المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلة .. لا أقوى من فكرة حان وقتها .. ولا أنعم من دواخلك المفعمة بالنغم


الرضي
15-06-2012, 07:30 PM
(((1)))

الطريق إلى أبو رقية:

قضينا يوماً مزدحماً بالتجهيز لرحلة قتلنا تفاصيلها بحثاً على مدى أسبوع كامل... فنحن سوف نغادر إلى حيث لا صلة للمكان بالمدينة ... إلا بما نأخذه معنا من أدوات تعيننا على العيش في تلك الأصقاع البعيدة ... والغائرة في أقصى خارطة البلاد.
ورغم كثرة التفاصيل كان معظم همي هو التأكد من صلاحية وحدة الطاقة الشمسية التي سوف تعمل على تشغيل جهاز الأم بي ثري الذي أحمله معي.. ولا أدري إن كانت زحمة العمل الذي ينتظرنا ستسمح لي بسماعه.

خلدنا إلى النوم مبكرين وصحونا أبكر حيث غادرنا في الثلث الأخير من الليل على أن نصلى الفجر خارج العاصمة ...... ويا لها من متعة أن تصلى في فضاء تلتقي فيه الأرض بالسماء ... فيسكن الخاطر، وتغوص النفس في بحور من الرضا تكشف للإنسان مدى الفقد الذي تكبدته روحه بسبب طغيان حضارة الزجاج والمعدن على حياته.

الرضي
15-06-2012, 07:31 PM
(((2)))

واصلنا مسيرتنا - بعد الصلاة - مسرعين حتى نغتنم فرصة برودة الأسفلت وخلو الطريق من الشاحنات.. الشيء الذي يتيح بعض المتعة ومشاهدة المنظر المحيط الذي تتفتح مشاهده مع انبلاج نور الفجر الآتي من شمس لطفت حدتها غلالة من حرير ناعم.

يقولون السرعة قاتلة وهي فعلاً كذلك .. ولكن الإنسان لا يفتأ يغامر ليعيش لحظات إثارة تصارع الملل الذي يجده في حياته.. فبعد تخطي عداد السرعة المئة والعشرون ينتفي القلق وتتناغم النفس مع هدير المحرك.

فهل هناك رابط بين مركز القلق في المخ وصريخ المحرك بعد أن تفتح الفونية (وحدة تغذية الوقود في محركات الديزل) لأقصى حد .. أم إن المسألة مرتبطة بالشعور بالإثارة فقط .. حقيقة لا أدري رغم معايشتي للظاهرة كثيراً في أسفاري المتعددة.

الرضي
15-06-2012, 07:33 PM
(((3)))

واصلنا السير .. وبسبب مباشر من السرعة العالية غيرنا خططنا .. حيث واصلنا بدون توقف .. وكانت تفاصيل الحياة الريفية تتابع أمامنا في أبداع إلهي.. اللوحة تلو الأخرى .. فمن شجيرات ترتفع لتشكل سقفاً أخضر مزدهر بزهر أصفر .. إلى قطعان ومجموعات أنعام تشكل مع البساط الأخضر لوحة أبدع الخالق في رسمها.

يا إلهي كم أنعم الله على الإنسان حين وهبه تلك المخيلة المستوعبة للجمال من حوله .. فقد أحسست بدواخلي تنعم بسكينة لم أعهدها في المدينة وحياتها المتسارعة.

هناك فكرة مجنونة تنتابني كل ما طاولت قمم الشاعرية المنيرة .. وهي أن أصبح ومضة تسكن قلب (من أحب)... تفرح بفرحه وتستمتع بنغماته وهو يدق مسارعاً حيناًً.. وهادئاً أحياناً.

(من أحب) يا لها من حالة أعلم بوجودها ولا أعيشها.. فالسياسة قد أكلت عقلي كما يقول أبي، وأفقدتني أي رقة تعطر حياتي التي أحسها جافة إلا من نغمات أعيشها فتسكن روحي إليها كوليد وجد الرحابة في صدر أمه.

هل هو محظوظ من يعيش الحب شلالاً روياً كما يقول الكابلي؟... لا أدري فأنا ما عشت يوماً عشقاً شاعرياً .. وكل ما أعشقه هو أن أثير تساؤلاً وأبحث عن إجابته في أضابير المعرفة المتاحة والمتنزلة.. لعل الله ادخرني لمستقبل أعيشه بعقلي ولا دخل للقلب في مساره.

