ماذا سنفعل حين تضع الحرب أوزارها؟ !!! حسيــــن عبد الجليل

دعوة لمشاهدة فلمي ( إبرة و خيط ) !!! ناصر يوسف

قصص من الدنيا؛ وبعض حكاوي !!! عبد المنعم الطيب

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > مسابقة القصة القصيرة 2009

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-05-2009, 08:51 AM   #[1]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي الأعمال المرشًحة لمسابقة القصة القصيرة

هنا نتلقى النصوص التي سيتقدًم بها المتسابقون وفق الشروط التالية :

1-بإمكان المتسابق أن يتقدًم بعملين مختلفين ، على ألا تكون هذه الأعمال نالت الفوز فى مسابقات أخرى.
2- أن لا يزيد العمل على 1500 كلمة – حد أعلى.
3- لا ترد الأعمال المشاركة إلى أصحابها.
4- يسجل المتسابق بياناته على النحو التالى:
أ‌- اسم المتسابق الثلاثى ب ـ العنوان كاملا ، البريد الإلكترونى.
5- على أن تكون المسابقة مفتوحة لجميع المبدعين السودانين بالداخل والخارج دون التقيد بالسن أو النوع/ الجنس.


* سيقرر السادة / مجلس إدارة سودانيات بخصوص الجوائز التي ستقدًم للأعمال الفائزة والمميزة.



التوقيع:

There r 3 types of ppl in this world
those who makes things happen, those who watch things happen,
and those who wonder wt happened
الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-05-2009, 02:23 PM   #[2]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

[frame="1 80"]السادة الأعزاء..
وجب التنويه إلى أن هذا البوست مخصص فقط للنصوص المرشًحة ،
نرحًب بكل الأسئلة التي تتعلق بالمسابقة في البوست المعنون ب " مسابقة القصة القصيرة "..
أعتذر عن الإزعاج.. لكن هذا مالزم توضيحه
شليل/مشرف منتدى نوافذ
[/frame]



الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2009, 11:45 AM   #[3]
أمير الأمين
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي بنت ... ال...

[frame="7 80"][align=center]بنت ... ال...[/align]
[align=right]
هند زميلة.. سنوات الدارسة الجامعية .. ابنة وزير سابق ..مدللة.. مفتونة بنشوة تفوقها ...وإرثها الاجتماعى..تحاش الكل الاقتراب منها .. الا انا ..!! رغم فوارق الطبقات و وزيف الانا التى تميزها .. الا أننى لمست هشاشة ما وضعفا فى دواخلها ... وجدت فيه منفذا للاقتراب منها و خلق نوع من الارتياح بيننا..!!
لم تحس منى بهواجس غيرى نحوها او سعيهم للابتعاد عنها او صبرهم على وجودها فى وسطهم .. كان لى تكتيكى الخاص بى .. كثيرا ما كنت استخدمه للايقاع بزميلاتى وحتى اخوات اصدقائى .. يبداء عادة بحوار متعدد الوجوه.. مختلف و متباين القسمات..اساسه قد يكون الدين .. الفلسفة .. او البرا فيزيكس ..حديثا عن سيمون دوبوفار او بوب مارى او ديكارت او ادونيس …ويمر سريعا على السياسة و الاجتماعيات ويتبسط كثيراً عند الجسد واحواله و تبعات تعرجاته...وينتهى الحديث .... ولا تخرج منه هى بشىء .. الا .. الارباك...و الحيرة!!! وتقليل رايها فى اى شئ مهما كان صدقه...!! هذا التكتيك يعريها تماما ويجعلها فى حيرة منى ..!! ومن اهدافى تجاهها..!! و بعدها تبداء مرحلة الاستمالة و التقرب البعيد الذى لا يثير الشكوك او الظنون...وهدفه هو ابعاد الاخرين من حولها.. ليس بتقليل شأنهم او تلويث سمعتهم بل بتكبيرهم فى نظرها واعطاؤهم اكثر مما يستحقون حتى تحس انها بالنسبة اليهم لا شئ و اقل من حتى ان تفكر فى الاقتراب..منهم ..!! فتكتمل هواجس عزلتها .. الا منى .. ومن مدارات انتظارى...!!
حيل شيطانية ماكرة .. اجيدها واتفنن فى نسجها وحبك مداخلها و استداراتها .. و اجد فيها لذة لا تشبهها حتى لذة جسد فتاة مدود امامى متعريا الا من بعض حياءٍ و خجلٍ ..و شئُُ من ظنون
لم تستعصى على فتاة قط .. الكل سواسية.. جدرانً أيلة الى السقوط تحت مظلة رحمتى.. !! لا فرق عندى ..بين امرأة سوية الملامح و الانحاء والنتوءات .. او اخرى ..حديثة عهد باستدارة صدر و تمدد عجز..!!
اذكر اول التقاء لى بها فى الجامعة ...امام مدخل احدى القاعات ....
وجدتها تتحدث مع بعض الزميلات ..و الزملاء تم تقديمها بهند ابنة " فلان الوزير السابق" .. لحظتها تهلل وجهها .. اعتزازا وفخرا..كعادتها ..لم اكترث له كثيرا ووجهت عينى بنظرة فاحصة الى مفرق صدرها وتنورتها.. و اطلت النظر والبحلقة بتحدٍ وخجلٍ فى انٍ واحد .. و حين لمحت تلك الارتعاشة الدافئة فى عينيها احسست ان "قوقل" بحثى قد وجد منفذ هواه...!! و ان هواتف ندائى تقترب من ملامسة ..شغب حواسها..!! ومر اللقاء الاول .. سريعا... و تكررت بعده اللقاءات.. خلال جلسات الاستماع او حفلات الروابط ورحلاتها المثيرة.. او اركان النقاش ..كنت امارس دورى الذى رسمته لنفسى بمهارة.. حيرة وارباك.. و تمهيد للانقضاض فى لحظة ضعف ما او تحفيذ بواطن شهوتها حتى تشتعل رغباتها..ثم الانسحاب البطئ الذى يتركها اكثر حيرة واقرب الى النفور..!!
سالتها ذات لحظة شبق.. ما " اتتوق لتواصل جسد وورح" ؟
قالت " الاله لا ُيرى ..!!"
قلت لها " و لكن نوره يخطف الابصار ..و روحه تتسلل الى الدواخل"
قالت "كيف بخطف نوره وهو لايرى ؟ "
قلت " من قال اننا نحتاج الى اعين لنرى ...!؟ ارايتِ ظلام يشع؟ او اعمى بصيرة يرى ..؟ "
قالت " القدسية امتهان ..!"
قلت لها " القدسية امتهان للذات لانها ترفع النفس الى مصاف الاله.. واصلها نطفة ..فكيف تساوى هى مع الاله..؟"
قالت " او هي تعبير مبالغ عن زهو الذات و جمال فحواها "
قلت لها " الجمال هو إختبار لقدرة الحواس على الإنفعال
و رمز للتعبير ليس له مقياس محدد... وهو مراتب وقيم ومدارج....
انا ابحث دوما عن جمال الجسد يحركنى اكثر من اى جمالٍ اخر..!!"
قالت " وحين يشبخ االجمال الخارجى ماذا تفعل بالجسد ؟؟"
قلت لها " الجمال لا يشيخ ...انما يتنفس فقط...!!"
هكذا كنت اتسلى بفكفكة دفاعاتها و زيادة حيرتها وإرباكها..وهى مثلها مثل غيرها من أبناء وبنات طبقتها..!!لا تخلو من ضحالة فى الفكر وسهولة فى الانقياد والتبعية...!! لا قبل لهم ..و لا لها... بهواجس تدبيرى ..ولا طولة صبرى و انتظارى...!!
حتى جاء اليومُ الموعود .. حينُ أحسستُ ان مراكب شبقى .. تدنو من حفيف شواطئ لذتها ..و ان شقى وسهر حواسى .. يقترب من راحة موعودة .. تنتهى بارتعاشة جسد وتمدٍد..
وإنفراجٍ..وأشياءً أخرى..!
فقد ادمنت هى عشقُ التفافى حول نواصى مداراتها ومحورُ أحلامها
فاصبحتُ لها .. مزاراً تؤمه صباح ..مساء.
جهزت مكان اللقاء او" متعة الحصاد" كما كنت اسميه.. بكل تفاصيله
الدقيقة... عبق عطره .. خفوت ضؤوه.. قليل ضجيجه..
صوت شرحبيل هادئا يهذى باشواقه وأحلامه .....
" لو تعرف الشوق كنت يا المحبوب ...ترم ترلم"......
فالاهم ان تبقى فى دوخلها ذكرى اللقاء .. تلفح حواسها .. تثير رغباتها..و تكبح بوادر تمردها.. حتى تبقى أسيرة حاجتى و رهن هوى تقلباتى... وأتت كدعاشة عطر.. معطونة فى حاجة جسدها... تجر وراها حيرة لم تفارقها منذ لقاؤنا الاول.. و قلق فى انتظار نهايات لم تحسب فيها ... متعة بداياتها...!! لحظة دخولها "متعة الحصاد"... اطلقت ضحكة صارخة التفاصيل و العناد.. توقف الدم لحظتها فى مفاصل نشوتى و حدقات رغبتى..وقالت فى استهزاء واضح... " من أجل هذا فقط انفقت كل هذه الشهور والايام.. !! لو طلبت جسدى من اول لقاء لكنت منحته لك .. كما اقدمه للاخرين دون كبيرعناء.. و لكن أنتم الرجال هكذا... تريدون دوماً أن تصنعوا من أنفسكم أبطالاُ.. لا تستمعون إلا بارضاء غرور صلفكم وأوهام تكبركم..!!"[/align]

أمير الأمين
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة أمير الأمين ; 23-05-2009 الساعة 03:17 PM.
أمير الأمين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2009, 03:00 PM   #[4]
طارق صديق كانديك
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية طارق صديق كانديك
 
Exclamation خارج الإيقاع ... !!!

[frame="10 80"]

خارج الإيقاع ... !!!


ماردٌ يغشاهم في جلال ٍ وأزليةٍ مدهشة ، يحمل إليهم سر الحياة في مكنونها الأبدي ويستمد بهاء بقائه من الملكوت ! يرقد ذاك الأزرق المهيب بجانبهم يشاطرهم فرح السنين ويفعل فعلته التي فعل ساعة أن يحيض مهيئاً رحماً ولوداً في دلال ، ثم يفيض فينثني الزهر الجميل يطأطئ خده فيصبح معبراً لفراشة الأفراح ودنيا الحالمين ! وساعة أن يقيض يصرع الأغصان في عبثيةٍ ثكلى فتمسح أرضهم سحب الزوال بلا ضجيج إلا من التسبيح والتحميد ! فكم أغدق عليهم في ثبات سرمدي منذ الأزل ويؤرخون قديمهم بمولده الذي لا يعلمون متى ابتدأ وكيف كان ، فيهزجون : ـ

(من وقت حفرو البحر) !!!

كانوا به يتفاءلون ويمرحون وتأتيهم حيتانهم فيه فيولمون ويزرعون ! هو الحياة عندهم وتدور دنياهم به ومنه دون كلٍ أو لجاجة ، فصغارهم يغمرهم بالفرح الطفولي الكبير مثل الكبار على السواء !!

تقفز ( هناء ) من هناك ومن هنا وترقد بعض خصلاتها على خديها الصغيرين تمسح ما لحق بهما من بقايا للطعام وشيئاً من الزيت العتيق وتحمل قدماها مسحةً من غبار لا يكدر صفوها شيئاً إلا السؤال المستمر عن اللبن الزبادي ..!!

: ـ من الذي اخترع اللبن الزبادي ؟

فلا يجيب شقيقها ( مصعب ) ويكتفي بالإبتسام في وجهها حتى يلامس خدها ثم يهجم فيضع أسنانه عليه فتولول وهي باكيةً تهمهم ( خلاس خلاس ناس بعيديييييييين عملوا الزبادي ) ..!! فكني ..!

كان شقيقها حجةً في البخل !! لا يدرون لذلك سبباً كان يبخل في كل شئ !! ولم يجاوز سنيه السبع بعد وهي لا تكبره إلا بمدة بقائها في جوف أمها فقط .. !!

: ـ يمه كبي الشاي خلينا ناكل -عيشتنا- (رغيفتنا) دي ..!!

كانت تتظاهر بالنوم وفور سماعها ذلك رفعت رأسها لتشاركه الوليمة ! عندها أردف موجهاً حديثه لها : ـ ( عيش حب حب .. نومي نومك ) ..!!

لا يتسلل اليهم تعقيد الحياة في شئ إلا وقت المسلسل العربي .. ثلاثة فقط من أجهزة التلفاز عندهم يتحلقون حولها ويتركون لبعض العاشقين منهم فسحةً من أمل اللقاء بمن يحبون !!

وتتسابق إناثهم للجلوس على تلك - الحفرة – الصغيرة المنزوية عارياتٍ إلا من ذلك الصوف الذي ما أن لامس أجسادهن الملتهبة حتى تبرّج وتعرّج وتضرّج بالجمال ..!
ولسان حالهن يردد في فرحٍ لذيذ -

: ـ غايتو يا ختي الطلح دا سرّو باتع ...!!!

هو الذي لا يجدون بداً من مجالسته في أي وقت ، ينسيهم كثيراً من الأحزان ويطعمهم حب الحياة بلا رياء فأحبوه طوعاً !

: ـ والله النسوان ديل زي البطيخ تعزل لمن تفتر حتن تلقى لقيك وااااحدة – حلا وحمار !!!

: ـ والله انت قلة أدبك دي لمن تموت ما تخليها !!

يضحك ( الشفيع ) ومن معه ويقهقهون لا يؤرقهم غزو العراق أو ثقب الأوزون بقدرما يتسامرون في النساء ومعهن !! وكان صوت ( ماجد سرحان ) محطةٌ لا يتجاوزونها يومياً حينما يقرأ تقريره ذاك العجيب بصوته المميز :ـ

الخرطوم .....

وحيثما لم تذكر معضلة بشأن (الجاز .. الجازولين ) بالخرطوم لا يعنيهم من يحكم فيها !! بل لا زال منهم من يرى أن ساحة القصر التي تحتضن روح – نصّار - يحرسها ( الفريق عبود) وإن بدرت منك مسحةٌ من غرابة أو إستهجان بادرك أحسنهم طريقة الى القول : ـ

يا أخوي كلهم عساكر بس الجاز دا ما يهبشوا لينا ..!!

يحدثونك عن علومٍ للدراسة لا نبوغ لدارسيها ، تاركين ما تواضع عليه أفذاذ البلاد في زمانٍ كان فيه للأفذاذ دارٌ وقرار !! ثم تعالت صيحات التكبير وجاءوا عليها بدمٍ كذب محاطين بفقهاء الحيض والنفاس وتقدم منهم الذين يشاركون - أوديب – رؤيته للحياة ! فكان نتاج ما اقترفت أيديهم هجيناً نشازاً في كل شئ ! نبوغاً في التعري وملذات الحياة وتطاولٌ في كل شئ إلا من العلا وآمال الرجال !! فتراهم يجرون منصوبهم وضح النهار ، وكم مسكونٍٍ لديهم ضموه في حنوٍ بلا حياء وكان فاعلهم دوماً من المكسورين ..!!

تسلل جلّ صغارهم من الدراسة تاركين وراءهم أحلامهم وأحلام الذين أتوا بهم لهذه الدنيا (أم قدود ) كما يحلو لهم ! لم تبدأ رحلة صغارهم من فيلادفستك وارتستك وملدوفيا طمست معالم الإدارك في المدارس في جغرافيا الكون كما طمسوا هنالك التاريخ أيضاً .. فلا يتحدثون عن العلامات التي ما فتئت تلهم بعض الثائرين وتحزن منهم من تبقى على اليقين !! ساعتها فقط أدركوا أن الفرق الذي بين الذين يعلمون منهم والذين لا يعلمون أخذ في التلاشي حد الزوال ! وأنا الذي وحدي أردد الى متى نظل نجأر بقديمنا في كل شئ ...؟ !

