نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-02-2009, 02:27 PM   #[1]
عبدالرحمن حمد
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي جدلية الموت والحياة فى أشعار الشابى

.... تظل موضوعة الموت _ رغما" عن حضورها الدائم كحقيقة لامفر منها_

القضية الاقل تداولا" فى ساحات الاداب والفنون ... وبالرغم من ان تيار الحداثة

فى الادب والذى طال الشكل والمحتوى دفع بقائمة طويلة من الموضوعات الجديدة

لتشغل مكانة مرموقة فى أجندة الادوات الابداعية ... الا ان هذا الموضوع (الموت)

ظلت حوله الكثير من الدوائر الحمراء وربما يرجع حذر المبدعين منه باعتبار

ان ادوات الابداع وان كانت موضوعية تخدم غاية معينة فهى بالضرورة تحمل فى

طياتها جانبا" ترفيهيا" يرفع عن كاهلنا المثقل الكثير من العناء ..

ولذا كان هذا الموضوع ربما ايضا بما يحمل من طبيعة مضادة لفطرة ووجود

الانسان .. الاقل مدعاة للطرق والتناول ..

حتى أطلت قامة جديدة فى سماء الادب العربى ... الشاعر المهول ابوالقاسم الشابى

الذى ورغما" عن قصر تجربته الشعرية نسبيا" الا انه استطاع ان يفجر العديد من

الاسئلة الوجودية الضخمة شارعا" بذلك النوافذ لتناول قضايا ظلت حبيسة أديرة

العبادة وسراديق المآتم ...

....

القارىء بعناية لنصوص مجموعة ((اغانى الحياة )) يلاحظ كثافة تناول الشابى

لجدلية الحياة والموت باكثر من طريقة واسلوب ويبدو هذا واضحا" حتى فى

عناوين قصائده : ياموت .... حديث المقبرة ... الى الموت .... فى ظل وادى الموت

وغيرها من القصائد ..

...
يتناول الشابى هذه الجدلية فى شكل حوار فلسفى عميق مداره الحياة والموت

والخلود والكمال من خلال نص (حديث المقبرة) فى محاورة بين الشاعر وروح

فيلسوف قديم :

كبير على القلب هذا العناء

وصعب على القلب هذا الهمود ..

وماذا على القدر المستمر

لو استمرأ الناس طعم الخلود ..

فدام الشباب وسحر الورى

وفن الربيع ولطف الورود ..

وعاش الورى فى سلام أمين

وعيش نضير رخى رغيد ..
.......

لكن الحكمة الازلية تجيبه على لسان الفيلسوف لتسكبه على قلبه برد اليقين :

تأمل .. فان نظام الحياة

نظام دقيق بديع فريد ..

فما حبب العيش الا الفنا

و لا زانه الا خوف اللحود ..

ولو لا شقاء الحياة الاليم

لما أدرك الناس معنى السعود ..
........

ويبدو ان حديث الفيلسوف قد أثر على نفس المرهقة بكثرة الاسئلة فعاد يناجى

نفسه الحالمة بالخلود وطول البقاء :

ولكن اذا ما لبسنا الخلود

ونلنا كمال النفوس البعيد..

فهل لا نمل دوام البقاء

وهل لانود كمالا" جديد ..

وكيف يكونن هذا الكمال

ماذا تراه؟؟ وكيف الحدود ؟؟..

وان جمال الكمال ((الطموح))

ومادام فكرا" يرى من بعيد ..

فما سحره ان غدا ((واقعا"))

يحس وأصبح شيئا" شهيد ...

............

وهاهو الشاعر يعود ليعالج نفس الموضوع فى سياق عاطفى بديع من خلال

نص (قلب الام) متناولا" مأساة وفاة طفل صغير كان بهجة الوجود لأهله وجيرانه

وأصدقائه ... ولكن :

.. وتفرق الناس الذين الى المقابر شيعوك ..

ونسوك من دنياهم .. حتى كأن لم يعرفوك ...

.......
حتى الرفاق .. فانهم لبثوا مدى يتساءلون ..

فى حيرة مشبوبة : أين أختفى ذاك الأمين ..؟؟

لكنهم علموا بأنك فى الليالى الداجية ..

حملتك غيلان الظلام الى الجبال النائية ..