الرضي
15-06-2012, 07:36 PM
(((4)))

عائلتنا تتبدل فيها الأدوار كثيراً.. فأنا ابن جدي، وابنة عمي هي (ابنة أبي) الذي رفض طلب جدي بزواجي منها.. وكان الرفض بحجة إنني أحتاج إلى أم ترعاني وليس زوجة أرعاها، وقالها بوضوح: ".. ولدك ده يا أبوي محتاج أم ترعاه، وليس زوجة يتحمل مسؤوليتها.. ده ثمانية ساعات شغل واتناشر ساعة سياسة وأربعة ساعات يستيقظ بعدها كمن يجر قاطرة.. بتي متعلمة وتستحق حظاً أفضل".

كانت صدمة لي - رغم ارتياحي للنتيجة - فأمامي الكثير من الواجبات التي تفضل مسألة الزوجة والأبناء.. ويبقى السؤال قائماً هل أنا بهذا السوء الذي طغى على عاطفة الأبوة عند أبي.. ورغبته في الخلود عبر ابنه؟.

تلك الرغبة التي أخرجت أبونا آدم من الجنة - لا خرافة التفاحة - كما يقول د. عماد في كتابه (آذان الأنعام) حيث يقول بأن لفظة شجرة في الآية تعني التداخل الجنسي.. الشيء الذي منع منه آدم في جنته ... فأغراه الشيطان بخلوده عن طريق الأبناء والأحفاد.. ولو صبر آدم لشرع له الزواج ولنعم بالأبناء والأحفاد في جنتهم التي أخرجهم منها اللعين.

هذا وبسبب مباشر من زواج ابنة عمي ممن أختاره لها أبي .. أنا الآن أنهب الطريق نحو ريفي حاضرة من حواضر جنوبنا الجديد - بعد أن انفصل جنوب عشناه زماناً ومكاناً - فقد رأى أبي أن أبتعد عن نظر جدي حتى لا أذكره بأمله المنهار وحفيدته التي ابتعدت بزواجها من خارج الأسرة.

الرضي
15-06-2012, 07:38 PM
(((5)))

ابنة عمي فتاة رقيقة ... كنسمة خريف عطرة تفاجئك من قلب حقل نضر.. بسيطة بساطة ماء نقي .. كانت في صغرها أشبه بوردة يانعة وسط صحراء يغلفها عمي بطبعه العسكري الكاره للرومانسية ومياصة البنات كما يقول.. الشيء الذي دعا أبي لإبعادها عنه .. وها هو اليوم يبعدها عني ... وبقي عمي مع من تصالح مع طبعه من أبناءه الباقين .. فهل أجد من تتصالح مع طبعي.

دارت هذه الخواطر في رأسي مزاحمة للوحات الطبيعة على جانبي الطريق الذي أمتد بلا نهاية.. وتتابعت الحواضر والأرياف.. غرب رفاعة ومسجدها الذي يرحب بك من البعيد .. مدني السني وخضرتها اليانعة .. الحاج عبد الله التي يجنح خيالك بالتجول داخل بيوتها الأمدرمانية .. سنار وعبق تاريخ أحيائها.. لم نتوقف إلا في الطريق إلى سنجة.. حيث قمنا بزيارة مزرعة عامرة لعائلة أحد العاملين معنا، والذي كان من ضمن ركبنا المكون من ثلاث سيارات من ذوات الدفع الرباعي.. والتي نسميها بذوات الجدي لقفزها المتواصل في الطرق غير المعبدة.

وكان للاتصال أثره حيث استقبلتنا العائلة المضيفة بالشية والمرارة والكثير من الشربوت.. والذي عب منه الجميع بعد خلطه بالمشروبات الغازية .. فبعد الوجبات الضخمة يحتاج الإنسان لهاضمة تكفيه شر الشره الذي تسببت فيه نضارة الطبيعة في ذلك الشاطئ البعيد للنيل الأزرق.

الرضي
15-06-2012, 07:40 PM
(((6)))

كنت أعلم عادة أهل تلك المنطقة في ختمهم لوجباتهم ذات الخصوصية باللبن.. ولذلك لم أكل كثيراً بل تعمدت في معظم الوقت التظاهر بالأكل.. الشيء الذي جعلني أنفرد باللبن الطازج الذي تتميز به تلك المنطقة .. هذا فضلاً عن تلك النكهة التي تذكرني بضواحي الدامر.. فأهل الشمالية حتى وإن لم يسكنوها يحنون إليها ويتغنون لها كما خالد الباشا حين يترنم شعراً:

محل سافرت لقيتك شوق ..مشتت في الشوارع ضي

اماسينا البتسهر بيك .. نجيماتنا البتشهد لي

اونس بيك نصايص الليل .. احجيك دندنة وموال

سألت عليك ضفاف النيل

تميراتنا وعصافير الهوى الصداح

لقيتك في عيون الناس

حنين ساكن القلوب مرتاح

بتطلع من حكاياتنا .. وخيالاتنا

يبق نورك مع الفجرية .. علي النخل العزيز أفراح

الرضي
15-06-2012, 07:51 PM
(((7)))