طارق صديق كانديك
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة طارق صديق كانديك ; 31-05-2009 الساعة 10:34 AM.
التوقيع: الشمس زهرتنا التي انسكبت على جسد الجنوب
وأنت زهرتنا التي انسكبت على أرواحنا
فادفع شراعك صوبنا
كي لا تضيع .. !
وافرد جناحك في قوافلنا
اذا اشتد الصقيع
واحذر بكاء الراكعين الساجدين لديك
إن الله في فرح الجموع



الفيتوري .. !!
طارق صديق كانديك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2009, 03:09 PM   #[5]
طارق صديق كانديك
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية طارق صديق كانديك
 
Exclamation فوضى السكون ... !!!

[frame="10 80"]فوضى السكون ... !!!


الشمس تميل في إصفرارها الذهبي معلنةً دخول السكون في هدؤٍ دون فوضى بينما ثغاء الأغنام في فوضاها المعهودة يأتينك من كل فجٍ عميق .. ويعم المكان غبارها المشحون بما فاضت به من بولٍ وروث وصبيةٌ يلهون ويتقافزون في خفةٍ ورشاقةٍ بسيقانٍ نحيلةٍ هزيلة لا تنفك توجعهم وتعمل أمهاتهم على صيانتها لهم بما تبقى من زيت السمسم وقتما يهجعون في خلودهم المسكون باحلامٍ ساذجةٍ بريئة !

: ـ يا ولد أفتح الزريبة !

: ـ سمح !!!

يسترد عافيته حين يكمل يومه في نمطيةٍ دقيقة يوزع فيها جهده وبعض إبتساماتٍ خجولة هنا وهناك ثم يأوي لمخدعه محاطاً بالبنين والأحفاد ! لم يألف إبنه (سيف الدين) حياتهم منذ الصغر ووصفوه بأنه شيوعي ملحد !!! وضحكت من كل أعماقي فأنا الذي يعرف أنه لا ينفك كونه برجوازياً صغيراً متخماً بالتناقضات والأحلام الكبيرة ويرغب في بعض المتعة متسلياً بوقته العريض بعدما تصدر اسمه كشوفات الصالح العام الأولى !! وهو في تسليه العريض لا يفوته المرور على بيت ( الله معانا ) وهي تعينه بما تصنعه يداها من شراب ( موت أحمر عديييل !!!) كما يحب أن يصفه لرفيق دربــه ( المامون ) !!

جمعتهما الدنيا في الزمان والمكان والإنسان .. وربطتهما أواصر صداقة ٍ قوية لم يعكر صفوها يوماً سوى بقيةٍ من شك يساور المأمون حينما تتورد وجنتيّ أخته ( إقبال ) كلما مر صديقه أو ذكر !!!

حملته أقدامه متثاقلاً بعد ساعاتٍ قضاها ينهل من ذلك الشراب بين أزقةٍ ثعبانيةٍ في التوائها يستند عليها بين الفينة والأخرى متجشئاً وهو يمسح بيمينه ما لحق بجبهته من عرقٍ لا يكاد يختلف كثيراً عما تصنعه ( الله معانا ) !! مدندناً : ـ

المالك .. - هق !
المااااالك شعوووووري - هق !!
المااالك شعوووري أنا لي - هق !!!
فيه آمااااااااال آآآآل !! ربّ الجماااال !!!

كانت (محاسن) قد فارقها بعلها من شهورٍ معدودات بعد أن كثرت عنها الأقاويل وهمس الهامسين ولا يعرف الحزن طريقاً لها، فقد كانت مقبلةٌ على الدنيا بأجنحةٍ مشرعة ! مترعةٌ بالأنوثة حد التخمة وتقتحمك أنوثتها وضح النهار فسرعان ماتهزم وقارك شرّ هزيمة ! وهي مقبلةٌ عليك (شايلة الفاتحة!) لا تنفك تنظرإليها في بلاهةٍ محمومةٍ مشحونةٍ برغبة الدنيا كلها
.. وحين تدبر راحلة لا يغشاك الأدب والوقار في تفصحها !

تدعوك في حالتيها لمصادقة ملائكة المتعة أو شياطينها !! والحال كذلك يشتهيها الكثيرون في دواخلهم ويختبئون خلف سحابةٍ مثقوبةٍ حذر الناس ! ومن بين الذين يمطرونها بنظرةٍ تفضح ما يريد (ود الصافي) كان مستعداً للتنازل عن ملحمته العتيقة قرباناً لرضاها ولو ليومٍ واحد !

: ـ ما بلقى لي فد عصريّة معاك ؟؟

: ـ نجوم السماء اقرب ليك !! تجيبه في تحدٍ ! وقد تترك ما اشترته منه أمامه وتولي الأدبار !!!

وحينها فقط يعض يده اليمنى في ألمٍ لذيذ ثم يرسل صبيه بما تريد وزيادة ! كانت لا تطيقه من بين خلق الله الذين عرفتهم أجمعين.

وقفت ذلك الليل تلاصق الحوش الخلفي وتدفعها ثمارٌ لم تكن حصاناً من أكف اللامسين رويداً عنه وهي في محاولتها أن تهمس همساً : ـ

: ـ سيف !! لكن ما.. بت .. باااالغ ؟؟

: ـ هه هه هها أنا .. ود .. باااالغ !!!

وحين هدأآ من ضحكتيهما المكبوتتين تسوّرعليها فكانت رجفة اليديّن والشفتّين والقدميّن وصدق هنالك الهامسون !! ساعتان من الفحيح الملتهب المحموم دون نقصان لم تكن فيه من الزاهدات !!

مات والدها وهو يصارع السيل مع الرجال في الخريف المشئوم منذ عشرة أعوام وأقعد المرض أمها بعد زواج إبنيها الكبيرين وحين طلقها زوجها عقب دخوله بشهرٍ واحد لم يذق فيه كل عسيلتها تنفست الصعداء .. وكان غيابه عن الديار فيه الشفاء له فحمل أمتعته وولى دون عنوان ! والحديث عن النساء عندهم مثل أكل ( الموليته ) حارق ومر لكنه لذيذ- كما يذكرعبدالعزيز ساكن- ولعله يشدهم دوماً الى (محاسن) وصويحباتها..!!

غادرها مأسوفاً على الزمن الذي هرب من بين أصابعه كالبرق ! كانت تميزه عن الباقين دوماً فهو الوحيد الذي تعلّم كثيراً عندهم واحتضنته (الخرتوم) أربعة أعوام كاملة قضاها في دراسته ثم مسترزقاً في ذلك البنك العتيق حتى تدخل الوزير البهلول وأقاله مع الكثيرين ! لذا كان إحساسها دوماً بأنه لا ينتمى لهذا المكان وهولا تنقصه الوقاحة معها أحياناً حينما يختلي بها وتسعد هي بما يقول !!!


تحسس طريقه جيداً في ذلك السكون المشحون بكل شئ ونسى ما تجرعه من كؤوس في بيت ( الله معانا) ثم استعاد وعيه بالأشياء من حوله ! لم تتجاوز الساعة عندهم التاسعة مساءاً ويرجع الصدى بعض النداءات البعيدة من هناك ومن هنا !! توجه قاصداً (مأمون) قابله منفعلاً يسب ويلعن في ّ حظه العاثر هذه الليلة وضحكات اللاعبين للورق تتبعه بعد خسرانه جولتين بالتمام والكمال !!

: ـ أبت تمشي معاي الليلة !!!

: ـ منو دي ؟؟

: ـ الكشتينة يا خي قايلة بت ؟؟ ( إنت جاي من وين ؟)

زفر بعضاً مما يحتبسه صدره المتخم بالأسرار ثم سرت فيهما قشعريرة البوح الشفيف فكان الذي كان بعد أن سكبوا النبيذ على النبيذ !! أتتهم ( إقبال ) بالعشاء وشيئٍ من ماءٍ قليل !! كانت تتحين فرصتها ثم تتورد وجنتيها المنتفختين بنونيتين ساحرتين !! لا مكان عندها لمغامراتٍ لا تحمد عواقبها !! فهي وإن كانت تهيم به عشقاً يشدّها دوماً خوفها الميمون من القيل والقال وكثرة السؤال ! فوضعت ما بيديها المرتجفتين وأشاحت بوجهها المتورد بماء الحياء !!

في محياه قسوةٌ لا تقودك مطلقاً لما في دواخله ، يسارع ( ود الصافي ) دوماً قبيل بزوغ الفجرعندهم يتبعه صبيه (فال النبي) ممسكاً بكل أدواته بيدٍ واحدة وهو الذي وهبه الله بسطةً في الجسم والصوت دون العلم ! يبتاعه الناس بعض ذبائحه حين تضيق بهم الدنيا وكم كانت تضيق ! فيأتونه بالمتردية والنطيحة ولا يفوتهم أن يرتلوا أمامه- إلاماذكيتم- !! فيضجعها وترى الودق يخرج من خلال الوريد الى الوريد !! يمازحهم دون كلفة ويؤثر بعضهم حد الفضيحة : ـ

: ـ سيف آآخوي صاحبك لا تناسبو ولا تديّن منو ؟؟؟

يبادله الحب بالحب كما الآخرين وكم يستهويه المرور عليه ثم يحمل ما تبقى من عظام تبشرهم بليلٍ ذي شجون يهيئون له البدايات الندية في وجل ثم ينسرب الضياء ويلفهم ليل السكون ولا يعلمون متى انتهى ولمَ انتهى ثم كيف !!!

طارق صديق كانديك
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة طارق صديق كانديك ; 31-05-2009 الساعة 10:42 AM.
التوقيع: الشمس زهرتنا التي انسكبت على جسد الجنوب
وأنت زهرتنا التي انسكبت على أرواحنا
فادفع شراعك صوبنا
كي لا تضيع .. !
وافرد جناحك في قوافلنا
اذا اشتد الصقيع
واحذر بكاء الراكعين الساجدين لديك
إن الله في فرح الجموع



الفيتوري .. !!
طارق صديق كانديك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2009, 03:25 PM   #[6]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي حبٌّ يخشى النور!

[frame="7 80"][align=right]

[align=center]حبً يخشى النور![/align]

تقابلا من بعد عقدين منذ افتراقهما!
رآها تحمل رضيعا في حضنها
لم يصدق عينيه في البدئ...
-السلام عليكم يااستاذ أسامة
-وعليكم السلام...
أنتي سلمى؟!
-أيوة
لكأنه في حلم!
...
يومها كان قد بقي له عام واحد ليكمل دراسته الجامعية
وهي كانت في الصف الثاني من المرحلة الثانوية
لقد أعتاد بأن يحوِّم على مدارس المنطقة (معلما مساعدا) بلا أجر خلال أجازاته الدراسية...
وكلها مدارس للبنين...
في عصر يوم جمعة
زار بيتهم مدير مدرسة البنات الثانوية في معية عم له:
-نريد عونك يااسامة لتدريس أخواتك في مدرسة البنات الثانوية
حاول الأعتذار
اذ جُبل بطبعه على تحاشي (عوالم) الجنس الآخر...
فألحّ عليه عمه...
وأضاف مدير المدرسة :
لقد قصدناك دون غيرك لما يعلمه الجميع عنك من دماثة خلق واستمساك بأهداب دينك...
لم يكن هناك بدٌّ من رضوخ وقبول...
أشرقت شمس يوم جديد
فانتقى من ملابسه أجملها
وزاد من (بخات) العطر
ولمّع حذاءه
وأدى (الحصة) الأولى بنجاح
)سلمى) كانت تجلس في الصف الثاني
جميلة كما يود
ذكية الى ابعد الحدود
مرتبة الدفاتر والأفكار
لكن...
شدّه حزن دفين يكسو وجهها وعينيها!
وبقايا دموع في عينيها الدعجاوين كل صباح...
سأل عنها زميلتها(وقريبته) فقالت:
-دي غريبة...
شكلها من الخرطوم
تصدق مافي واحدة فينا بتعرف عنها حاجة!
سألها
فأطرقت ولم تجبه!
شرع يسأل عنها هنا وهناك
علم أنها تقيم مع أخت لها على أطراف المدينة
ذهب الى حيث يعمل زوج أختها (بائعا) في أحد المحال التجارية
وحاول جاهدا التقرب اليه ومصادقته دون جدوى
لقد بدا له بأنه يحمل سرا (ما) لا يود البوح به...
أنتهت فترة أجازته وعاد الى جامعته
وبقيت صورتها طوال عامه الدراسي تجّمل لياليه...
أضحت كزهرة تنفح هدَآته بأريج معتق فواح...
فلا يملك الاّ أن تنسرب دون ارادته آهة حرى تربتُ بيد من مخمل على قلبه وأحاسيسه...
لقد أيقن بأنه قد أحبها...
فما كان منه الاّ أن أرسل اليها رسالة من خلال قريبته تلك (اذ الأتصالات الهاتفية حينها لم تكن كما هو حالها في يومنا الذي نعيش).
بثها فيها لواعج نفسه
وختمها بعشم في أن تبادله حبا بحب
ولكن...
لم يصله منها رد!
وانقضى العام الدراسي
وجاء الى أهله يحتقب غراما قضّ عليه مضجعه
جاء وقد عاهد نفسه بأن تكون هي -دون غيرها- له زوجا!
لم يستطع صبرا فانطلق في ذات صباح الخميس الذي وصل فيه الى مدرستها
دخل الى تالتة أحياء يسبقه (الشوق قبل العينين)...
فالتقت نظراتهما
يا لأئتلاق الفرح في عينيها الدعجاوين
ويالماء الشباب في خديها النضيرين
ماكان منها الاّ أن أطرقت
وماكان منه الاّ أن حول ناظريه الى الحائط
ألقى التحية على طالباته فرددنها عليه بأحسن منها
خشي أن تفضحه عيناه فقال لهن:
-اللية جيت بس أسلم عليكم ومن بكرة باذن الله نبدا
والتقاها عند الانصراف وانبأها بأنه ينوي زيارتها في منزل أختها مساء
ترددت في البدئ ثم هزت راسها بالايجاب...
أخرج من دولابه هديتين سبق أن أبتاعهما لها ولأختها ثم يمم شطر البيت على أطراف المدينة
ولج الى البيت فهاله الحال الذي يكتنف حياتهم
لم يكن هناك سوى غرفة واحدة و(ثلاث عناقريب) ودولاب قديم!
والمطبخ لم يكن سوى (راكوبة) بها بعض أواني قليلة!
ألتقه (سلمى) بكل ترحاب وعرفته بأختها
-دة أستاذ أسامة ياسوسن
-أهلا بيك يااستاذ شرفت كتييييير والله
وأضافت سلمى
-معليش البيت ما قدر المقام
تفاجأ ولم يدر كيف يجيب...ثم رأى بأن يعمد الى شيئ من مرح ليغير أجواء اللقاء
-والله بختي الليلة ...لقيت ليك مقام تمام يااسامة
وأردفها بضحكة فلم يجد منهما الاّ أبتسامة حزينة
سأل صاحبة البيت عن زوجها فقالت بأنه يتأخر عادة الى العاشرة ليلا
أخرج الهدايا فتمنعتا في البدئ ولكنهما رضختا وقبلتاهما من بعد الحاحه الشديد
ذهبت صاحبة البيت لعمل الشاي فالتفت اسامة الى سلمى قائلا:
-شوفي ياسلمى
أنا راجل بحب أن أجي للبيوت من أبوابا
بكرة باذن الله عاوز أجيب الوالدة وأجي أتكلم معا أختك وزوجها وأخطبك قلتي شنو؟
أطرقت مليا ثم قالت
-أشكرك والله على مشاعرك دي تجاهي
بس أرجوك تديني فرصة أفكر وارد عليك
-بصراحة في حاجة بتمنع؟
-مافي حاجة والله لكن في تفاصيل كدة حأتكلم معاك فيها في وكت تاني
بس رجاء ماتجيب خبر للموضوع دة هسي قدام أختي!
أحس بانقباض نتاج ردها
أكمل جلسته ثم انصرف الى البيت
وانفرط اسبوع وهو يراها كل يوم في المدرسة ولا يجد منها سوى أبتسامتها الحزينة كلما التقت نظراتهما
وفي ختام يوم الخميس
جاءته بدفترها -كغيرها من زميلاتها -فاذا برسالة في ثناياه.
أخذها -بلهفة -ودسها في جيبه...
لم يستطع صبرا ففض غلافها وشرع يقرأها وهو يسير عائدا الى بيته
(أستاذي العزي أسامة
يعلم الله كم أحببتك
وأعلم يقينا بأني لن أجد لي زوجا مثلك
لكني أستحلفك بالله أن تنساني
سعيدة هي من تكون أنت زوجا لها
أذ يندر أن يوجد أنسان في نبلك وطيب معدنك
محبت سلمى)
شلّت الدهشة تفكيره
وهال عينيه الدمعُ فلم يعد يبصر شيئا
وصل الى داره فارتمى على فراشه .
وفي صباح السبت
لم يجد لها اثرا في المدرسة
سأل عنها وكيل المدرسة فعلم بأنها قد سحبت ملفها منذ يوم الخميس
خرج مهرولا الى حيث يعمل زوج أختها فأخبروه بأنه قد غادر المدينة
وانقطعت أخبارها...
أكمل أسامة عامه الأخير في الجامعة
لم تبارح صورة سلمى خياله صحوا أو مناما
وظل يبحث عنها في كل مدينة يتوقع وجودها فيها دون جدوى
ولم يلبث أن غادر السودان ليعمل في أحدى دول الخليج
نأى بنفسه تماما عن عوالم النساء
واحتار أهله في أمره وهم يتلمسون تمنعه عن الزواج عاما وراء عام!
لقد كان يحدوه أمل في أن يراها مرة أخرى
ولكن...
هاهي السنوات تنسرب واحدة خلف الأخرى
وألحت عليه أمه في أحدى سني قدومه الى السودان
-ياولدي لو داير رضاي بس تشوف ليك بت حلال قبل ما أموت...
فما كان منه الاّ أن رضخ لرغبتها وهو المعهود عنه بره بها
تزوج ممن أرتأوها له...
وأنجب البنين والبنات
الى أن كان ذاك اليوم!
...
لم يتمالك نفسه عند رؤيتها فشرع يلومها
-بالله ماحرام عليكي ياسلمى....
-أكون شاكرة لو قعدنا في الكرسي البي هناك دا واتكلمنا
تنحيا جانبا وجلست تهدهد رضيعها وتتحدث وهي تكفكف دموعها بين الفينة والأخرى
-خليك واثق من حاجة واحدة يااسامة
أنا والله ما حصل نسيتك لحظة ولا يمكن أنساك يوم طالما أنا حية في الدنيا دي.
-طيب ...
-معليش خليني أكمل يااسامة الله يخليك
بأختصار كدة أنا (لقيطة)...
والأخت الكنت قاعدة معاها دي صديقتي وهي برضو (لقيطة)...
قررت أجي معاهم بلدكم دي ونبدا فيها كلنا حياة جديدة...
ولمن ظهرت أنت في حياتي فرحت كتيييير وحسيت أنو ربنا رسلك لي عشان تنتشلني من عذاب الأحساس العايشاهو من طفولتي
لكن صاحبتي نصحتني ووقفت في طريقي
أصلو هي كانت متزوجة واحد قبل زوجها الحالي ماكان ورتو انها لقيطة
الراجل الأولاني أهلو عرفو وجو وروها الويل وفي النهاية رماها الراجل رمي الكلاب
طبعا أنا كان ممكن أقول ليك أي كلام وأكسبك كزوج
لكني عارفة طبايع أهلكم أنهم لازم يسألوا عن اصلي وفصلي...
عشان كدة رجعت مع صاحبتي وزوجها للخرطوم وبالمناسبة (هو برضو لقيط زينا)!
وأنا الآن متزوجة من زول هو برضو (لقيط)!
ودعته وغاصت في لجة الحياة
فودعها وعاد الى حياته...
بلا قلب[/align]!
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 12-05-2009 الساعة 06:19 PM. سبب آخر: للتنسيق
التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-05-2009, 10:24 AM   #[7]
Osman Hamad
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Osman Hamad
 