فنسوك مثل الناس وانصرفوا الى اللهو الجميل ..

بين الخمائل والجداول .. والروابى والسهول ..

........
وتبقى حقيقة الطبيعة البشرية .. فبالرغم من كونها تسير بمحاذاة الموت .. الا

أن المساحات المسموح له بها فى الذاكرة تظل ضئيلة محصورة :

كل نسوك .. ولم يعودوا يذكرونك فى الحياة ..

والدهر يدفن فى ظلام الموت حتى الذكريات ..

الا فؤادا ظل يخفق فى الوجود الى لقاك ..

ويود لو بذل الحياة الى المنية وافتداك ..
.....

وحتى أثناء صلوات الشاى فى هيكل حبه لتلك العذبة كالطفولة والاحلام

واللحن والصباح الجديد .. فانه مازال ينادى ... ((نص صلوات فى هيكل الحب))

أنقذينى من الاسى فلقد

أمسيت لا أستطيع حمل وجودى ..

فى شعاب الزمن والموت

أمشى تحت عبء الحياة جم القيود ...

............
ويبدو أن قسوة الحياة الصعبة التى عاشها شاعرنا وحجم المرارات التى

ذاقها من خلال هذا العمر القصير قد أعلت من شأن الموت عنده باعتباره

خلاصا" ابديا وراحة دائمة (نص الى الموت) :

..هو الموت طيف الخلود الجميل

ونصف الحياة الذى لا ينوح ..

هنالك خلف الفضاء البعيد

يعيش المنون القوى الصبوح ..

يضم القلوب الى صدره

ليأسو ما مضها من جروح ..

ويبعث فيها ربيع الحياة

ويبهجها بالصباح الفروح ..
...............

وتتكرر معاناة الشاعر الفردية فما يلبث ان يناجى صديقه الموت وفى

مناسبتين مختلفتين وان وحدهما الشجن :

مات الحبيب وكل ماقد كنت ترجو أن يكون ..

اصبر على سخط الزمان وما تصرفه الشئون ..

فلسوف ينقذك المنون .. ويفرح الروح السجين ..

................ (نص الذكرى)

.......... وهاهى شظية أخرى من شظايا هذا القلب المحطم على صخور الحياة

.. نص (ياموت) يسكب فيه الشاعر دموع أساه على وفاة والده :

ياموت قد مزقت صدرى

وقصمت بالارزاء ظهرى ..

وفجعتنى فيمن أحب

ومن اليه أبث سرى ..

وأعده فجرى الجميل

اذا أدلهم على امرى ..

.......

خذنى اليك .. فقد تبخر

فى فضاء الهم عمرى ..

خذنى اليك .. فقد ظمئت

لكأسك الكدر الأمر ..

خذنى .. فما اشقى الذى

يقضى الحياة بمثل امرى ..

.........
ومناقشة قضية الموت عند الشاعر لا ترتبط عنده فقط بمعاناته والامه

الشخصية بل تتمدد لتصير بالنسبة اليه جزء اصيل من احلامه كانسان

وشاعر ... وعبر عن ذلك فى نص ( احلام شاعر ) :

ليت لى ان اعيش فى هذه الدنيا

سعيدا" بوحدتى وانفرادى ..

ليس لى من شواغل العيش

مايصرف نفسى عن استماعى لفؤادى ..

أرقب الموت والحياة واصغى

لحديث الازال والاباد ..

.........
وفى (ظل وادى الموت) يمضى بنا الشاعر مواصلا" رحلته الفريدة ومتسائلا"

عن غائية الخلق فى شكل محاورة بينه وعناصر الطبيعة .. الى ان ينتهى الى

استجداء الموت باعتباره تجربة يرغب الشاعر فى دخول عوالمها وقد كان له ماتمنى:

وزهور الحياة تمضى بصمت

محزن مضجر على قدميا..

جف سحر الحياة ياقلبى الباكى

فهيا نجرب الموت هيا ...

......
فى الختام .. تبقى هذه مجرد محاولة متواضعة للدخول من زاوية جديدة

لفضاءات وعوالم الشابى الشعرية.... وربما يغفر عدم تناولها باكاديمية

كونها نابعة من حب عميق ورغبة صادقة فى الاقتراب من دنياوات هذا

الشاعر الرقم ....