الطبيعة هنا غنية غناءً ظاهراً ولكنها لا تعدل الحنين الذي تبثه قري النيل في شمالنا الحبيب.. لعل شخصية المكان هي التي تؤثر في مشاعرنا.. وإلا لما ملأ شعراء الشمال دنيانا شعراً.. الشيء الذي لم يفعله ساكني غنى الطبيعة في الجنوب.. ورحم الله حميد حين قال:

لا بي إيدك تمنع قلبي .. ولا قلبي كمان بي ايديا

ودعتنا الأسرة المضيفة في احتفالية تعلم ما نحن مقبلين عليه من مشقة ومواجهة لانفلات أمني في طريق (أبو رقية) حيث ينعدم الأسفلت والأمان.. في مسيرة محسوبة ومحمية بواسطة أطواف من الأمن والجيش.

الرضي
15-06-2012, 07:52 PM
((( 8 )))

الإندفاعة الأخيرة لعاصمة الإقليم كانت متواصلة وكان الكل متشوقاً لأن يغادرها متى يصلها .. حتى تتواصل مسألة مفارقة المدنية... ولا ندخل في حالة كر وفر، فالنفس إن عايشت وضعاً ألفته.

دخلنا المدينة ظهراً وتوجهنا لاستراحة الشركة التي كانت تمور بالحركة لتجهيز باقي الطوف المغادر معنا ... شاحنات عامرة بالتقاوي، ومؤن العاملين بالمشاريع ... تناكر مواد بترولية .. شاحنة مدمجة (شبه عسكرية) لمساعدة العربات التي تنغرز في الرمال أو الطين.

الرضي
15-06-2012, 07:55 PM
((( 9 )))

لم تتح لنا فرصة للراحة، حيث علمنا بأننا سنغادر فجر الغد .. الشيء الذي جعلنا نراجع كشوفات الحمولة .. وجاهزية العربات لرحلة في طرق وعرة ومليئة بمجاري المياه والوديان.

واصلنا العمل والمراجعة دون كلل .. لأن كل ذلك يجب أن يتم قبل آخر ضوء ... وفي أثناء عملي تقدم منى العم عبد الرحمن - وكنت قد تعرفت إليه حين حضوره للعاصمة للاستشفاء – وقال لي شحنت لك سرير ختري .. وحين استفسرت عن مواصفات هذا المخدع الختري .. قال لي هو عنقريب وأربعة براميل .. يتم استخدامه للنوم وسط المزروعات في حالة ما كان المعسكر - في المشاريع الطرفية - مستهدفاً من الشفتة.

شكرته وتذكرت مقولة طه حسين الشهيرة: (المثقف الحقيقي هو كل من يحسن التعايش مع محيطه .. وليس الأمر متعلق بتحصيل العلوم) ... ويا لها من ثقافة .. (مشاريع طرفية .. شفته .. سرير ختري).

الرضي
15-06-2012, 08:00 PM
(((10)))


عند الغروب ولت الشمس مودعة .. وكذلك قوانا المنهكة أصلاً بسبب السفر والعمل .. صلينا المغرب وانتظرنا آذان العشاء بآخر نفس حيث غرقنا في نومة أظنها بدأت أثناء الصلاة .. فقد ظللنا في حركة دائبة لمدة ستة عشر ساعة متواصلة.

استيقظت مبكراً .. وخلدت إلى تفكير جدي - ساعدني عليه الهدوء الذي يلف المكان – حول أمانة التكليف ونشر ثقافة: السيطرة على الروح .. والتحكم في القدر .. والخيرية على المجتمعات المجاورة ... وهل في الإمكان ذلك والعمر محدود .. عليَّ أن أعمل جهدي راجياً توفيق الله سبحانه وتعالى.

قدموني للصلاة فقرأت عليهم آيات سورة السجدة ... التي تقول بأن الروح نفخت في آدم وهو حي يرزق ... وأن لا علاقة مباشرة للروح بالحياة والموت .. وكما هي العادة لم تحرك فيهم الآيات ساكناً فقد تعامل معظم المسلمين منذ زمان بعيد مع آيات القرآن الكريم ... كدابة تحمل كتاباً لا تدري ما بداخله.

مي هاشم
15-06-2012, 08:05 PM
(((1)))


الطريق إلى أبو رقية:



تحية طيبة أيا الرضي

من العنوان الجانبي..أظنها رحلةً للمدينة المنورة..على ساكنها (أبو رقية) -ما يحلو لكثير من السودانيين - أفضل الصلاة وأتم التسليم..
فهل هي كذلك..أم أنني (بعرض برة الدارة؟)..:)

استمتعت جداً بالقراءة..وسأعود للتصويرك الجيب لتفاصيل الرحلة..