افتراضي

[align=right][frame="7 80"][align=center]الكـوكابــــولا والغنمـــــاية اُم شنــب[/align]
[align=right]وصار الطبيب يقلب كفيه على ماحدث، ليس نادماً ولكن حائراً مندهش لما يدور حوله وكذلك عاجزاً لعجز امكانيات ذاك المركز الصحى المتواضع الذى يعمل فيه، فأهالى قرية الغنماية اُم شنب لا يعرفون الامراض كثيراً وإن عرفوا فهى امراض بسيطة وعادية، لان غذائهم الذرة والدخن والقمح واللبن ومشتقاته، فكان ذلك الغذاء هو حصناً لهم ضد الامراض، فأهالى الغنماية ام شنب لم تدخل فى ثقافتهم بعد مصطلاحات الهامبيرجر والهوت دوك وللا الماكدونلز، اما الكوكاكولا فهى حُلم كل واحد منهم انا يراها، ناهيك عن ان يبركوا بها حلقهم الناشف، فهم قد سمعوا عنها الكثير المثير من حكاوى معاوية العوير الذى ذهب الى العُمرة ثم زاغ وذاق الكوكاكولا.
كان البكاء قد أعيى الحاجة شامة فى غرفة الطبيب، لما اصاب بنتها رجبية من مرضٍ غريب ادهش كل من سمع به، فتجمع الأهالى فى سرعة غريبة كغرابة مرض رجبية بت شامة، فهذة حاجة مُسنة جاءت والعجين يتقطر من يدها واخرى توبها نصفه على رأسها ونصفه الاخر يتشبث بتراب القرية وهذة صبية جاءت وفى يديها عروسها التى لم يكتمل صنعها من الطين بعد وهذا سرب من الشيوخ جاءوا من مزارعهم منهم من يحمل منجله ومنهم من يحمل سبحته، جاءوا من كل فجٍ عميق، فضاق بهم ذلك المركز الصحى الصغير.
إنتشر الخبر مخلوطاً بالشمار الناعم فى كل القرى المجاورة، أن رجبية بت شامة أصبحت تتبول شيئاً اسود داكن السواد، وساعد فى دق الشمار ونشره غريب الراعى فغريب له إمكانيات هائلة فى الشمشرة، فسُمى غريب لانه غريب على اهل القرية، هبط عليهم من السماء فعاش بينهم يرعى لهم الاغنام والمواشى وينقل لهم الشمارات.
نصح الطبيب ان تحول رجبية بت شامة الى طبيب المحلية، فقرية الغنماية اُم شنب تقع ريفى محلية اباط المجنونة.
عجز الطبيب فى اباط المجنونة من معرفة مرض رجبية بت شامة، فحُولت رجية الى البندر.
كانت هى المرة الاولى التى يرى فيها اهل رجبية البندر، ولكن لم تصبهم الدهشة فى البندر، ربما لأنشغالهم بمرض رجبية ، او كما قال الكاتب بشرى الفاضل (القروى تدهشه المدينة فى المرة الثانية). فى البندر انضم الى اهل رجبية ابنهم الخزين الذى يدرس فى الجامعة، فهو لم يرى اهله منذ ان دخلها.
طلب الطبيب من اهل رجبية ان يعودوا له فى اليوم التالى، حتى يتمكن من تحليل بول رجبية بت شامة. بعدها ذهب اهل رجبية الى احدى اللكوندات التى حجز لهم فيها الخزين بعد ان صار شفت وتفتيحة فى مداخل ومخارج البندر.
جاء آل رجبية فى اليوم التالى ووجدوا أن الطبيب لقد حضر لهم مشروب الكوكاكولا البارد، كانت فرحتهم بالمشروب اكبر من الحدث نفسه. فبعد ان فرغ آل رجبية من تناول الكوكاكولا، سألهم الطبيب عن رأيهم فى هذا المشروب، اجابت والدة رجبية: دى ياها ياسعادة الحكيم الشئ البقولولو الكولالولا، الكوكوكو......(هى مالا مادايرة تنطق لى مصيبة السجم والرماد دى!!!) هكذا كان تعليق الحاجة شامة، فاخرج الطبيب الحاجة شامة من هذا المأذق مجيباً: نعم ياحاجة ياها ذاتها واضاف الطبيب تعليق فى نفسه بخبثٍ لطيف (ح تنطيقيها كيف ياحاجة وانت جاية من الغنماية اُم شنب)، فعلق والد رجبية بأن الكوكاكولا حلوة بالحيل عِلا حارة فى النخرة والتِتشى والتِترع فى حلقو يبقالو متل حش البرسيم بالمنجل.
فحديثئذن فاجئهم الطبيب بأن ماشربوهوا هو ليس بمشروب الكوكاكولا وإنما هو بول رجبية.
فأصابت الدهشة والحيرة الجميع، فإندهاشئذن وضح لهم الطبيب بان بول رجبية ماهو إلا مشروب غازى أشبه بالكوكاكولا وليس خطر على رجبية، وبه نسبة عالية جداً من التركيز، فمقدار واحد لتر من بول رجبية يكفى لعمل نصف برميل من هذا المشروب إذا خلط بالماء.

عاد آل رجبية الى مسقط رأسهم الغنماية اُم شنب بعد أن أصرو على ان معاودة التحاليل مرات ومرات وكانت فى كل مرة تؤكد التحاليل نفس الشئ، الشئ الذى بدأ يدخل السعادة فى قلوب اهل رجبية.
وصل الشمار الى أهالى قرية الغنماية ام شنب قبل ان تصل لها رجبية وأهلها، فأعدوا فرحاً كبير لإستقبالها. لم يستقبلوها بالورود والزهور بل استقبل الجميع رجبية بالجُكاكا والكبابى والكوارى، فكل واحد كان يحلم بالحصول على بعضِ من قطرات بول رجبية.
تجمع الجميع فرحين ومباركين للحاجة شامة بول رجبية، بعد ان كانوا حزينين لذلك الشئ الذى جهلوهوا فى بداية الامر وندموا على كل نقطة أهدرتها رجبية من بولها المُعتق.
صارت رجبية تجد إهتماماً بالغاً من جميع اهل القرية، وكذلك زاد إهتمام أهلها بها، فبعد ان كانت تنهرها امها : يابت اوعِك تطلعى برة البيت!! فتغيرت النغمة إلى : يابت اوعِك تبولى برة البيت!!
حتى لما كانت تخرج رجبية تتجول فى القرية، كانت تجد إهتمام ونداء الجميع لها، منهم من يناديها من فوق الحائط ومنهم من يناديها من الشباك ومنهم من ترجها سحباً ان تدخل عندهم، فالكل، رجال ونساء كان يناديها ويسألها: رجبية عليك الله مامزنوقة بول!! تعالى النبى بولى عندنا، والله حضرنا ليك حلات كورة بايركس، تستاهل قعدتك فيها. كانت تستجيب أحياناً وترفض أحياناً.
ففى الصباح الباكر كان كل اهل الغنماية اُم شنب يتجهون صوب بيت الحاجة شامة، فالحاجة شامة لم تكن تبيع اللبن ولكن الكل كان يريد شيئاً من بولة الصباح حقت رجبية، لم تكن ترفض الحاجة شامة فى بدء الامر ولكن عندما زاد الطلب وكثر الناس، إتطرت الحاجة شامة يوم ان كوركت فى اهل القرية: ياجماعة والله البت بتكم وبولها خيره ليكم، عِلا كل شئ وللا بولة الصباح دى ، لانها الوحيدة القاعدين نضوقها وتركيزها عالى والباقى تراهو البت اليوم كلو بايلة فوق الحلة. ثم تعللت الحاجة شامة معتذرة لأهالى القرية قائلة: والله ياجماعة اعذرونى لانى اتفقت اليومين دى مع الحاجة فطين لانو عرس بتها قرب وقالوا نسيبتها الجديدة مرة شنافة والكركدى والعدريب مابنفعو معاها واهو نحن شوية شوية بنجمع ليها من بول رجبية، عشان المراة تستر مع نسيبتها.
فاحداثـئذن وصل الشمار الى الخزين فى البندر، أن بول اخته رجبية يوزع على اهل القرية مجاناً.
ففى اليوم التالى مباشرة هبط الخزين على أهل الغنماية اُم شنب من اللورى، وفوراً بدأ الخزين مع أبناء عمومته فى التخطيط لإستثمار خيرات بول رجبية بشكل تجارى، فيبدو ان الخزين تشبع بافكار أهل البندر، فاقنع أهله أن بول رجبية هو هبة من الله تخرج من بين الصُلب والترائب ويجب إستثمارها.
وبعد فترة قصيرة وبعد اقتنع أهل رجبية بالفكرة، تم تجميع كمية من بول رجبية وشراء الزجاج، وبدأ المشروب فى غزو سوق القرية كمرحلة اولى، فالخزين يبدو ذو عقل تجارى ماهر.
أفلح الخزين كذلك فى إختيار الاسم للمشروب، فإختار له إسم الكوكابولا، لان المشروب أصلاً بول رجبية ويحمل خصائص الكوكاكولا وبما ان الخزين يعلم بالحقوق القانونية للاسم والماركات المسجلة ولايريد ان يدخل مع شركة الكوكاكولا فى جدل، تفادى كل ذلك وإختار بكل مهارة إسم الكوكابولا.
بدأ إنتاج الكوكابولا فى التوسع ومن ثم غزو اسواق القرى المجاورة ، وبدأ ذلك التوسع يزداد شيئاً فشيئا الى ان وصل إنتاج الكوكابولا الى البندر.
كانت رجبية قبل الكوكابولا تحلم بالزواج من إى شخص، ولكن الان صارت ترفض اعظم الرجال، لانها تعتقد بان الكل يريد منها الزواج لطمعهم فى بولها.
فبعد ان توسع وزاد الانتاج بفضل الفحوصات الشهرية التى كان يجريها الخزين لرجبية فى البندر لتأكد من سلامة جهازها البولى ومدى كمية المخزون الإحتياطى فى مثانة رجبية، بداء الخزين بالتفكير فى غزو الاسواق العالمية.
وبعد فترة و ليست بالطويلة تحقق للخزين وأهله ماكانو يرنون له، فهاهى الكوكابولا تغزو الاسواق العالمية، مما سبب خسارة كبيرة لشركات الببسى والكوكاكولا وشركات المشروبات الغازية الاخرى. فما كان من الشركات المتضررة من الكوكابولا وإلا رفعت مذكرة إلى الامم المتحدة وامريكا.
فرحت امريكا بهذة المذكرة، مما سهل لها الامر ان تحشر أنفاها فى الموضوع، فامريكا كالعادة تحب ان تحشر نفسها فى كل شئ، حتى لو كان بول رجبية بت شامة فى قرية الغنماية اُم شنب ريفى اباط المجنونة.
بدأت امريكا والامم المتحدة فى إرسال الخطابات التهديدية الى الخزين بعتباره المفوض التجارى لبول رجبية ومدير اعمالها، بأن يكف عن إنتاج الكوكابولا.
أصر الخزين على موقفه وعلى مواصلة إنتاج الكوكابولا، وكتب خطاباً إلى أمريكا يثبت لهم فيه ذلك وان الكوكابولا هى إنتاج وطنى خالص لا دخل لامريكا فيه.
عرفت امريكا ان الخزين زول راسو قوى وناشف، لذلك فضلت معه إسلوب المفاوضات.
إقترحت امريكا والامم المتحدة على الخزين ان تكون المفاوضات فى نيويورك، ولكن رفض واصر الخزين انت تكون المفاوضات فى الغنماية ام شنب او كخيار تانى ان تكون فى اباط المجنونة، وجاء قوله ذلك تحت شعار (القول قولنا والبول بولنا).
وافقت امريكا والامم المتحدة على ان تقام المفاوضات فى اباط المجنونة. فحينها بدأ الإعلام فى تناول الخبر وسُميت المفاوضات بإسم مفاوضات اباط المجنونة ، مثلها ومثل مفاوضات ابوجا ونيفاشا.
بدات المفاوضات هادئة فى اباط المجنونة ولكن سرعان مابدأت تحدد، نسبة لتمسك الحزين واهل الغنماية اُم شنب برأيهم، فخرج اهل الغنماية اُم شنب والقرى المجاورة فى مظاهرات عنيفة ضد امريكا، فخرجوا يرفعون ويرددون الشعارات ضد امريكا...

