخلت عالم الشعر وأنا أصرخ في وجه المركز بقصيدتي : "كردفان تصحو" . كنا في القصيدتين ننادي الآخر الممسك بزمام السلطة وأدوات التمدن أن يسمعنا وأن يعي ما نقول..لكن يبدو أننا كنا نؤذن في مالطة !!
على الصعيد الأسري فإن الذي يجمع بييننا أكبر من مجرد لقاء شاعرين في القصيد و دوح الأدب. من فاشر اب زكريا حيث تتوسط منازل آل محمد نور عالم قلب حاضرة دارفور مرورا بالخرطوم العاصمة وانتهاء بمدينة جدة عروس البحر الأحمر كنت أجد عالم عباس إلى جانبي دائما نعم الأخ ونعم الصديق. أعرفه شخصا خلوقا شديد التهذيب إلى درجة الإرباك إن أنت حاولت مجاراته..وعالم يعرف تماما أنني أصدر معه عن عفوية قحة في الحديث متمسكا بقرويتي ذريعة لسد منافذ الحرج. ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد طالما شربت المقالب من عالم وصديقنا المشترك الشاعر الثائر إبن ام درمان الأستاذ كمال الجزولي. اتفق عالم وكمال ذات مرة أن ينسبا إلى الأخير أن جدته أصلا من غرب السودان ..وصرت أنا كلما علمت أن شجارا قد نشب بين كمال و"عصابة" الأمن -وقد حدث ذلك عدة مرات - قلت لعالم عباس مزهوا: ليس غريبا أن تمنحه جدته "الغرباوية " هذه الشجاعة !! تصور أن عالم عباس وكمال الجزولي يصومان عن قصد عن كشف الحقيقة لي حتى يمر زمن طويل ، ولا يزالان - حين يودان إغاظتي - يذكران هذه الطرفة.
شهادتي عن عالم عباس كشهادته هو عني - كلاهما مجروحتان ولا يخلوان من غرض المحبة الخالصة ..لكني وددت فقط أن أقول لقراء هذه الصحيفة الإليكترونية الناجحة بأن علائقنا البشرية النبيلة فوق كل انماط التنافس ..وأن عالم الشعر والفنون الراقية -على عكس عالم السياسة المشحون بسموم صراع السلطة وأوهام التسلط - لا يقبل سوى العف الجميل.
التعديل الأخير تم بواسطة فضيلي جماع ; 10-04-2006 الساعة 10:27 AM.
|