شكرا يا الرضي

الرضي
15-06-2012, 08:24 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مي هاشم http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=465919#post465919)
من العنوان الجانبي..أظنها رحلةً للمدينة المنورة..على ساكنها (أبو رقية) -ما يحلو لكثير من السودانيين - أفضل الصلاة وأتم التسليم..
فهل هي كذلك..أم أنني (بعرض برة الدارة؟)..:)


تحية طيبة مي
أبو رقية مدينة سودانية في أقصى شرق جنوبنا الجديد في أتجاه الحدود الإثيوبية ... ولا أستبعد أن تكون مسماة على الرسول الكريم فأهل تلك المناطق يغلب عليهم التصوف ... سعيد بمرورك العطر .. وشاكر للتشجيع.

الرضي
15-06-2012, 08:30 PM
(((11)))

بدأنا مسيرنا على ضوء السيارات فقد صلينا الصبح بغلس لم نمكث بعده كثيراً .. وسرنا ببطء شديد بسبب انضمام شاحنات التقاوي منخفضة السرعة .. ولكن الطبيعة الجميلة التي بدأت تشف عنها غلالة الفجر الناعمة جعلنا نتناغم مع المنظر المحيط.
قال لي مرافقي عثمان: "منظر يرد الروح" انتهزت الفرصة وقلت له: نعم ولكن هل تعلم بأن الروح ليست سبب الحياة.. ولا علاقة لها بالموت.. فالروح هي التي تحس بالجمال .. وتتلقى الفيوض الرحمانية، والوسوسة الشيطانية ... فنظر إلي باستغراب وقال لي: إن كانت الروح ليست سبب الحياة .. فلماذا يموت الإنسان حال مغادرتها للجسد؟!.

فقلت له لعلك لم تنتبه لآيات سورة السجدة التي قرأتها عليكم في صلاة الفجر اليوم .. فقال: بل أحفظها عن ظهر قلب ... فقلت له أقرأها علي .. فقرأها فأوقفته عند الآيات: ((وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ)) * ((ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ من مَّآءٍ مَّهِينٍ)) ... وقلت: " هذه الآيات كما فسرها د. عماد وهو طبيب سوداني يعمل في لندن .... تقول بأن الإنسان بدأ خلقه من طين ... وصار كائن حي ومتناسل".

ثم طلبت منه أن يواصل فقرأ: ((ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ)) .. فقلت له: وهذه الآية تقول بأن ذلك الكائن الحي المتناسل.. تم استعداله (سواه) ليقف على قدمين .. ونفخت فيه روح كان حياً من قبلها.

أحسست بعثمان ينكمش بعد أن تحفز لتفنيد قولي.. عبر ما يحفظه من تفسير (ابن كثير) لقصة خلق آدم من ذلك التمثال الطيني الشهير ... دام الصمت بيننا لعدة دقائق قال لي بعدها .. كأنما أسمع هذه الآيات لأول مرة .. فقلت له هكذا أرادنا الشيطان .. دواب تحمل كتاباً تنال بموجب حمله الجزاء ... ولا تفقه ما بداخله.

الرضي
15-06-2012, 08:36 PM
(((12)))

صمتنا متابعين لمنظر نسوة يحملن أدوات قطع القش في الطريق إلى عملهن .. فغيرت الموضوع سائلاً .. كم مرة وقعت في الحب يا عثمان .. فأجابني: كثيراً .. فسألته: وماذا كنت تفعل ... فقال: لا شيء أقرأ سورة يوسف .. فقلت له وهل تقرب إليك المحبوبة .... ضحك وقال لاااااااااااا بل تشفيني مما بي ... ضحكت وقلت له: لو علم ناس الخرطوم وصفتك هذه .. لما تزوج أحد منهم.

ضحك عثمان وسألني: وهل المرأة عندكم شريرة إلى هذا الحد .. فقلت لاااااااا ولكن تبعات الزواج في العاصمة كثيرة ولا تنتهي .. تواصل الطريق متعرجاً بسبب كثافة الغطاء الشجري في المنطقة .. وحكى لي عثمان عن سفرياته السابقة للمشاريع. وعن الحياة في المعسكرات وكيف إن الحياة فيها بدأت تختلف عن ما كانت عليه في الماضي.

الرضي
16-06-2012, 10:00 AM
(((13)))

توقفنا عند العاشرة صباحاً في سهل صغير .. بعد خمس ساعات من السير المتواصل في طريق وعرة ..... ورغم بطء السرعة ولكن القفز المتواصل للسيارات - المعدلة مخففات الاهتزاز فيها بحيث تصبح أقل مرونة وأكثر قوة - يخلق شعوراً غير مريح للراكب .. الشيء الذي جعلنا نرحب بهذه الاستراحة بشدة.