يا امريكا ياعولاق
الغنماية اُم شنب اخطر من العراق
* * * * * ** *
بالدم بالروح
نفديك يارجبية
* * * * * ** *
يا امريكا ماتتنطنى
الكوكابولا مشروب وطنى
* * * * * ** *
الغنماية اُم شنب تحذر امريكا للمرة الاخيرة
* * * * * ** *
يا امريكا .. الدمار الدمار
بول رجبية حار ونار
* * * * * ** *
الخزين ياصنديد
أضرب امريكا بيد من حديد.

هكذا إحتد الموقف بين امريكا وأهالى الغنماية اُم شنب وإنتهت مفاوضات اباط المجنونة دون الوصل لحل يرضى الطرفين، فسحبت أمريكا مفاوضيها وأرجعتهم إلى نيويورك.

فرح أهالى الغنماية اُم شنب بإنسحاب امريكا من المفاوضات، فكان لهم هذا بمثابة النصر العظيم، فأقاموا الاحتفالات والافراح وسهروا اليالى الطوال فرحين.
وبعد أيام قليلة من إنسحاب امريكا من اباط المجنونة، وفى إحدى ليالى افراح قرية الغنماية اُم شنب هاجمتهم امريكا بالصاوريخ والطائرات قاصدة منزل آل رجبية فدمرت قرية الغنماية اُم شنب دماراً كامل ولم ينجى منهم أحد سوى غريب الراعى الذى كشف إلاعلام فيما بعد انه عميل أمريكا والامم المتحدة وانه لم يهبط على أهالى الغنماية اُم شنب من السماء.
بدأ إلاعلام فى تساؤل أمريكا لماذا تم ضرب وتدمير قرية الغنماية اُم شنب وقتل رجبية وأهلها!؟
فبكل سهولة اقنعت أمريكا العالم كله بأن رجبية بت شامة إرهابية وتتبول مادة كيميائية تساعد فى تخصيب اليورانيوم وصناعة أسلحة الدمار الشامل[/align].

عثمان حمد عثمان حمد
[/frame][/align]



التوقيع: عثمـان حمــد عثمـان حمــد
alhasahisa@hotmail.com
Osman Hamad غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-05-2009, 08:56 AM   #[8]
azzam_farah
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية azzam_farah
 
افتراضي الحالة

[frame="1 80"][align=right][align=center]الحاله[/align]

- طَيِب قُبال ما يحصل الحادِث بِتشوف شِنو ؟
- ما بتذكر في كُل مرة إلا صوت واحِد بِينادي واحِد إسمو عبدالجبار وبعد ده بلقاني مَيِت وبعايِن لِروحي وأنا مَيِت ... مَيِت يا دِكتور مَيِت ...
- طَيِب إهدا ... إهدا ... الحالة دي يا سَيِد الكجر مفهومة جِداُ في الطِب ... إنو الواحِد يِشوف نفسو مَيِت أو في وضع مُختلِف عن حقيقتو ... أو يشوف الناس البِحِبهُم والبِعرِفُم في وضع مأساوي ... ده مفهمو مفهمو ... عاوزك ما تقلق أبداً ...
- لكِن يا دِكتور الحِلم ده يوماتي بِجيني يوماتي ... وأنا مُصدِقو ...
- ليه ما بِتعتبِروا حِلم ... مُش إنت مُتذكِر إنك مشيت تنوم ... أكيد نُمت وحِلِمت ...
- في زول ... في زول ... بِيحلم بِبُكره ... وبُكره يحصل ليهو نفس الحِلم بيهو ...
- إهدا ... إهدا ... هاك أبلع الحبه دي ...
- يا دِكتور أنا ما شفت روحي بس المَيِت !
- شُفت مِنو تاني يا سيدي ؟
- بعد ما شُفت روحي مَيِت ... بعد كم يَوم كِده شُفتك إنت في حِله إسِما درب النمِل برضو مَيِت !
- درب النمِل ... عِرفت إسم حِلتي كيف ... مِن وين ... إتكلم ... إتكلم ... إتكلم
- سعد ... سعد صباح الخير ... حتأخر على العِيادة ... قوم يا كسلان ...
- صباح الخير ...
- بابا ... بابا الليلة مُش عيد ميلادي ؟
- ما في صباح الخير يا نانا يا حبيبتي ؟
- طَيِب صباح الخير ... الليلة مُش عيد ميلادي ؟
- الليلة عيد ميلادِك يا أجمل نانا في الدُنيا ، حأعمل ليك حفلة كبيرة
- ما تنسى يا سعد تجيب معاك زِيادة كيك وزينة
درس الطِب النفسي بعد تخرجِهِ إفتتح عِيادة أمراض نفِسية في شارِع الدِكاترة بِأُم دُرمان ... عِيادة أمراض نفسِية سعدالدين الفاضِل عبدالله ... والِدهُ الشيخ الفاضِل عبدالله يس مِن قرِية درب النمِل ريفي القضارِف ، فقيه القرِية وإمامِها ومُعالِجُها ... كان جُل وقتِهِ يُقضيهِ في حُجرتِهِ المُظلِمة مع كُتُبِهِ الصفراء وارِد الفجالة بِمِصر ، خافهُ بعض الناس وإحترمهُ بعضِهِم ...

- أزِيك يا عم علي ... كيف حالك ؟
- بِخير يا دِكتور ... نحْمِدوهو
-أها في زبائِن ... ولا أقرا لي كِتاب كالعادة ؟
- في واحِد إسمو الكجر عثُمان عبدالسَيِد
[/align][/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 23-05-2009 الساعة 11:34 AM. سبب آخر: تنسيق
azzam_farah غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-05-2009, 07:00 PM   #[9]
مجدي عوض صديق
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي السواد الأعظم منها كان من الجمال

[frame="7 80"][align=center]السواد الأعظم منها كان من الجمال[/align]


[align=right]كان اليوم هاديء وهي لا يسمع لها صوت متجه نحو الغرب على شارع النيل، كانت بين الأشجار الكبيرة الحجم تظهر أشعة الشمس بين الحين والآخر وجوانب الأوراق لكن الصوت لا يسمع حتى للمارة رغم انهم قليلون جداً في ذلك الوقت. الزمان كان في إحدى الايام الخريفية، الوقت عصراً شارف على المغيب.
لكن تلك العربة كانت تشابه السايح الذي يجوب شوارع الخرطوم في ذلك الجو المنعش وبه دعاش ورائحة الطين والمطر.
اتجهت تلك العربة نحو النيل على الرصيف الشمالي للفندق الكبير الخرطوم رغم أن شجر اللبخ الضخم كانت تغازله الرياح بنوع من الحب النبيل إلا ان تلك العربة توقفت فجأة في هذا المكان وهي سوداء تسر الناظرين وهنالك نوع من الوهج واللمعان رغم السواد الأعظم منها كان من الجمال.
إنفتح الباب الأمامي للعربة وخرج منها صوتاً موسيقياً لا تسمع وهي تائهة بين العربة ولون المغيب وضخامة اشجار اللبخ، ونزل على الأرض جزء من أقدام رجل بحذاء أسود لامع وظهر جزء من الجوارب الرمادية اللون والبنطال الاسود في نفس السياق، كانت تفاصيل الرجال (الكلاسيكية) وهو ضخم الجثة، وترجل من على العربة وكان ذو شيب كثيف على جانبي الرأس وسواد كاحل في ما تبقى له من شعر، وهو ذو عينان واسعة ولكنها عميقة بقدر الاتساع، اتجه الى مؤخرة العربة وفتح الحافظة وأخرج منها مقعد مطبق خاص بالرحلات واتجه الي المنصة الخاصة على النيل وهي تشرف على ضفاف النيل الأزرق وتراقب ملتقى النيلين عن كثب، وضع المقعد واتجه نحو العربة وانفتح الباب الأيمن للعربة دون أن يمسه بيديه ولكنه أخذ شابة مقعدة في ريعان الشباب وهي جليسة لا تستطيع الحركة، كانت الفتاة بشعر اقرب الى اللون البني والذهبي وهو يتصاعد مع الرياح يميناً ويسارا وهي تحاول ان تبعده عن وجهها، وهو يحاول أن يداري الوجه من المارة، وهي تمتلك عيونا يمكن أن ترى بها أشياء لا تستطيع أن تراها العين المجردة، ولكن الرجل كان لا يتأثر بما يدور حوله من الصراع بين الشعر والعيون والرياح فهو ليس طرفا في ذلك الصراع.
وهو له مبرراته الموضوعية، كان منشغل باشعال نار الغيلون الذي اخرجه من الجاكيت ومن الجانب الآخر أخرج التبغ ومن داخل الجاكيت علبة الكبريت وهو يحاول أن يشعل الدخان الي ان نجح وأخرج من فمه دخانا كثيفا، وكان الدخان متصاعدا إلى أعلى ووجه الفتاة من الجانب الغربي للدخان، والشمس في الغروب، وهي قرص ذهبي في داخله وجه الفتاة وشكل الدخان يرسم تفاصيل مبهمة على ذلك الوجه والقرص، في تكوين يلتقي بتدرج اللون الذهبي على أمواج النيل.
أعلن الغروب الكامل موعد الرحيل تحرك الرجل في نفس الهدوء متجهاً إلى الفتاة وهي لم تحرك ساكناً وفي تجانس غير منظور حملها إلى داخل العربة وحمل المقعد الي الحافظة في الخلف واتجه الي المقعد الامامي في العربة وتحركت بصوت هاديء في ذاك الطريق واللون الأزرق منسجم مع لون الغروب على السماء والإنارة بدأت تشعل نفسها على أعمدة الطرقات ولم نعرف إلى أين ولكن كانت أناقة كاملة وجمال صامت.
حتى وصلنا مكان اشبه بالقلعة وله ابواب على شكل الدائري وهي من الحجر القديم ولكن بها لمعان الحداثة وكانت صالة العرض وهي لفنان تشكيلي يعرض لوحات لم أر مثلها من قبل، كانت الواحدة منها بطول ستة أمتار وعرض ثلاثة، وهي لوحات وعدد من الجداريات ،وكانت تحمل بداخلها صالونات لملوك قدماء، مملكة الفونج، وحروب في ذلك الوقت، ورقصات، ومادحين، وخيول، وتلك المرقوعة والمجذوبين من الدراويش بالأوان البهيجة والغارقين في حلقات الذكر من يحملون أعلام الصوفية والملامتية، وكل كان في داخل لوحته يحكي لي تلك الحياة.
دخل الرجل ومعه الفتاة الى الصالة وهي تجلس على ذلك الكرسي وهو يدفعها إلى الأمام وما كانت إلا لحظات وكانت الفتاة امام لوحة بها تتويج أحد الملوك في دولة الفونج، ويظهر الككر والطاقية أم قرينات والدفوف والطبول. رأيت كما يرى النائم ان تلك الفتاة ترجلت على أرجلها واتجهت نحو اللوحة، ولم أر شيئا بعد ذلك، سوى أنني إنتبهت إلي أن الرجل كان ملكاً في دولة الفونج والفتاة أميرة في ذلك الزمان، ولها شعر طويل ممشط تلبس الدمور الأبيض والألوان الخضراء، الطبول والخيول متحركة ورجل يطير من الارض إلى أعلى ولم أشاهده ثانية ولكني بدأت كالآتي: كان اليوم هاديء وهي لا يسمع لها صوت...[/align]color]
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 24-05-2009 الساعة 07:41 AM.
مجدي عوض صديق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-05-2009, 07:18 PM   #[10]
خالد الحاج
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الحاج
 
افتراضي

[frame="7 80"][align=center]كيمو الشيوعي[/align]

[align=right]كانت جدران المنازل بالحي صباح أحد الأيام مليئة بشعارات وإدانات للحكومة بخط أحمر عريض .. (يسقط جعفر نميري) ، (لا للدكتاتورية) ، (عاش نضال الشعب السوداني) ...

وجوه غريبة تظهر لأول مرة في الحي وبعض الشباب يقف بعيدآ يتفرج بحذر والكل يشير لتلك الوجوه بأنهم "أمن" ...
الحاجة بتول تشتم بصوت مرتفع : الله يقلع الشيوعيين ما لقوا غير حيطتي دي يكتبوا فيها يسعلني الله كلفتني 200 جنيه " بوماستك" ...
تقف عربة بوكس بدون نمرة ينزل منها شابان يحملان علبة بوهية وفرشاة يغطيان بهاالكتابة بشخبطات جعلت منظر الحائط كأحد رسومات "سلفادور دالي" ولم يجدي صريخ الحاجة بتول نفعآ مع تلك الوجوه الصارمة والتي تتعامل بمكنيكية تخلو من أي لمسة إنسانية.. وإنتهار للجمهرة : يلا كلو زول يمش في حالو.

كان كيمو يعاني من صداع عنيف جراء سهرة الأمس في بيت مريوم وقد ضايقته رائحة "العرقي " العابقة في الغرفة وفي ثيابه.. ضخم الجثة له لحية غير مهذبة فارع الطول أشبه بمايك تايسون.
سمع كيمو الضجيج فخرج يتشمم الخبر ولم يجد خيرآ من "فاطنة زهرة" فعندها الخبر اليقين.
يا حاجة فاطنة في شنو؟
فاطمة زهرة :
الشيوعيين يا ولدي كتبوا في الحيط وشتموا الحكومة، والحتة مكهربة كلها أمن والشيوعيين ياها فلاحتهم يسقط فلان ويعيش فلان. أمش نوم نومك لا تجيبلك مصيبة لي رقبتك.

كيمو إنسان يهوي العراكات ويسميه أهل الحي كيمو حفلة لأنه مشهور "بفرتقة الحفلات" .. دائمآ ما تجده في "الفارغات" يمتلئي جسمه ووجهه علي الخصوص بكمية من الجروح القديمة تركت أثار لن تمحها الأيام.
يتحدث في كل شيئ ويعرف كل شيئ بدءآ من ثقب الأوزون وحتي الأطباق الطائرة.. يحفظ كمية من المصطلحات يحشرها حشرآ في غير ما مكانها..

كان يومآ غير عادي وقد إنتقلت الحكاية من لسان إلي لسان ومن شخصآ إلي آخر كل يضيف إليها حتي صارت كالإسطورة اليونانية.