ودمتم.



التوقيع: يا الله ما يابس سوى حلقى المجرح بالدعا
عبدالرحمن حمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-02-2009, 10:27 PM   #[2]
Rihab Khalifa
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي

following with interest
shokran jazeelan



Rihab Khalifa غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-02-2009, 11:08 PM   #[3]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

الأخ الفاضل عبدالرحمن حمد
القلم الناقد المتمالك لأداوته هو كالمبضع في يد الجراح المُجيد
أو هو كالريشة بين أنامل الرسام البديع
أو هو كالأزميل في كف التشكيلي الرائع
فكلهم يصل بالمتلقي الى مكامن الأحاسيس...
أشيد بقلمك الباذخ وهو يلج الى سوح هذا الشاعر الممتلئ عنفوانا...
فبالفعل يتلمس القارئ سوقا لسمت الحزن المفضي الى (الموت) في جل قصائد الرجل ...وقد سئل يوما عن الرمزية التي يرومها جراء نهاياته تلك فقال (أليس الموت هو نهاية كل حي؟)
...
..
.
لا أحسب الأجابة بسابرة غورا ولا مجيبة على السؤال!!
لذلك أجدني أتفق معك تماما في أستصحابك لطبيعة النشأة التي نشأها في طفولته وصباه وجعلها سببا أساسا لهيمنة الموت على نهايات قصائده تلك.
كم يتوقف المرؤ عند قصيدته المشبعة عنفوانا هذه:
[align=center]سأعيش رغم الداء والأعداء
كالنسر فوق القمة الشماء
أرنو إلى الشمس المضيئة هازئا
بالسحب والأمطار والأنواء
لا أرمق الظل الكئيب ولا أرى
ما في قرار الهوة السوداء
وأسير في دنيا المشاعر حالما
غردا وتلك سعادة الشعراء
أصغي لموسيقى الحياة ووحيها
وأذيب روح الكون في إنشائي
وأصيخ للصوت الإلهي الذي
يحيي بقلبي ميت الأصداء
وأقول للقدر الذي لا ينثني
عن حرب آمالي بكل بلاء
لا يطفئ اللهب المؤجج في دمي
موج الأسى وعواصف الأرزاء
فاهدم فؤادي ما استطعت فانه
سيكون مثل الصخرة الصماء
لا يعرف الشكوى الذليلة والبكاء
وضراعة الأطفال والضعفاء
ويعيش جبارا يحدق دائما
بالفجر بالفجر الجميل النائي
أملأ طريقي بالمخاوف والدجى
وزوابع الأشواك والحصباء
وانشر عليه الرعب وانشر فوقه
رجم الردى وصواعق البأساء
سأظل لأمشي رغم ذلك عازفا
قيثارتي مترنما بغنائي
أمشي بروح حالم متوهج
في ظلمة الآلام والأدواء
النور في قلبي وبين جوانحي
فعلام أخشى السير في الظلماء
إني أنا الناي الذي لا تنتهي
أنغامه ما دام فالأحياء
وأنا الخضم الرحب ليس تزيده
إلا حياة سطوة الأنواء
أما إذا خمدت حياتي وانقضى
عمري وأخرست المنية نائي
وخبا لهيب الكون في قلبي الذي
قد عاش مثل الشعلة الحمراء
فأنا السعيد بأنني متحول
عن عالم الآثام والبغضاء
لأذوب في فجر الجمال السرمدي
وأرتوي من منهل الأضواء
[/align]



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-02-2009, 06:36 AM   #[4]
عبدالرحمن حمد
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي

..
اختى رحاب خليفه .. تشكرات المرور ..
استاذى عادل عسوم .. امتنانى وطمعى فى مزيد اثرائك لنا بالتداخل ..
..
كان ومازال يحيرنى الشابى (ويشترك معه فى هذا التجانى يوسف بشير ومعاوية محمدنور)
فى هذا الابداع الفياض رغما عن العمر القصير ..
كيف يتسنى لمن هو دون الثلاثين كل هذا الجمال الممتلك لادوات الخلود وفى ذلك الوقت
الذى تعز فيه وسائط الاعلام ..
..موداتى.



التوقيع: يا الله ما يابس سوى حلقى المجرح بالدعا
عبدالرحمن حمد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 07:19 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.