وصاح أحد الخرطوميين المخضرمين: .. دقداقة تفك الريال تعاريف .. فأجابه آخر: لا بل تقطع الخلف كما يقول أهل مصر .. ضحكنا في الاثنين ... ولكن لأنشغالنا بتهيئة مكان للجلوس على الأرض الثابتة لم يتواصل المزاح.

خلد الجميع للراحة عدا عن ثلاثة ... رجل وامرأتان انشغلوا باعداد الطعام .. وكانوا بعيدين بحيث لم ألق لهم بالاً ... واستمر عثمان يحكي عن حال المشاريع قبل دخول الشركات ساحتها .. وكيف إن التجار كانوا يستثمرون مساحات صغيرة .. وكانوا يجازفون بحراسة مزروعاتهم دون رفيق مع وجود الشفتة والنور (النور مع تعطيش النون) .... الشيء الذي أنبت فكرة السرير الختري.

كلام عثمان الأخير أدخلني في تفكير عميق حول زمان كانت فيه الذرة في مناطق الإنتاج أرخص من جوال الخيش الذي يحملها .. وكان السبب في ذلك رجال لم يهابوا بنادق الشفتة .. ولا الخسائر بسبب عدم هطول المطر ... فهل يحق لأحد أن يغتصب جهدهم هذا بسبب الفقر الذي يعيش فيه البعض ..... والذي قد يكون مسبباً بعدم الرغبة في الكسب.

الرضي
16-06-2012, 02:04 PM
((( 14 )))

واصلت التفكير في اتجاه المواهب البشرية ... ومسئولية الدولة تجاهها ... وكذلك الفرق بين الطموح والحاجة .... واحتيال الإنسان المستمر في تبديل الطموح لحاجة .... وذلك بهدف التكسب خارج نطاق الشرعية، والمصالح الوطنية.

وأخذت أعدد ... سكنى المدن طموح، والعمل حاجة ... التعليم طموح، والعلاج حاجة ... الثروة والسلطة طموح، والطعام حاجة ... وبنظرة سريعة نجد إن الطموح يحتاج لموهبة تدعمه .. والحاجة يجب أن تتوفر للجميع بدون فرز ... وكذلك نجد أن الطموح يحتاج موارد لا قبل لدولة بها .. والحاجة تحتاج فقط لتنظيم إداري ... تدعمه موارد الطموح.

ولكن عندما تختلط الأمور بسبب الرعونة السياسية .. تنقلب الموازين وتصبح متطلبات الحاجة أغلى وأثمن من متطلبات الطموح .. فالتعليم مجاني، وجوال الذرة بمئة دولار .... ارض السكن في المدن (عشوائي) مجاناً، وزراعة حواشة بملايين تسبب الإعسار.

مرت بي هذه الخواطر وأنا أتذكر شهراً قضيته في مأمورية عمل في مزرعة بقرية بشرق النيل الأزرق ... حيث اكتشفت إن هؤلاء الناس – ما شاء الله ألف مرة - عايشين بلوشي .. وبروقة بال يحسدهم عليها أتخن مليونير عاصمي .. والسبب هو توفر الحاجة من عمل وطعام .. وقناعة الناس بالموجود.

الرضي
16-06-2012, 05:02 PM
((( 15 )))

انتزعتني من خواطري جلبة غير مسموعة فألتفت .. وليتني لم أفعل ... فقد احتضنت عيناي سراً .. نقلني خارج نطاق المكان والزمان .. وأفاض عليّ قدر من السعادة ... حتى رفرفت روحي فوق المكان .. ترى كل شيء ولا ترى سواها .... كانت في الرابعة عشر من عمرها كما علمت فيما بعد ... ولكنها فعلت بي الأفاعيل .. كل هذا حدث في ومضة من الزمن ... كشذا عطر يفاجئك من البعيد.

شذا زهر ولا زهر .. وسُكر ولا سُكر ... تلك كانت ابنة مسئولة المطبخ - من أم إثيوبية وأب إيطالي .... وقد انضمت أمها للسفرية لزيارة أهل لها في طريقنا ... فأقترح عليها المدير أن تدير مطبخ الكونفوي وتستفيد من البدلات السفرية.

كان الطعام تقليدياً ولا يتناسب مع الملاك الذي أحضره .. عصيدة، وعدس، وسلطة ستنقطع حال توغلنا باتجاه المشاريع ... ولكنها كانت مائدة عامرة بالنسبة إلي .. ترى من أين أمسكت الصحن .. وهل أحظى بحبة عدس لامست يدها .. الاستحواذ كان كاملاً فهل ألجأ إلى وصفة عثمان .. لكي تطلق أساري .. لا أظن إنني سأفعل.