أقبل المساء . والمكان يعج بتلك الوجوه الغريبة يظنون أنهم لا يلفتون الأنظار بالوقوف أمام كشك العم عبد الوهاب وبوابة نادي الأسرة.
إثنين من الشباب الشيوعيين يحملان شنطة "سامسونايت قديمة" بها منشورات يخرجان من ساحة البرهانية شمال النادي وهما يتلفتان.. فجأ تقف عربة بوكس بالقرب منهما فيلوزان بالفرار.. ينزل شخصان من البوكس ويجريان خلفهما.. كان كيمو يقف أما م داره المواجه الحائط الغربي للنادي يرمي أحد الشباب بالشنطة أما م كيمو فيرفعها الأخير محاولآ فتحها.
يقف أمامه فجأة شابان ويسأله أحدهما :
يا شاب الشنطة دي بتاعتك؟
كيمو: أيوة حقتي في شنو.
يا زول إنت متأكد الشنطة دي حقتك؟
كيمو: يا زول إنت أطرش ولا شنو قلت ليك الشنطة حقتي.
تقف العربة البوكس بجوارهم ويخرج أحد الرجلين بطاقة يشير بها لكيمو المسكين قائلآ :
يا زول نحن في الأمن ممكن الشنطة ؟
يمد كيمو الشنطة ووجه يمتلئ بتعبير خليط بين الرعب والحيرة والبراءة.
يفتح الرجل الشنطة المهترئة ولم تكن تحتاج لأي جهد كبير، أعداد مصورة من جريدة الميدان ومنشورات إدانة للحكومة تسقط من الشنطة علي الأرض.
يتراجع كيمو وهو يتلفت نحو باب المنزل فيمسك أحد الرجلين يده ويخرج "مسدس" يا زول ماشي وين؟
إنت حا تمش معانا مشوار صغير .

فكر كيمو للحظة بالنكران ولكن تجمع بعض الشباب جعله يستمسك بشخصيته المعاندة ويلزم الصمت..
تحركت العربة البوكس تحمل كيمو إلي مكان مجهول..
إنتقل الخبر كالنار في الهشيم والكل يتحدث عن كيمو (الشيوعي) وكيف أن الأمن قد هاجم منزله وقبض عليه وبدأت الروايات تتعدد.. من يقول أنهم وجدوا سلاح بالمنزل ومن يقول أن الأمن صادر ماكينات "رونيو" كان كيمو يطبع بها المنشورات.. كانت فاطمة زهرة هي الوحيدة التي تعرف الحقيقة.. ولكن من يستمع إليها.

كيمو من ناحية أخري في موقف لا يحسد عليه.. ربطوا له عينيه بشريط من القماش القطني.. وأدخلوه إلي منزل ليجد نفسه في غرفة ليس فيها من أساس سوي برش مهترئ.. وافترش كيمو الأرض ورأسه الذي يعاني أصلآ من الصداع وبقية "سكرة" يتحرك كبندول الساعة...

تركوه نصف يوم ثم بدأوا في التحقيق معه كأن أقصر تحقيق في التأريخ.. يا زول إنت بتطبع منشورات وكان السؤال مدعومآ بلطمة علي الوجه؟؟
بدأ كيمو هنا في النكران.. رماه كله دفعة واحدة.. يا جماعة شيوعي شنو وكتابة شنو أنا ما عندي شغلة بالحاجات دي الناس دي رمت الشنطة جنبي وجروا...
كان العسكري يعلم أن كيمو يقول الحقيقة.. ورغم هذا كان يصر علي إلصاقها بكيمو .. ربما أرادوا تأديب الآخرين في الحي في شخص كيمو.. وربما يكونوا قدموه كبشآ للفداء حتي لا يرجعوا لرؤساءهم خالي الوفاض..
في النهاية كان كيمو هو الضحية.. ونال كيمو عدة "علقات" ثم حولوه إلي كوبر..

هذا عالم جديد لكيمو.. أجلسوه في غرفة بها مجموعة من السياسيين.. كان يحس بالغربة بينهم فهم يتحدثون بلغة غريبة عليه.. ولكنه علي كل حال بدأ يستمع.. ثم يسأل وكانوا رحيمين به..
محا كيمو أميته السياسية.. وتعلم الغناء للمعتقليين وهم يغادرون وللقادم منهم.. "فقط لو يجد ليهو كاسين؟؟ كانت تبقي حاجة تمام"...
في الحي بدأ الناس يعتادوا غيابه وماتت حرارة (الشمار) واكتشفوا فوائد لإعتقال كيمو إذ صارت الحفلات تستمر حتي يوقفها البوليس بعيد منتصف الليل.. ولكن بقي أمر واحد .... (( كيمو شيوعي)) ... لا شك في ذلك ....

خرج كيمو شخصية جديدة...كان يوم إطلاق سراحه مناسبة عظيمة "للشمار" في الحي.. الكل يتحدث إليه حتي من كانوا يتحاشونه في السابق...وصار يبتدر حديثه "في الحتة دي" ويدخل مصطلحات جديدة في حديثه مثل " الديلاكتيك" و ينادي الشباب بي "يازميل" بدلآ من "يا مان" .. وخلق كيمو عداوات جديدة وصداقات جديدة فقد أعتبره جعفر الموش كافرآ بالله لا يصلي وبدأ عثمان الأطرش (أنصاري سنة) في الجهاد فيه وذلك في محاولة منه للتقرب لله تعالي في شخص كيمو بإهداءه سواء السبيل..

مرت الأيام... وبعيد الإنتفاضة إتجه كيمو للتدين.. فقد إكتشف فيه فوائد عديدة وصلت قمتها بقيام الإنقاذ.. وصار كيمو الشيوعي من عملاء بنك فيصل .. كان في أول دفعة طوعية تدخل الدفاع الشعبي.. ثم تزعم اللجان الشعبية في الحي.. ومن الديلاكتيك تحول الأمر إلي مرابحات ومضاربات.. ووووو وعربات...

شخصان فقط كانا يعلمان الحقيقة... حقيقة كيمو ...
فاطمة زهرة. وكيمو نفسه... فقد كان يعود لشخصته الحقيقة ليلآ يضع "الزجاجة " بالقرب من السرير ولا ينام إلا وهو مخدر.. كل الذي تغير أنه صار ثريآ وأميل للهدوء...

وبقيت مصيبة واحدة لا فكاك منها في الحي... فقد إلتصق به الإسم (كيمو الشيوعي)[/align] .
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة خالد الحاج ; 27-05-2009 الساعة 10:26 PM.
التوقيع: [align=center]هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها،
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا من رجْسِها،
حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

(عالم عباس)
[/align]
خالد الحاج غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-05-2009, 07:21 PM   #[11]
خالد الحاج
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الحاج
 
افتراضي

[frame="7 80"]"[align=center]جو سوي أباس" ... لعنة عباس تطاردني[/align]...

[align=right]في الثمانينات من القرن المنصرم
الفصل الأول ثانوي... كان من نفحات مايو "النادرة" أن أحضرت بالاتفاق مع وزارة الثقافة الفرنسية أساتذة يعلمون طلاب الثانويات اللغة الفرنسية..
كان الأستاذ "ماثيو" من نصيب مدرستنا النموذجية ...
اجتهد الرجل والحق يقال لتعليمنا إلا أننا علمناه العربية قبل أن ننطق بالفرنسية وهذه من معجزات جيلنا لم يسبقنا عليها إلا ابن ود الجبل في الحكاية الشعبية .
يدخل الأستاذ ماثيو الفصل صباحا وهو يبتسم قائلا :
bonjour
نرد جميعا :
bonjour monsieur
كان الطلاب في الفصل يتفاوتون في الاهتمام بدراسة هذه اللغة الجميلة
وربما لغرابة النطق وندرة من يتحدثونها في السودان فشلت التجربة
لكن أسباب فشل التجربة في مدرستنا لم يكن أحد هذين السببين..
كان عباس هو سبب فشل تعلمنا الفرنسية ...
عباس كان أكبرنا عمرا وكان يقارب في عمره معظم الأساتذة بالمدرسة
شديد التهذيب حتى ونحن نمارس شقاوتنا عليه لا ينفعل ويواجه كل ذلك بابتسامة ناضجة وواثقة ... جاء عباس ليتعلم ، غير ما هو الحال مع بقيتنا فنحن جميعا جئنا المدرسة كي نتلقى التعليم ولكنا كنا نفعل ذلك كواجب لا مهرب منه أما عباس فقد كنت أشعر أنه يستمتع بالعلم وبوجوده في المدرسة ...
اهتم عباس باللغة الفرنسية وشعر الأستاذ ماثيو بذلك فاهتم به هو الآخر
وكنا نشعر وكأنه يدرسه وحده ثم يلتفت إلينا كتمامة عدد..
كان يضحكني وكنت لا أخفي ذلك ببجاحة وشقاوة ..
يبدأ عباس بثقة في ترديد الجمل الفرنسية :
Bonjour Mon nom est Abas
صباح الخير اسمي عباس,
أو
Je suis Abbas
اسمي عباس.

صوته الضخم يتردد في الفصل وله صدي..
يلاحظ الأستاذ ماثيو ضحكي فيطلب مني الوقوف وترديد الجمل الفرنسية
أردد بخبث :
Je suis Abbas
اسمي عباس.

يغضب ذلك الأستاذ ماثيو فيقول غاضبا ...
vous nommé n'est pas des abas que
votre nom est khalid

"أنت لست عباس أنت خالد"
ثم يطردني خارج الفصل بجملته الشهيرة :
sortir"خروج"

لم اتعلم الفرنسية وأظنني لست الوحيد إلا أن عباس تعلمها وأجادها..
وتمر الأيام ....
العام 2007 رورموند شركة (Rockwool) حيث أعمل الآن ...
قامت الشركة بإفتتاح فرع لها في كل من فرنسا وبولندا..
جاؤوا بعدد من الموظفين للتدريب عندنا في رئاسة الشركة ..
كنت من ضمن الذين وقع علي عاتقهم تدريب هؤلاء الموظفين..
.....
........
اسمها روزلين ...
فرنسية خلاسية ...
حسن الفرنسيين نسلهم من خلال استعمارهم للشعوب..
جميلة بالجد !!! دون مكياج أو ظلال للعين .. تلبس الجينز وكأنه فصل علي مقاس جسدها ... تجلس دون تكلف وتاخد راحتها بالكامل...
وأتبعها أنا كظلها بعيني....
تسألني ..ما هو اسمك ؟
وجدتني دون أن أشعر أقول :
Je suis Abbas"اسمي عباس"

لعنة الله عليك يا ماثيو ما كان يضيرك أن تحملت شقاوتي ...
كان نصيبي أحد البولنديين أصلع بكرش ضخم وفرنسي لا يعرف معني حمام
ولم يتكرم عليه الله بهواية النظافة .. يلبس بدلة "شيك" ولكن أكتافها تمتلئ بقشرة شعر رأسه ورائحته لا تطاق...
هل لأنهم يتحدثون الإنجليزية كانوا من نصيبي أم هي لعنة عباس؟
لا زلت أتبع روزلين وتهز رأسها لي بالتحية :
monsieur Abaas bonjour "سيد عباس صباح الخير"

هي لعنة عباس دون شك[/align]...
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 24-05-2009 الساعة 07:45 AM.
التوقيع: [align=center]هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها،
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا من رجْسِها،
حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

(عالم عباس)
[/align]
خالد الحاج غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-05-2009, 10:18 PM   #[12]
الجيلى أحمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الجيلى أحمد
 
افتراضي

[frame="7 80"][align=center]ماريا الخضرجية[/align]..


[align=right]يومين فى الاسبوع تمر ماريا الخضرجيه ناحيتنا بمقطورتها المحملة بالفاكهة والخضار الطازج..
ماريا تبدأ رحلة يومها من قمة الجبل وتطوف بمقطورتها الشوارع المتعرجة منحدرة للأسفل ,
فتصلنا بفاكهة وخضار أقل جودة,,
لهذا عمدت إلى التعرف عليها وتوصيتها بحفظ بعض الخضار الطازج جانبآ لأجلى...
ماريا طويلة القامة بشكل مذهل على عكس أهل المنطقة
متوسطى القامه أو قصارها فى الغالب والقريبى الملامح من العرب...
ماريا شعرها أسود حالك ,تتركه على كتفها وحول وجهها دون إعتناء فتبدوا غجرية لاتزعجها الريح..
هى دون شك إمرأة شاهقة الجمال باذخته, يطل من أعينها حزن مظللآ لجوف أعين
واسعة,ذات نظرة عميقة تعرف أين تنظر وماذا تود,,شفاهها ذات لون برونزى
..نادرآ ماتبتسم..قليلة الحديث ,وإذا فعلت يخرج منها صوت متهدج إنثوى تشوبه بحة من كثرة التدخين ..
كثيرة الكح..تفوح منها رائحة خمر كلما تحدثت إليها..
نساء القرية لايحببنها فجمالها جعل الكثير من رجال ذلك المجتمع التقليدى يهتمون بشراء الخضر والفاكهة بل وتقضية وقت طويل فى تنقيتها وتناول الأحاديث مع ماريا , لاحقآ وبعد أن توطدت علاقتى بها حكت لى مضايقتهم لها .....
,,,,
البداية كانت فى أمسية دافئة,درجات الحرارة جاوزت 35 -
النجوم إعتنت بتزيين السماء والشاطئ هادئ إلا من أصوات
السياح والعشاق المتناثرين على الرمال , بعضهم أوقد نارآ
وأكتفى البعض بضوء النجوم...
رائحة البحر طازجة وجديدة كأن الموج لتوه يخلق..الرمال
على إمتداد الشاطئ متحدة اللون والهيئة..وريح خفيفة ساخنة
تهب من ناحية البحر , يسمونها (الشروك) ,يقولون أنها تأتى
من أفريقيا والمدارات الساخنة..قوية بحيث تعبر طريقها خلال
المتوسط لتصل هادئة إلى شوطئهم مشحوذة بكامل دفئها....
تعرق مسام الأرض وأشجارها , وأيضآ أجساد البشر وحتى الموج
يعرق والأحجار التى تسفلت الشارع منتظمة بألوان بنية غامضة
وبيضاء ,,المرمر الذى تشتهر بإنتاجة صقلية يعكس أضواء
مصابيح الطرقات..مقاعد حجرية من المرمر
تعكس أضواء منازل فخمة قامت على أطراف الشاطئ....
الكون يعرق بهدوء وأنا ومن حولى نستجير بالماء..الساعة
تقارب الحادية عشر ليلآ..
سبحت نحو منطقة الصخور وأنا أقترب لمحت خيال شخص يجلس
على أطراف صخرة,,أقتربت أكثر فتبينت الشعر الغجرى والقامة
الطويلة,,,جالسة بلباس البحر وعلى كتفها منشفة,,فخمنت أنها
خرجت من الماء قبل قليل..بجانبها وضعت زجاجة شراب أتت على
نصفها..سبحت حتى وصلت قبالتها تمامآ ,,كانت تجلس فى منطقة
المياة تحتها غريقة وضاجة تركت جسدى يطفو على الماء حينآ
بادرتنى قائلة,,
- ماذا تفعل هنا..??
إعتمدت بيدى على أطراف الصخور وصعدت حتى بلغت ناحيتها..
قلت لها,
- ماريا ماذا تفعلين وحيدة هنا ..??

قالت ضاحكة,
- هل من عادتك أن تجيب على السؤال بسؤال..??
,,,,,,,,

ماريا الصامته كانت تنظر نحو جبل (Erice) بشرود,,
تحرك قدميها داخل الماء بتراتب,ودخان سيجارتها يرحل
نحو الموج ويتلاشى..حزنها واضح فى صفاء الليل وشرودها
متحد مع صفو المكان كتؤام..تركتها لصمتها وأستلقيت على
الصرة ألتقط أنفاسى..
سألتها بعد حين,,
- لماذا أنت حزينة هكذا ..??

