وداع بيروت . . .( قصيدة )
وداع بيروت . . .
جمال محمد ابراهيم*
وَمَـا ودّعـتُ إذْ ودّعـتُ "هوْمـــــا"
غَـداةَ أزاهِري أضْحَــتْ هَشيــْمَا
وهَــذي الطائِــراتُ تقـِلّ رَحْلِي
إلــىَ سَفَـرٍ قُصــَاراهُ جَـحــيْـــمَا
تُـردّدَ في حُميّــــــاهَــا هَسيــْساٌ
يُضـيءُ ذُبـالـُـهُ ليــــْلاً بَهيــْـــمَا
وَبيْـروتُ التي أسَـرَتْ فـــؤادِي
كمَا أسَـرَتْ خزامَـاها الغُيـــومَـا
تــوَاءَم فَوْحُـها بِندَى صَبَـــاها
فأبقـتْ للـرّبيـعِ شـــذَىً مُقيــْـمَا
وقلـتُ لبحْـرِ بَيْروتَ انتظِرْني
فَفيـْمَ نوَارِسِـي فِـي اليَـمِّ ، فيْـــمَ ؟
وإنّ قوَاربي في الرّملِ تَرْعَى
وَلَمْ تَبْــــرَح بواطِنُـــــهَا أديــْـــمَا
وَمـا حـــدّثت أَرْزاً فـي جِبـَــــال ٍ
رَعـَتْ "جبرانَ" واحْتَضَـنتْ "نُعيْـمَه"
فكيـْـفَ أرُدُّ غـَـدْراً مِــن زَمَـانٍ
وَكَيـفَ أصُـدُّ قهّـــــاراً لئيــْـــمَا ؟
تحَاشَى أنْ يُبــــارِزَنِــي عَيـــَانا
فَاضْحَـى فِي مخَـازيهِ ظَلــوْمَــــا
وَأخْزَى مَنْ يُـراوغَ مِثـلَ طيـْفٍ
تَرَى شَيْطـانَهُ شَبـَــحَاً رَجيـْـــمَا
وَمَـا فارَقْـتُ إذْ فارَقـــتُ يوْمــاً
وَلكنّــِي احتَـمـَلْتُ أذَىً وَضيْــــمَا
تُعاتبُـني الحَبيْبـَةُ كيْــفَ تَرْحَــل
وَتحسَبُنـي أُغَادِرهـَـــا مَـلــــوْمَـا
وَيُضْـمِرُ قلبُــــها وَلعـــَــاً وَودّاً
كإضْمَارِ الكَظيْـمِ شجَىً كَظيــــْمَا
يُخـالِـجَ مُهْجَـتي تَوْقــي إليـْـــهَا
أُكَتـّمُـهُ فضَـــاقَ بِـــــهِ كُتُــــومَا
دَنَـوْتُ فَصِرْتُ أبْـعَـدَ في دُنوّيّ
نأيْتُ فكُنـتُ أقـــرَبَ أنْ أهيْــــمَا
مَطـــاراتُ المَـــدائـنِ أنكَـرتْنـــي
كَـأنِــيَ فــي مَدَارِجِـــــهَا يَتيـــــْمَا
فلا جَبـَـلٌ يرَانـــيَ فيـْــهِ خِــــلٌ
وَلا بَيـْـروْتُ أبْقَــتْ لِـي نَـديـْــمَا
الخرطوم- يونيو/حزيران 2009
*سفير السودان السابق في لبنان
التعديل الأخير تم بواسطة جمال محمدإبراهيم ; 09-07-2009 الساعة 12:11 AM.
|