هيفاء عبدالستار
16-06-2012, 07:26 PM
يااااالرّضي ..رضي الله عنك ..وعن أهلك أجمعين ..

أولا سلامات ..

أظني أول مره أقرأ ليك ..(قطعاً انا الخسرانه).

والله كأني راكبه معاكم دابتكم ..وأقرأ تفاصيل هذي البلاد ..

واصل وكلي حضور ومتعه ...

الرضي
16-06-2012, 07:37 PM
((( 16 )))

واصلنا سيرنا ولكن بروح جديدة بالنسبة إلى ... فقد أحسست بنفسي .. أطوف فوق الركب بجناحي ملاك حارس .. يا الله ماذا ألم بي .. كأنما انفصلت روحي عن جسدي ... تجوس خلال الركب تبحث عن من زلزل كيانها.

وصرت مشتعلاً بهوى يصادق الألم .. ويصارع المستحيل .. ليخترق السماء كما الشهب .. وكيف لا .. وقد ألمت بي قوة طاغية لن تقنع بأقل من السموات سكناً والنجوم موطناً.

والعجيب على الرغم من كل ما أحدثته تلك المفعوصة بي .. إلا أنني لا أذكر شيئاً من تفاصيل وجهها أو لون شعرها أو درجة امتلاء جسدها .. كأنما إقتحمتني موجة راديو لتقلب كياني وكفى.


((( 17 )))

وكأن عثمان شعر بما ألم بي .. فحكي لي حين جاءت سيرة القهوة المميزة التي أعقبت الفطور ... كيف إن أمها حضرت قبل خمسة عشر سنة .. وقالت جملة واحدة للمدير فعينها على الفور.

وكانت الجملة .. ".. زوجي توفي وأريد أن أربي طفلي القادم بالحلال" .. ولهذا السبب تعتبر سارا .. أو جزيل كما تدعوها أمها ابنة الكل .. فقد فرضت أمها احترامها وأخوتها على الجميع .. واشتهرت بالصدق والأمانة في العمل ... لدرجة حرمان أبنتها من معلقة سكر بعبارتها الشهيرة (عيب ده حق ناس).

قلت لعثمان: هذه المرأة حققت مقصد إسلامي كبير .. وهو التحكم في القدر من خلال العمل الصالح .. فالقدر في الإسلام ليس أعمى .. ولكن الطغاة أرادوه كذلك حتى يبرروا بأن فسادهم هو قدر لا مفر منه.

ولعل أول من ابتدع سيطرة القدر على الأحداث ... هم الأمويين فهم بعد تنكيلهم بآل بيت النبي وأخذهم لبناته كالسبايا .. أرادوا أن يوهموا الناس بأن القدر هو المسئول عن كل ما حدث.

وهذا خطأ كبير لأن القرآن الكريم أخبرنا بأن القدر يسير وفقاً لمسيرة الشخص .. قال تعالى: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)) ... ومن الجهة المقابلة قال تعالى عن الأشرار: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً)) .. لاحظ حروف التأكيد في الآيتين.

صمت عثمان ولم يعقب بسوى: فعلاً هناك توفيق إلهي في نبوغ سارة ... ومن سلسلة تجارب كثيرة ... أستطيع أن أقول .. بأن القدر ليس أعمى.

نهلة محكر
16-06-2012, 08:10 PM
إستغرقت كلياً في هذا الحكي
وكأن بي أشاهد مقاطعاً حية تحكي رحلتكم
كنت معكم في كل لفتة وكل وقفة وكل "دقداق"

واصل هذا الجمال


برة النص:
:L
ألم بنا كنبض العرق وهناً *** فلما جازنا ملأ السماء
كلااااااام

الرضي
16-06-2012, 08:39 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيفاء عبدالستار http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466040#post466040)
أظني أول مره أقرأ ليك ..(قطعاً انا الخسرانه).
والله كأني راكبه معاكم دابتكم ..وأقرأ تفاصيل هذي البلاد ..


تحياتي هيفاء ... وشاكر مرورك العطر .. وفي الحقيقة أنا مقل حتى في تلك المحاولات البائسة ... والتي هي لا إلى الرواية أو إلى الأقصوصة .. ولي تجربة واحدة سابقة ... تقولي شنو كسل السنين:
http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?t=16712 (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?t=16712)

هيفاء عبدالستار
16-06-2012, 09:11 PM
المبدع جدا ..كيفنك ..

روعتك في طريقه السّرد ..

البناء المتكامل للمكان ..الشخوص (وربط القارئ بالقطره ورا العربيه ..)

حد الإبداع ..

متابعنك ..