أرجلها بنفس الرتابة كانت تتحرك فى الماء ..لم تعرنى جوابآ..
أحسست بفداحة سؤالى..سؤال كهذا لايلقى هكذا وفى هذا الوقت..
قررت العودة للشاطئ,,أعتمدت على الصخور مجددآ ونزلت إلى الماء..
ضربت الماء بيدى مبتعدآ عنها..
صوتها جآنى فية بعض رجاء..
- إبق قليلآ...
توقفت عن السباحة وأنا أفكر..
هذه إمرأة تعيسة..ستعكر صفو هذا المساء الحالم......
ولكن عذوبة صمتها وغرابة حزنها يشفعان لعودة وإصغاء..
أعرف أن قصة ما تكمن خلف هذا الصمت الحزين..
جلست حينآ لاأدرى ماأفعل أو أقول..تركتها حينآ ترتب
ذاكرة مرهقه..نظرت نحوها فبدت غاضبة..صفحة وجهها تبدو
واجمة كأنها تصد البحر عن شواطئه..مدت لى ماتبقى من كأسها,
دون أن تنظر نحوى..
بعمق تنظر للماء كأنما تسرب خاطرة أخرى تعبة للموج..
عكفت على صمتها.. وظللت أنا مستلقيآ على الصخرة يفصلنى
عنها نصف متر..أنفاسها تعلو وتهبط,,فجأة أخذت تهتز بقوة
وكأن صاعقة نزلت عليها..أخذت تبكى بحرقة.. بعد حين إستلقت
على الصخرة وهمدت تمامآ حتى ظننت أن الروح فارقتها..
أعدت أنا صلتى بالنجوم وظلت هى على حالتها قرابة نصف الساعة
..فكرت فى معنى الخلق والتكوين وكم هو الوقت الذى تستغرقه إدارة
ساعة الكون وتفاصيله..ترى أيهما أهم ,المسافة التى تحصر النجم فى
مسارة أم حزن إمرأة تعيسة..

هبت نسمة دافئة أخرى فكرت معها بنزع جلدى والعودة للماء..
ماريا كانت تصب لنفسها كأسآ آخر..
صوتها كان هادئآ وكأن بكاؤها بعثها حية مرة أخرى,,
,,,
,,,
,,,
المساء يرف بثوبه من جديد,بهدوء وروية يطوى أطراف الضوء
ويخيط لها لون متسارع التغير... أحمرآ ثم قانى بلون الدم
وربما طعمه..نصل حاد كان ينسل من وسط السحب المتحدة ناحية الجبل
وعندالبحر بقرب أماكن صناعة الموج ,,يشق
النصل أسفل السماء ويرتفع بتمهل غير عابى ببكاء الضوء, ,اللون القانى
يشبع مسام البحر ,هناك حيث يخلق الموج..
من أمام منزل ماريا بدأ لى الغروب شاحبآ كذكرى عديمة المعنى وتافهه..
وهى من المرات القلائل التى أحس فيها بأننى غير مجدى ...
هو ليس منزلآ كما تحمل المعنى بل (كرفانآ) قائم أسفل الجبل وليس بعيد
عن الشاطئ يحيط به سور خشبى متهالك ومتآكل بفعل الرطوبة وعدم الإعتناء
..ليس حوله منازل أو أحياء ..قائم بذاته فى تحدى مثير لمنازل الشاطئ المرمرية الفخمة..
أسبوعان لم تمر ماريا ولم يسمع أحد شيئآ عنها..فجاءة أختفت كما ظهرت..

دعتنى ذات مساء إلى كرفانها ,كانت منسابة وبسيطة ,نفس البحة والصوت المتهدج الحزين فقط كانت تضحك أحيانآ,المكان أكثر نظافة من قبل وهى
أيضآ,أعتنت بالطاولة ,وبشعرها..
بعد كأسها الرابعه أرتنى البومآ حوى صورآ لها وأطفالها, لاحظت أن أغلب الصور التى تجمعها مع أطفالها غير مكتملة ,وكأنما قرأت مايدور برأسى,
- منذ تلك الحادثة قمت بقص جميع صورة..
صوت مغنى الروك (فاسكو روسى) كان ينطلق حزينآ..
أغلقت الألبوم دون أن أكمل بقية الصور ومضت هى تنفث مجددآ من دخان سيجارها..
فجأة قالت,
- لماذا لاتودنى كما الآخرين,,
تحب ماريا الكونياك,تشربه بتلذذ مدهش ,تسرب السائل المحرق خلال أسنانها
ببطء وتخلطه بلعابها وتقفل أعينها وتبقى الخليط حينآ ثم تحركه فى فمها
كمن يلوك طعامآ وبشكل لايخلو من إنوثة ,كانت الزجاجة تمضى نحو نصفها,
لم أجبها,ولم يبدو أنها تتعجل إجابتى,
كل مافى ماريا ينضح بالأنوثة حتى حزنها ,هى تعرف أنها إمرأة لاتقاوم,
- أنت مثاليآ أكثر ممايجب,
أكملت وهى تمر أمامى بطريقة متقنة,
- ليس عيب أن تنالنى,..
بقية حديثها لم يكن واضحآ فقد عجنته بلغه المانيه ..
لاأظن بأن ماريا كانت تودنى حينها,ربما كانت تحاول هزيمة أشياء أخرى..
لست أنا من يأكل الفاكهة لأنها فاكهة..
- أوهامك الشيوعية لن تورثك سوى الجنون...

أدرى ياماريا أننى فى مكان ما متسربل بالبرجوزاية, كآخرين ولكنى
أدرك أيضآ أن الحقيقة لم توجد بعد وأن الوهم طريق مختصر لتقبل الحياة كما نحتها فلاسفة وأدباء إعتنى بهم دود الأرض دون تمايز,
أدرك ياماريا أن المرأة التى تحب العالم نادرة كما الرجل ,وأدرى أنك لست جنتى المشتاه حين يرحل الجسد فى غربته عن الجسد .. ربما صفاؤك هو السبب الأوحد لوجودى هنا..
لاتحب ماريا هذا الحديث ,,تتقبله على مضض ..
..تغير ملابسها لعدة مرات فى مساء واحد ,تغير تسريحتها وشكل الطاولة..
,,,

خرجت من منزل ماريا والسماء يعمها السواد ,,تلتحفه بصمت
ناحب ,ربما الأرض نادمة على فعلها الأخرق اليومى..تستدير وتستدير
,رغبتها ماضية..
فى نفس المساء الذى بكت فيه بحرقة ,كنت على قافية أخرى أتودد
لروحى كى تغفر,أنظر إلى السماء ولاأرى سوى ضوء عادى ,خامد,جسد كونى
آخر يسقط يقرظ الشعر لأجله وتؤجل بقية الأشياء من أجل أمنية حالمة,

ومارية بجوارى ليلتها, كانت تحاكى الأرض , ملتفة على جمال خفى وفى بقية
الكون تسكن سرها...
بعد بكاؤها بعثت حية ..السر الذى تطوية الضلوع لاينفلت إلا من عقل تغيب
,,من قلب لصيق بنبض الأله,حينما تصبح الحياة نجوم وماء وقمر ,,
إرتدت الثوب الأبيض مبكرآ ,حبها للكنيسة جعل الأمر أسهل
,فغاية حياتها كانت زوج وأطفال ,رداء تخيطه لهم ,تطهو أيضآ راضية ,هى أرض متفننة فى فعل التكرار ,اليوم يشابه الغد ,,

قالت..وقالت..
ولم أنطق أنا بحرف,

بعد أسبوعين من غيابها وجدت الكرفان حافيآ وزهوره ميته,بحثت عن المفتاح
فوجدته فى مكانه,متسخآ كعادته وصدئآ ,أن لم تتحايل عليه إستحال لجزيئن فى ثقب الباب..
رائحتها عالقة بالمكان ,رائحة ماريا لاتقاوم (هكذا كنت أتبسم وانا أنظر المكان الخالى),
حين فتحت الباب كان الكرفان مهجورآ ,بائسآ...لاشئ على الجدران ,لاطاولة
حتى الأزهار التى تحبها وتلهى بها نفسها حين يشتد غضبى ,قد أختفت ,,
بحثت عنها دون فائده ..

لم تترك ماريا أثر فى هذا المكان..

كنت فى طريقى للخارج حين لمحت مظروفآ ملصقآ على الباب من الداخل,
أغلقت الباب ووضعت المفتاح الصدئى فى مكانه...
سرت على أرجلى حتى بلغت المكان الذى التقيتها فيه ذات مساء..
جلست على نفس الصخرة ,,
أشياء تأتى وتذهب فى مران عجيب للذاكرة,
-ليس من حقك أن تخاطبنى هكذا..
أرجل حافية على الرمل وإبتسامة تحتفى بالمساء ,,
لم أدرى هل كنت غافيآ أم لا,
لكنى بوضوح أتذكر عربة تمر من خلفى وصوت أعرفة
-مساء الخير,
-هل من عادتك أن تجيب على السؤال بآخر..??
الصوت أعرفه ولكن من الذاكرة لايخرج سوى دخان..دخان
-هربت منه نحو الشرفة ,يده كانت مطبقة على حلقى ,دفعته
بكل قوتى,وحين إلتقط أنفاسى كان يرقد فى الأسفل..
كنت مشدوهآ ربما ..مندهشآ.. ,بقية كأسها الذى مدته
نحوى تحجر ,فلا يدى تمتد نحوها ولاهى قادرة على شربه..
- أين فى الأسفل..!?
غيرت ثوبها للمرة الثانية..أعينها الواسعه خالية من الحياة,
- كان كجرم طائش هوى من السماء لايهاود فى مستقره..
لم تكن تأبه بسؤالى..
-أين فى الأسفل...!!?

قالت وقالت
- كان يضربنى

-أين فى الأسفل...???



وقالت
- قبل تعرفى عليك كنت أعيش فى سلام..
وقالت
- تبآ لك إنى أكرهك...........


يهوى النجم من على متفاخرآ بإنفلاته ,يتأبط صخره والأتربه ..
يحترق
ويحترق
وتصوغ له معادلة الكون ذنبآ لاهبآ,يتناثر على مرأى من شواهد الكون ,
ليس خجلآ أو نادمآ ,
المظروف الذى أخذته من الباب لايذال فى جيبى ,
أتخوف من فتحه ,ذاك سبب كافى (لهرجلة) الذاكرة,,كم أكره هذه المظاريف
غير الأنيقة..عليها إسمك فى المنتصف ,توضع حيث حتمآ ستراها,مغلقه بعناية وكأن كاتبها تخير أجود أوقات صفاؤه لسجنك داخلها,,


Caro Gily

.............................
.................................................. ...
....................................
........................................
.................................................. .
.................................................
..................................................
.................................................. .....

,
.................................................
....................................
.................................................. .
.................................................. ..


ليتنى لم التقيك[/align]


ماريا
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 24-05-2009 الساعة 07:46 AM.
التوقيع: How long shall they kill our prophets
While we stand aside and look
Some say it's just a part of it
We've got to fulfill de book
Won't you help to sing,
These songs of freedom
'Cause all I ever had
Redemption songs
الجيلى أحمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-05-2009, 10:53 PM   #[13]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي نوال...

[align=center][frame="7 80"]
[align=right]
[align=center](نوال)[/align]
هي الثانية من بعد شقيق يكبرها...
تليها شقيقات خمس...
ثم شقيقها الأصغر جعفر الذي خرج الى الدنيا بضمور في المخ ...ليعتاد الناس تسميته ب(الدريويش)...
نشأت الأسرة على كفاف من عيش بقرية وادعة في شمالنا الحبيب...
مصيرها كان كمصير العديد من بنات جيلها اللائي تركن الدراسة في مراحلها المختلفة...
فهي أذ تتساوى معهن في سمت المسغبة التي ترخي بسدولها على اسرهن ...الاّ أنها تزيد عليهن بملازمة أمها للفراش جرّاء مرض عضال...
ثم سفر شقيقها الأكبر الى ليبيا ...وانقطاع أخباره!
طالبتها أدراة المدرسة الثانوية ب(دفع) مصاريف الجلوس لأمتحانات الشهادة الثانوية فلم تستطع الى ذلك سبيلا...
أذ أخاها الأكبر لم يدع لهم شيئا ليباع ...
فهو قد باع كل شئ ليهيئ نفسه للسفر!...
ثم ان الذي بقي بيد والدها من مال لا يكاد يكفي تكلفة الدواء الذي يبتاعونه كل شهر لأمها...
في يومها ذاك...
رأى (الدريويش) عينيها محمرتين من أثر الدموع فقال لها:
-ماتبكي يانوال ...(الله في) ...
وبقي يهزج بها (الله فيه ...الله فيه...الله فيه)
فما كان منها ألاّ أن ضمته الى صدرها وقبلته على جبينه...
لقد منّت نفسها بأن تصبح معلمة لتنير عقول النشئ...ثم تستعين بما تناله من مال في رفعة شأن أسرتها...
لكنها رددت مع الدريويش ...(الله في).
وكم اراحها ترديدها لأهزوجة الدريويش...
فهي قد أعتادت بأن ترى وتجد منه الكثير المثير ...والذي لا يجده فيه أحد غيرها سوى الأم المريضة...
قالت لها أمها مرة:
-جعفر دة ما تستهونوا بيهو يانوال...
(جعفر دة فيهو سر كبيييير)!
...
وتفرغت نوال لأشغال المنزل...
لم تكلّ أو تملّ وهي تضئ كشمعة لتنير للآخرين حياتهم...
ممارضة والدتها المصابة بالسرطان...
أحتياجات والدها السبعيني...
حراك حياة شقيقاتها الخمس...
يضاف الى ذلك الأهتمام بحياة (الدريويش) والحرص على البحث عنه كل مساء لضمان مبيته في المنزل...
ولم تلبث شقيقاتها الخمس أن تزوجن خلال عام واحد!...
ولم ينصرم العام الاّ وافضى والدها الى ربه...
فجهدت (نوال) أيما جهد وهي توزع نفسها بين شقيقاتها اللاّئي أعتدن أنجاب التوائم ...
وأمها المريضة ...
وأخيها (الدريويش) الذي ماكان له غيرها ليهتم بأكله وملبسه ومتابعة حراكه ...
وأعتادت عمل الكثير لتدر دخلا تعيل منه نفسها وأمها وأخيها الدريويش...
نسج (الطواقي والمناديل)...
عمل (الطعمية والزلابية) وبيعها لطلبة المدارس...
متابعة أجير أتوا به للعناية بالارض الصغيرة التي تركها لهم الوالد...
وامتدت هباتها وعطاياها الى شقيقاتها الخمس من (خبيز وتمور ثم احتياجات رمضان في كل عام) حتى لا تشعرهن بمنقصة دون الأخريات...
وبرغم كل هذا الجهد والحراك فان الأبتسامة لم تكن تغادر شفتيها البتة...
أعتادت نوال بأن تهجع من ليلها النذر اليسير أذ قلبها دوما منشغل بأمها المريضة...
قال لها (الدريوش) مرة:
(أنتي يانوال وكت أصلك نومك قليل ...ليه ما بتقيمي الليل زي شيخنا وراق)؟!
ضمته الى صدرها وقبلته على جبينه وقالت ...صدقت...
وبدأت تقيم الليل ...
وشرعت تقرأ صفحة من كتاب الله خلال كل ليلة...
ثم تدعو الله ماشاء لها من دعاء وهي تبلل حجرها بدموع الرجاء...
وظل الدريويش ينظر اليها من طرف خفي من تحت غطائه وهو يشارك أمه الفراش...
وخلال سنوات ثلاث ...أذا بها تكمل حفظ كتاب الله !
وجاء رمضان...
فتفيأت ظلال العشر الأواخر منه...
وفي ليلة من الليالي وهي تتلو ...أذا بها ترى كل شئ قد خر ساجدا لله...
والملائكة تحوِّم داخل غرفتهم وهي تنشد طلع البدر علينا...
ويهتف بها هاتف...
(يانوال هذه ليلة القدر فادعي الله بماشئت)...
ويشتد وجيب قلبها ...
وتتعالى منها الأنفاس وكأنها تهرول المسافات الطوال...
ويتلعثم منها اللسان...
فترفع كفيها لتدعو الله...
ولكن يقع بصرها على فراش (الدريويش) لتجده خاليا...
فتقفز وجِلَة الى خارج الغرفة...
فاذا به قد ارتفع عن الارض على مستوى بصر الرائي وقد اعتمر له جناحين من ريش ...
ياللنور الباهر الذي يشع من وجهه!
وياللأبتسامة الوضيئة التي ترتسم على شفتيه!
قال لها (جعفر) من علٍ وهو يرفرف بجناحيه:
-يانوال ...
أنا ذاهب الى ربي لأجاور الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في أعالي الجنان ...
وقد سبقتني أمي قبل قليل ...فلا تحزني ياأختاه...
فصاحت به:
-وماذا عني أنا ؟!...
قال لها وقد تهلل وجهه أكثر:
-لا تحزني يانوال...
أدعي الله ياشقيقتي وقولي (اللهم آتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني عذاب النار)...
فأجابته وهي تبكي:
-لكني سأصبح وحيدة...
-لا لن تصبحي وحيدة ...
ستتزوجين باذن الله ...
وستنجيبين البنين والبنات ...
ولكن عديني بأن لا تنسين تسمية ابنك البكر باسمي ...ثم علا واختفى...
عادت مهرولة الى الغرفة فاذا بوالدتها قد فارقت الحياة...
فثقل خطوها ...
وجلست على الأرض ترتعش من هول الموقف...
تذكرت الدعاء الذي أوصاها به (الدريويش) فدعت به مرارا...
...
فتحت نوال عينيها فوجدت نفسها طريحة الفراش وحولها بعض الجارات...
-أنا وين!
أجابوها بأنها في المستشفى ...
وان الله قد كتب لها عمرا جديدا...
اذ بقيت في غيبوبة لأيام ثلاث ...وقد ووريت أمها الثرى.
سمعتهم يتهامسون بأن (الدريويش) قد أختفى ولا يجدون له أثرا فلم تعر ذلك اهتماما...
فهي تعلم مكانه (يقينا)!
واجتمع شملها بشقيقاتها الخمس ...اللائي جئن لتلقي العزاء ومواساة شقيقتهن الكبرى في وفاة أمهن...
وأهلّ عيد الفطر عليهم أجمعين...
وقبيل سفر شقيقاتها تقدم لها قريب لهم يعيش في (بورسودان) ...توفيت زوجه قبل عام...
قال (فيصل) الذي قُدِّر له بأن يكون زوجا لنوال...
(منذ أول ليلة أفضيت فيها اليها ...بارك لي الله في كل شئ!!!...
لقد كان لي (كشك) صغير فقط...فاصبح لي من المحال ثلاثا!...
وما شرعت في صفقة الاّ وبارك لي الله فيها أضعافا!!...
...
أضحت نوال زوجا لأغنى تجار بورسودان...
وأنجبت العديد من الابناء والبنات ...
ولم تنس بأن تسمي أولهم بأسم جعفر...
ومافتئت يدها ندية بالعطايا الى شقيقاتها ...بل الى أهل القرية قاطبة[/align]
[/frame][/align]



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24-05-2009, 06:51 AM   #[14]
محمد الطيب يوسف
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محمد الطيب يوسف
 
Exclamation النمل يغزو المدينة/ محمد الطيب يوسف

[frame="7 80"][align=right]

[align=center]النمل يغزو المدينة/ محمد الطيب يوسف[/align]

[align=right]
بدأ الأمر برمته يوم الأمس صباحاً عندما انتبهت إلي صفوف النمل وهي تعبر بمحاذاة الصنبور الذي كان يهرب نقاط الماء بانتظام ثم تابعتها وهي تمر بجوار حوض صباح الخير بأزهاره الحمراء الصغيرة وتستمر في نفس خط سيرها مروراً بأزهار دوار الشمس حتي أنني استطعت رؤيتها وهي تتجاوز شجرة دقن الباشا وصولاَ إلي السيسبانة فقررت أن أهتم بإبادتها بعد الانتهاء من الطبخ ونظافة البيت الداخلية .

دهشت عندما وجدتها قد تسللت إلي داخل المطبخ بنفس صفوفها الطويلة التي لا تدرك من أين تبدأ وانتشرت خلف الدولاب و حول حوض الغسيل ولم تنج منها حتى الثلاجة وهي تغزو بياضها الناصع فبدت كالنمش علي الوجه فقررت أن أبدأ بالإبادة فوراً وألا أرجئ الأمر لحين الانتهاء من الطبخ , فتحت دولاب النظافة بحثاً عن مبيد مناسب ولكني لم أجد شيئاَ يرضيني فنويت أن اشتري واحداَ حين خروجي للتبضع بعد الظهر ثم انهمكت في العمل متجاهلة انتشارها البطيء في كل مكان غير أني تفاجأت عندما وجدت أرتال منها خلف كراسي الجلوس وما أثار فزعي هو وجود ثقوب صغيرة في القماش الذي يغطي خلفية المقاعد وكنت متأكدة من أنها لم تكن موجودة صباح الأمس

خرجت مسرعة إلي السوق القريبة وعندما وصلت إلي هناك لمحت جارتي أم أحمد تسد المدخل بمؤخرتها الضخمة فدخلت في حرص حتى لا أحتك بها , حييتها بصوت خافت ودون أن أنظر اتجاهها فقد كنت أخشي ثرثرتها المملة والتفت إلي عم سعيد وأنا أساله عن مبيد جيد للنمل , بدا الأسف علي وجهه وهو يعتذر بأن كل الكميات التي كانت عنده قد نفذت ,ولم يتبق إلا الذي انتهت صلاحيته إن كنت راغبة فيه وهنا وجدت أم أحمد فرصتها وهي تدنو مني قائلة :

- إن النمل يجتاح المدينة

كنت قد اعتدت علي تضخيمها للأمور فاعتبرت هذه واحدة منها ثم غادرت المحل وأنا أودعها في عجلة ولكن عندما وصلت للبيت أدركت أنها لم تكن تبالغ كثيراً وأنا أبصر جيوش النمل تغزو البيت من كل الاتجاهات , أصابني الهلع عندما ولجت للداخل فقد تحول لون الجدار إلي الأسود القاتم , الطاولة ذات اللون البني المحروق بدت وكأني قد فرشت عليها مفرشاً أسود , طفح النمل من ماء المزهرية التي وضعت علي الطاولة ولكن ذلك لم يثن البقية وهي تحاول الوصول إلي الحافة في عناد غريب ¸ركضت إلي المطبخ في فزع كانت جحافل النمل قد اجتاحت مطبخي , شفاط الهواء كان معطلاً والمئات من النمل قد ملأ لفراغات التي فيه , جوال السكر مرمياً في الوسط والنمل يتدفق منه كالسيل , من دون وعي مني أمسكت بخرطوم المياه وبدأت حربي ضد النمل وعندما انتهيت كان بيتي قد تحول إلي بحيرة صغيرة ذات سطح أسود لامع وقد طفت فوقه العشرات من الأشياء , كرة البنق البيضاء الصغيرة كانت تتقافز علي السطح وكأنها قد جنت ,أوراق من صحيفة قديمة , فستان بنتي الأبيض بوروده الحمراء الفاقعة بدا وكأنه يطير علي سطح الماء وهو منتفخ كبالون ضخم , بيت النظارة التي يستخدمها زوجي كان يطفو وهو مفتوح وكأنه يقهقه , أفلتت مني ضحكة صغيرة وأنا أشاهد الفوضى التي صنعتها .
جلست علي الكرسي المبتل وأشعلت المرئي أمامي , تابعت الأخبار اليومية بنصف عقلي وأنا أفكر في كيفية إعادة تنظيف البيت وترتيب الفوضى التي صنعتها ولكن شد انتباهي مذيع النشرة وهو يقرأ خبراً متعلقاً بالنمل ثم ظهر المحافظ وهو يتحدث عن اجتياح النمل للمدينة مبرراَ ذلك بسبب السيول الأخيرة ولأن المدينة تقع في مكان مرتفع فقد فر إليها النمل هرباً من كوارث الطبيعة , اعتصرت ذاكرتي ولكني لم أتذكر سيول اجتاحت منطقتنا في التأريخ القريب بل ومنذ أكثر من عشرين عاماً كما أنها تقع في وادي بين جبلين فتبسمت ساخرة من تبريراته وأنا أعود لحديثه وهو يطمئن الشعب بأن الوضع تحت السيطرة وأنهم قد نظفوا الجزء الشرقي من المدينة تماماً وستتوالي حملات النظافة حتى تعود المدينة كما عهدها أهلها .

انتقلت الكاميرا إلي عمال النظافة بستراتهم الزرقاء وأقنعتهم الواقية والنظارات التي تغطي نصف الوجه فبدو لي وكأنهم رواد فضاء وليس عمال للنظافة وعندما عادت الكاميرا إلي المحافظ وهو يواصل في ثرثرته غير المجدية كانت هنالك نملة صغيرة تتنزه في زرقة سترته وكأنها تمد لسانها ساخرة من حديثه الممجوج



حاولت الاتصال بأمي عدة مرات ولكن هاتفها كان مشغولاً علي الدوام ثم أخيراً عبرصوتها المعتق الأسلاك إلي أذني ممزوجاً بالغضب وهي تشكو من النمل الذي تكدس في غرفة نومها وهو يطأ ذكرياتها بأقدامه ذات النهايات الشعرية .. أنهيت المكالمة ثم هاتفت أختي التي كانت أيضاً في أوج غضبها وحزنها والنمل قد أتلف عيد ميلاد ابنها وهو يدمر ترتيباتها التي أنفقت نهاية الأسبوع في إعدادها خاصة وأنه أعجب بطعم التورتة التي ظلت تعدها طوال ليلة أمس .

وضعت سماعة الهاتف مقررة إعادة تنظيف البيت وترتيبه علي أن ابدأ بغرفة النوم , كانت المياه قد وصلت إلي هناك رغم حرصي علي إغلاق باب الغرفة جيداً , شرعت في العمل بهمة ونشاط , وأنا غارقة في النظافة لفت انتباهي شيء غريب , ألقيت بالمكنسة من يدي وأنا أقترب في تعجب من دمية بنتي الصغيرة المرمية عند الركن في إهمال فبنتي لم تحبها أبداً بلونها البني وشعرها الغزير وفمها الذي فشل في أن يكون خرطوماً ولم يقنع بمكان الفم فتمدد إلي الخارج بطريقة كاريكاتيرية , الغريب في الأمر أن النمل قد صنع نصف دائرة حولها وكأنه ينظر إليها في ترقب دون أن يقترب منها وهي مرمية علي جانبها في إهمال , حملت آكل النمل في حرص وأصلحت من وضعه بحيث أصبح مواجهاً للنمل وأنا أراقب الموقف من كثب ..

تراجع النمل في ذعر وهو يتدافع نحو منافذ الغرفة في جنون .. غمرني إحساس بالسعادة وأنا أركض به نحو الفناء ثم وضعته في مواجهة النمل مرة أخري ولم تمض سوي دقائق معدودة إلا وكان الفناء خالياً من النمل تماماً

حملته في عناية وأنا مدركة لما سأفعله جيداَ , لففته بورق صحيفة قديمة ثم خرجت من البيت في عجلة , عند بداية الطريق لمحت أم أحمد جارتي (العزيزة ) وهي تتهادي في مشيتها ,حاولت تجاهلها وأنا أتظاهر بقراءة اللافتات من حولي ولكنها لم تمنحني الفرصة وهي تقطع علي الطريق لاهثة , وضعت اللفافة خلف ظهري وأنا أتظاهر بالبراءة بيد أنها لم تنتبه وهي تشرع في الحديث مباشرة

- ألم تسمعي بما حدث لعوض جارنا ؟؟

عقدت حاجبي متسائلة دون أن أتفوه بكلمة

أشرقت أساريرها وهي تسترسل قائلة

لقد حاول أن يستدرج النمل للخروج من بيته فحمل جوالاًمن الذرة وهو يلقي بقدر ضئيل منه كل مرة في طريقه والنمل يتبعه في صف طويل كل نملة تأخذ حبة ذرة ثم تولي مدبرة من حيث أتت وعندما وصل إلي خارج البيت كانت تتبعه نملة واحدة فأطلقوا عليه اسم عوض أبو نملة

ثم انطلقت تقهقه بصوتها الحاد الذي يشبه طنين البعوض غير أني لم أتجاوب معها ووقفت في بلاهة وكأنني انتظر باقي القصة

قطعت ضحكتها فجأة وهي تسأل في فضول

- لكن إلي أين أنت ذاهبة ؟؟

تملصت من بين براثنها قائلة

- ذاهبة لشراء بعض الأغراض الضرورية

(لابد أنني كنت أخشى من مصير عوض أبو نملة )

كان مكتب المحافظ يغص بالصحفيين ورجال الاعلام ولكنني لم ابال وأنا اقترب من طاولة مدير مكتبه ثم أدنو منه براسي قائلة
- أريد مقابلة المحافظ

- هل هناك موعد سابق

- لدي حل لمشكلة النمل

ثم اكملت العبارة بصوت خافت ولكنه واثق

- حل جذري

تراجع بمقعده للخلف عاقداً أصابعه أمام وجهه , تجاهلت الشك الذي ينبض من عينيه وأنا أتلفت حولي ثم عثرت علي تجمع من النمل في أحد الأركان ,أخرجت دمية آكل النمل في حرص من اللفافة ثم وبحركة مسرحية وضعتها أمام النمل

خفت الضجيج من حولي والكل يتابع في اهتمام ما يجري أمامهم
توقف النمل عن الحركة تماماً وهو يقف في مواجهة آكل النمل ثم بدا الانسحاب الفوضوي في هلع واضح وجن جنون الكاميرات وهي تلتقط العشرات من الصور ثم انتشرت الفرحة بين الجميع وعلا الصراخ وآخر فلول النمل تغادر الغرفة في هلع ..

خرج المحافظ من مكتبه يبدو عليه الانزعاج ولكن حمى الفرح اجتاحته مع الجمع وأجابت علي التساؤل الذي كان يطل من عينيه .

عندما عدت للبيت كنت منهكة حتى النخاع جوقة الصراخ التي ارتفعت حال دخولي للصالة أفزعتني وأنا أتفاجأ بأقاربي مجتمعين حول التلفاز يتابعون لقاءً أجرته معي إحدى القنوات , نظرت إلي زوجي في ترقب فلمحت في عينيه نظرة زهو وتقدير أكبرتهما فيه كثيراً


***


كان المحافظ قد وعد بتجهيز دمية ضخمة بإطارات لتسهيل حركتها علي أن تكون انطلاقتها من ميدان التحرير غداً صباحاً وقد شرع المهندسون والمصممون في تجهيزها علي أن ينتهوا منها تصميمها مساء اليوم .