الرضي
16-06-2012, 09:20 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهلة محكر http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466042#post466042)
كنت معكم في كل لفتة وكل وقفة وكل "دقداق".
خطاويك ..
تقالد سكتي وترتاح
وأتوسد مداك حنين
نغني نغني لي بكرة
تضيع الآهة والحسرة
:L

احنا تلاميذ في حضرة إبداعك
تحياتي يا روعة القصيد .. مرورك أسعدني
بيت الشعر في توقيعي للشريف الرضي

نهلة محكر
16-06-2012, 10:22 PM
كلنا قطرات في بحرٍ ذاخر بالمبدعين

واصل هطولك فينا

الرضي
17-06-2012, 05:36 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيفاء عبدالستار http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466057#post466057)
متابعنك ..


حقيقي سعيد بوجودك وتشجيعك ... ربي يسعدك.

عكــود
17-06-2012, 06:20 PM
سلام يا الرضي،

أنت تكتب ونحن نقرأ بمتعة ولا نقول عوافي؛
خجلٌ أنا من تداخلي المتأخّر.

كتابة في كامل جيهتها والحيويّة.

كل الوُد.

الرضي
17-06-2012, 06:48 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهلة محكر http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466079#post466079)
كلنا قطرات في بحرٍ ذاخر بالمبدعين


واصل هطولك فينا


المبدعة .. والمبدعة جداً نهلة .. استمتعت كثيراً بمدونتك الشعرية .. فقد وهبك الله السهل الممتنع .. ربي يحفظك

الرضي
17-06-2012, 06:58 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عكــود http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466201#post466201)
سلام يا الرضي،
أنت تكتب ونحن نقرأ بمتعة ولا نقول عوافي؛
خجلٌ أنا من تداخلي المتأخّر.
كتابة في كامل جيهتها والحيويّة.
كل الوُد.
سيد الحوش شخصياً ... حقيقي سعيد بمرورك العطر والمشجع ... شاكر كتير

الرضي
17-06-2012, 07:06 PM
((( 18 )))

واصلنا مسيرنا كثعبان مثقل بفريسة ضخمة ابتلعها للتو ... وبتوغلنا جنوباً زادت كثافة الغطاء الشجري وكثرت المنحنيات بحيث لم نعد - في أحيان كثيرة - نرى العربة التي أمامنا .. الشيء الذي دفع السائقين إلى استخدام آذانهم لكي يعلموا طبيعة الأرض التي تمر عليها العربة التي أمامهم ... فإذا علا صريخ المحرك علم أن المنحنى القادم يحوي أرض مرنة .. وأن عليه الاستعداد لها حتى لا تنغرز دواليبه في الأرض.

أما أنا فبقيت على حالي بعد ومضة هيروشيما ... متمثلاً أبيات شاعرنا محمد سعد دياب:

إني أراك كأنما لم نفتــرق أبداً......... ولا شطّ المزار ثوانــــــي

تبقى حضوراً صادحاً في خاطري .... فعسى ألاقي مقلتيك عســـــاني

قدر بأن ألقاك تذهل أحرفي .............. وجوارحي قدر بأن تلقــــاني


قدر .. ويا له من قدر سخر مني حتى بانت نواجذه .. أنا المسمى بفارس الحديد، وقلب الحجر أيام الجامعة، وفي العمل حيث الحسان بلا عدد .. أسقط مجندلاً في مسيرة لا تحوي سوى امرأتين إحداهن في عمر الوالدة .. رحم الله من قال: ( ........ يطلعلي أسد).

طارق صديق كانديك
17-06-2012, 07:37 PM
يالها من رحلة ويا لنا من محظوظين أن ارتحلنا خلف حرفك الذي بسط ذراعيه بوصيد الروح ولم يدخر شيئاً.. !

فقط مستأذناً أهمس أن عنوان النص "مربك" بعض الشئ وطويل ، ليتك اختزلته بقدرتك التي وسعت كل هذا الجمال.

لك تحياتي

الرضي
18-06-2012, 03:19 AM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق صديق كانديك http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466224#post466224)
فقط مستأذناً أهمس أن عنوان النص "مربك" بعض الشئ وطويل ، ليتك اختزلته




تحياتي طارق وشاكر على الإشادة والتنبيه ... في الحقيقة العنوان هو (رحلة) والباقي إشارة لدواخلها ... وقد قمت باضافة أقواس للعنوان الداخلي أما الخارجي .. فذلك غير متاح.

الرضي
18-06-2012, 06:06 AM
((( 19 )))

انتزعني عثمان من خواطري ... التي أخذت تتجه نحو اللا منتهى... متسائلاً بلا مقدمات: ".. هل هناك مسائل أخرى في القرآن الكريم خفيت علينا غير خلق آدم، والتحكم في القدر".

فكرت ملياً ... أممممممممممم براك سويته في نفسك يا زول ... سوف (أبريك) برية ترتسم على جبينك فلا تنساها.