أخبرني زوجي بإعلانات التوعية للمواطنين التي أغرقت التلفاز بكيفية جذب النمل إلي هناك عن طريق ماء السكر وفتافيت الخبز وإغلاق المنافذ جيداً بعد مغادرته حتى لا يستطيع العودة إلي البيوت مرة أخري

كان صباحاً مختلفاً وقد تحلق أفراد أسرتي حول التلفاز , لم تذهب بنتي للمدرسة كما لم يغادر زوجي للعمل , انتشرت في المدينة حمى شراء الدمية فارتفعت أسعارها إلي مبالغ خيالية , كانت القنوات الفضائية تتنقل ما بين ميدان التحرير لمتابعة آخر التجهيزات ومابين الجمهور مستطلعة آراء الكل حول مدى فعالية الخطة , قمت بعمل الخلطة المطلوبة ونشرتها حتى الباب الخارجي وتابعت النمل وهو يخرج في صفوف طويلة من مخابئ لم أكن منتبهة لها داخل بيتي ثم تأكدت من إغلاق النوافذ والأبواب جيداً وجلست أتابع مع عائلتي آخر التطورات , كانت الدمية عملاقة بطولها الذي يتجاوز العشرة أمتار وخرطومها الذي يقارب المتران , بدت لي اقرب للفيل منها لآكل النمل ولكني لم أعلق , المحافظ كان منتشياً والملايين من النمل يتدفق عبر الشوارع الخالية في اتجاه الميدان , سيل من النمل الأسود كان يفترش ساحات المدينة الفارغة ويتحرك بعقل واحد من شتي الاتجاهات ويقترب رويداً رويداً من الميدان مشكلاً دائرة واسعة القطر حوله , المهندس المختص كان يستعرض الدمية بزهو واضح والتقنيات التي تمت إضافتها لها مثل الصوت الذي كان حسب رأيي الشخصي مرعباً للنا نحن ولكني لم أدرك حجم أثره علي النمل بعد .

ثبتت الكاميرات حول الدمية من عدة زوايا لضمان عملية البث الدقيق ثم غادر الكل ووقفت وحدها كهضبة صغيرة عند المنتصف في انتظار الجيوش الجرارة.

بدأت بوادر النمل في الظهور حول الميدان من كل الاتجاهات والدائرة تضيق حول الدمية التي بدأت في إصدار أصواتها الغريبة , عند ما اقترب النمل بدرجة معينة توقف تماماً وهو يحيط بها إحاطة السور بالمعصم , كان الكل يترقب في قلق , تراجع النمل بسرعة حتى اتسعت الدائرة من جديد , عمت صيحات الفرح في فضاء المدينة , تحركت الدمية عدة أمتار للأمام ثم للخلف مستخدمة إطاراتها المطاطية , فتراجع النمل تبعاً لذلك من دون انتظام ولكنه لم يغادر الميدان بعد .

لوهلة كان المشهد يبدو جامداً والنمل يحيط بالدمية ثم وفي لحظة واحدة بدا الهجوم , تدفق سيل النمل من كل الجهات نحوها ثم شرع في الصعود علي جسدها مغطياً إياها من كل الجهات , عبر من أذن وخرج من الأخرى , ولج إلي جوفها من كل الجهات , اهتزت الدمية قليلاً وهي تخرج أصواتها التي كانت تبدو فزعة أكثر من كونها مفزعة ثم تهاوت كجبل ضخم بدوي هائل إلي الأرض

واشتعلت الحرب من جديد[/align]
تمت
[/align][/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 24-05-2009 الساعة 07:49 AM.
محمد الطيب يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24-05-2009, 07:50 AM   #[15]
ناصر يوسف
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية ناصر يوسف
 
افتراضي

[frame="2 80"]إنفلات

[align=right]لم يكن في مقدور الطاهرة التأقلم السريع مع أجواء المدينة الخرصانية الأسمنتية وهي في بادئة ولوجها الحياة الدراسية الجامعية . عندما جلست لإمتحان الشهادة الثانوية كان جميع أهل القرية يثقون تماما بأنه آن الآوان لإشتهار قريتهم شقلوبة القابعة علي أطراف الوطن الغربية .. إذ كانت تحمل من الذكاء ما يفوق تصور الجميع. شقلوبة قرية نائية يعمل جل أهلها بالزراعة إلا ما شذ فقد دخل خلوة الشيخ أبهندام،وبعد تخرجه إلتزم القراءة في المدارس الحكومية التي تبعد ثلاثون كيلو مترا عن القرية .
ولكن الأمر عند الطاهرة فاق حدود واقع أهل القرية ، فوالدها كان المعلم الوحيد الوافد علي القرية ، عندما تزوج من إبنة شيخ القرية الشيخ ود أحمد وبعد وفاة التوأم الأول ، جاءت إلي الوجود الطاهرة فآثر والدها الأستاذ محمود علي أن يوليها رعايته الفائقة ، فأدخلها الكتاب والثانوي وههي الآن قد أدخلت إسم القرية إلي عالم الشهرة بعد حصولها علي المرتبة السادسة في الشهادة الثانوية ، فرح أهل القرية بهذا النبوغ فبعضهم إحتفي بسماعه إسم قريتهم عبر المذياع الوحيد في القرية والموجود في مقهي عيد التمتام وحتي قدور العوقه إظهر الفرح ولأول مرة في حياته إذ لم يشاهده أحد ما بالقرية في يوم من الأيام وقد بانت نواجزه عبر إبتسامة أو صوت فرح أو رقص .
قدور العوقة ظهر هنا في شقلوبة فجأة ، جاء من مكان ما وبشكل ما ، دخل عليهم ليلا والدنيا ممطرة وظل يعوي كما تعوي الذئاب فتلغفه أحد أعيان القرية وهو مبلل يرتعد من شدة البرد فأدخله إلي داره وأطعمه . كان كما الأبكم لا يتكلم إطلاقا ، ذو بنية جسمانية قوية له عضلات مفتولة ، وكان قدور العوقة يحب الطعام كثيرا ، يبتلع كلما يصادف فكيه إبتلاعا كثعبان الأصلة وحتي صابونة الحمام المعطرة في منزل الأستاذ محمود لم تسلم من فكيه . والكل في شقلوبة كان يتعامل معه كما الخادم فأحيانا يغسل الأواني وتارة الملابس وأخري فهو يحمل الأوساخ بعيدا ويبسط الأرض بالرمال .
في أحد الأيام دعته الشول بائعة العرقي ليحول لها دولاب العدة من التكل إلي القطية ، وما أن هم بحمل الدولاب لوحده وهي تصرخ فيه (هي أقيف الدولاب ده بيقع أقيف شكيت محنك لي الله) حتي إنزلق الدولاب من بين يديه الممتلئتين بالزيت ووقع عليها حتي شج رأسها بجرح عميق إستدعي ذهابها إلي الشفخانة محمولة بين يديه المفتولتين وهي تصرخ وتولول. ومنذ ذلك التاريخ لم يدخل قدور منزل الشول ست العرقي ، الشول هي المرأة الوحيدة بالقر ية التي كرهت هذا المعتوه المدعو قدور العوقه إذ كان محبوبا جدا من سائر نساء القرية.
والطاهرة تتوغل رويدا رويدا بين ثنايا الحياة الجديدة ، وللعاصمة طعمان أحلاهما مر ... رأت تلك الفساتين الضيقة والمشقوقة علي جانبيها أو من الأمام والخلف مظهرة سوق زميلاتها الطالبات وصدورهن العارية تصارع قمصانهن في سفور وتحد علي الخروج ، ماهذا الغنج الدلال وما هذا العبث الأنثوي الفاجر ؟؟!!!..... هكذا كانت تحادث نفسها ما بين الإظهار والإستتار .. لم تنتبه الطاهرة لجلوس هيثم زميلها في الدراسة علي مقعد بالقرب منها تحت شجرة النيم الكبيرة التي تتوسط فناء الجامعة وعينيها ما زالتا تحملقان في إندهاش متفحصة هذه الأنوثة المستباحة ... وفجأة صرخت بفزع (واااااااااااااااااااااي) منتفضة عندما قرصها هيثم علي قرط أذنها الأيسر وقال مداعبا (مبحلقه كدي ويييييييييييييييييييييييييين وفاتحه خطوط يا اختي ؟؟ هي لكن ماااا بالغتي وشذيتي) وجمت الطاهرة وهي واقفة متجمدة كالصنم فأمسك هيثم بيدها اليسري وأجلسها علي المقعد بهدوء مندهشا لجحوظ عينيها وبرودة جسدها وقال(يا بت هوي ! كدي قولي بسم الله مالك ؟!) .... فك إيدي دي لو سمحت ، قالتها الطاهرة بحدة (أها فكيناها الأيد بس قولي لي ماااالك ؟؟!!) فردت عليه الطاهرة (إنتو بترضوا لأخواتكم يمسكوهن كده فوق الشارع ويقرصوهن فوق إضنينهن قدام الناس ؟؟!!!) قهقه هيثم طويلا ساندا ظهره علي خلفية المقعد رافعا أرجله لأعلي من أمامه والطاهرة تتأبط شنطة يدها القروية وتتوه في وسط زحام الطلاب ....
ثلاثة أشهر فقط مرت والطاهرة تتأبط ذراع هيثم في غنج ودلال وفستانها الأسود السيتان الضييق ملتصق بجسدها كما الجلد متموجا مع كل التضاريس الأنثوية متصالحا جدا مع أعين كل الناس نهما وإثارة ، فللطاهرة جسد صارخ أنوثتها متدفقة كما الإشتهاء الإرتواء . وكانت تضحك كثيرا بسبب أو بآخر ، الطاهرة تضحك كثيرا بتلك النبرات القاتلة (آآآآخ أنا منها أحيييييييييييييييييييي أنا وووووب وررروووووووووك) هكذا صرخ أحمد عندما دلفت من باب الكافتيريا وبجانبها هيثم وهما يضحكان فدعاهما أحمد للجلوس وتعمد أن تجلس الطاهرة علي يمينه فاسحا مجالا لزميل آخر ليجلس علي يساره وضاق المقعد فوجدت الطاهرة نفسها ملتصقة بأحمد كثيرا ، وبعد الغداء دعاهم هيثم إلي جولة بعربته الفارهة تطوافا علي شوارع العاصمة فالجو اليوم صحو وغائم.
كانوا ستة زملاء وهيثم علي المقود وأحمد بحنكته وخبرته جعل الطاهرة تستميل الجلوس علي يساره بالمقعد الخلفي الضيق وعلي يمينه كانت علياء ثم عصام ، أما الجقير وبطن الفيل فكانا علي المقعد الأمامي ، قارب الليل أن ينتصف وأحمد يذداد إلتصاقا بالطاهره وهي تذداد إنكماشا وتكورا ، وصل هيثم إلي المحطة الوسطي فنزل الجميع عدا الطاهرة وأحمد(يا أحمد ما تنزل يا خي وتخلينا نمشي) .. قالها هيثم بحنق ولكن أحمد تمنع مبديا رغبته في المبيت معه بالشقه ، تذمر هيثم قليلا ، تضايقت الطاهرة أكثر ، أوقفت علياء لتذهب معها إلي منزل زويها ، تدخل هيثم رافضا للفكرة وأخيرا كانوا ثلاثتهم داخل شقة هيثم بعد منتصف الليل .
لعواء الذئب في قرية شقلوبة مدلولين ، أولهما أن ذئبا جائعا تربص بأغنام القرية وثانيهما أنه صوت قدور العوقة وقد شبع فأصدر صافرة الشبع كعواء الذئب ، وبينما القمر ينساب بين الغيوم منذرا بالمطر وألسنة النار تطل من خلال القطاطي والرواكيب الصغيرة ساكبا الدفء علي أهلها .... وقدور العوقه متجولا عاري الصدر إلا من خرقة شال أهداه إليه الأستاذ محمود والد الطاهره ، تجده متسللا من بيت لآخر ، يدلف إلي البيت ويخرج سريعا ألي الخرابة التي خلف البيت ويتبعه ظل شخص ما . والطاهرة تعبث بالريموت كنترول محاولة عدم النوم وأحمد هنا ....
كثيرا ما قضت لياليها هنا مع هيثم ولوحدهما في الشقة ولم يخالجها الأرق ولا القلق ولا الخوف ، إذ كان هيثم لا يتمتع إطلاقا بالفعل الفحولي وكانت صحبته ظهورا قشريا ، إذ كان متصالحا تماما مع النفاق الإجتماعي يحلو له الإستعراض بما يملك من مال ولكنه كان جاهلا لأمور أخري بفعل تكوينه الفحولي. الساعة تشير إلي الثانية صباحا والطاهرة أمام التلفاز وبجانبها هيثم يتابعان فلما أجنبيا ، دلف أحمد إلي المطبخ وعاد بعد برهة يحمل عصير برتقال.
والشقلوبة نائمة تماما، وقدور العوقة يستحم علي جدول الماء وخيال ظل من خلفه يتحرك مبتعدا. الطاهرة لم تشرب سوي جرعة واحدة من عصير البرتقال بينما تجرع هيثم كوبيين متتاليين. بدأ النعاس يصافح عينيه ونام . هرعت الطاهرة وتبادرت إلي ذهنها صورا قديمة مؤلمة ، تحرك أحمد تجاهها ، إنتصبت واقفة ، خطي تجاهها وهي متحركة إلي الخلف مبتعدة من خيال تلك الصور القديمة المؤلمة ، حاول أحمد أن يمسك بها ولكنها أفلتت من يديه ودواخل أحمد العطشي لأنوثتها تتعاظم ، ركضت داخل الصالة فركض خلفها ، أنفاسها لاهثة وأحمد من خلفها ، إرتضمت بالكرسي فوقعت وأحمد من خلفها شبقا ، وقفت بسرعة وإذدادت من الجري والتملص من قبضاته ، إمتلأت يدي أحمد ووجهه بخربشات ودماء وأحمد متوتر الأعصاب يجري خلفها ، دخلت إلي الغرفة ، حاولت قفل الباب في وجهه ولكنه كان أسرع وضع رجله اليسري دون قفل الباب ، إرتعدت ، تذكرت تلك الصور القديمة الأليمة ، صرخت بأعلي صوتها ودوي الصوت أرجاء قرية شقلوبه وشبح شخص هارب يعدو بين الحشائش عدوا مخيفا وقدور العوقة منتصبا يقف من داخل كومة الحشائش .
الناس توافدوا إلي المكان فوجدوه عاريا كما خلقه الله يصدرا شخيرا غريبا والدم متقاطرا علي جبينه والطاهرة تنهار أمام هذا المد الجنوني لأحمد وهيثم نائم بفعل المخدر والخدر يسري في جسد الطاهرة والصور القديمة الأليمة تأخذ هنا شكلا آخر ، فكما للحشائش طعم فللأسرة طعم آخر ، أتوا بها الفاجر الداعر إبنة الخمسة عشر ربيعا غرر بها هذا الوحش قدور العوقة ، داعبها فاستلذت حاول فض بكارتها فصرخت حتي أيقظت كل أهل شقلوبه وقدور العوقه بجسده العاري المفتول منتصبا واقفا منتصبا وسط الحشائش يصدر ذاك الصوت الغريب والطاهرة تتلوي من اللذة السرمدية وتصرخ عند أوج التلاقح الإنساني وصوت قدور يتعملق ويزداد علوا ويصبح زئيرا يفوق الخيال والطاهرة تنسرب من بين يدي أحمد متمتمة (الله يجازيك يا قدور) .... بينما صوت شخير وصفير أحمد لم يمكنه من سماعها كما لم يسمع أهل قرية شقلوبة في ذاك الليل البهيم سوي صوت قدور العوقه وهو يتمتم بصوت مخنوق بجميع أسماء نساءالقرية [/align]

إنتهت
[/frame]



التوقيع:
ما بال أمتنا العبوس
قد ضل راعيها الجَلَوس .. الجُلوس
زي الأم ما ظلت تعوس
يدها تفتش عن ملاليم الفلوس
والمال يمشيها الهويني
بين جلباب المجوس من التيوس النجوس
ناصر يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 11:13 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.