ولكن عليَّ أن أكون حذراً ... فأصنام الطغيان انغرست – في وجدان المسلمين – بعمق ألف وثلاثمائة عام ونيف ... وصارت كسفود مسنن بآراء تقدست قداسة الكتاب والسنة ... ومن هنا فانتزاع هذا السفود مباشرة عمل مؤلم .. وعليَّ أن أعطيه الأدوات لينتزعه هو .. وليكفني الله شر قتال مسلم.

استعدلت في جلستي لأواجهه وقلت له: ".. (تعاليم) الإسلام يا عثمان بسيطة وميسرة جداً .. وهذه البساطة تقتضيها مسألة عقاب كل من لا ينصاع إلي هذه (التعاليم) .... فلا يعقل أن يحاسبنا الله على منهج عاصي على الفهم .... أو متضارب في تعاليمه .. كما هو الحادث في النصوص الفقهية اليوم.

واصلت قائلاً ".. هل تصدق يا عثمان أن الإسلام الذي أقمنا له الجامعات والكليات والدراسات فوق الجامعية .. وقسمناه إلى مذاهب وطرق .. وقدمنا الجوائز والأموال لشيوخه ... يقوم على ثلاثة عقائد بسيطة ومفهومة لكل من ألقى السمع وهو شهيد (أي حاضر بعقله وقلبه).

وهي: عقيدة توحيد تربط حركاتك وسكناتك بالله سبحانه وتعالى، وذلك عبر (إذا دعوت فأدعو الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) .... وعقيدة عبادة بسيطة ومعلومة تنقي روحك، وتكسبك القيم (فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والصيام يكسبك التقوى) ..... وعقيدة (خلافة للرسول) تم تفوضها للشعب المسلم - في كل زمان من بعد الرسالة – توحد معطيات الدين .. والقرار السياسي في الأمة .. وذلك عبر (شورى نطيع فيها بعضنا بعضاً)، في ديمقراطية بالباب.

وعلى هذا الأساس على المسلمين اليوم - حتى ولو على مستوى قطري - أن يعملوا على قيام ولاية شرعية منتخبة كما أمر الله سبحانه وتعالى ... تنقي الدين من تلك التعقيدات التي تسببت فيها المؤسسة الدينية .. وحفلت بها كتب الفقه والعقيدة ... والتي جعلت الدين عصياً من غير شيخ وشروح .. هذا فضلاً عن التضارب الذي تسببت فيه الفتاوى الباطلة .. والتفسير الخطأ .. والحديث الموضوع.

الرضي
18-06-2012, 08:58 AM
((( 20 )))

لم يستسلم عثمان للكشرتي له ... وبادرني قائلاً: "ولكننا رغم ما قلت نعلم الكثير عن التوحيد ونعمل به .. وكذلك نعلم شروط العبادة ونعمل بها .. أما الإمارة فهي تكمن في تطبيق الشريعة وهناك من يهتم بأمرها.

وهنا جابهته دون مقدمات - حتى أشفقت عليه – قائلاً: " القول بتطبيق الشريعة في الإمارة الإسلامية هو كذبة إفتراها الشيطان .. وكفر صريح وخروج من الإسلام بالكلية .... لأنها تفتح الباب أمام الطغاة الفاسدين لوطء أعناق المسلمين بحجة تطبيق الشرع.

علماً بأن الله سبحانه وتعالى لم يفرض علينا تطبيق شريعة في الإمارة الإسلامية .. وإنما فرض علينا .. انتخاب شرعية نطيعها .. قال تعالى: ((وأمرهم شورى بينهم)) وتعني إمارتهم شورى بينهم - (وليس أمرهم تطبيق شريعة بينهم) - ثم بعد ذلك أمرنا بطاعة أولي الأمر المنتخبين بهذه الشورى .. وليس طاعة كل من هب ودب وحمل سيفاً.

الرضي
18-06-2012, 08:59 AM
((( 21 )))


الوقوف الثاني جمع بين صلاتي الظهر والعصر بينهما وجبة الغداء ... وكان في أجمة من أشجار الكتر .. واجتمعنا للصلاة في وسط القافلة .. ثم تفرقت كل مجموعة بالقرب من سيارتها لأخذ قسط من الراحة.

وغرق عثمان في غفوة عميقة .. الشيء الذي جعلني أنا أيضاً أغفو وأنا جالس إلى جزع شجرة ... لأصحو على صوت ملاكي ينادي: "عم عثمان الغداء .. عم عثمان الغداء" ... تبسمت مفكراً "عم عثمان الجنة بحالها تناديك وأنت نائم ياخي نص عمرك ضائع".

صحا عثمان وحياها بألفة: "أهلاً سارة". .. وذهب ليصب بعض الماء على وجهه وكذلك أنا .. وبقيت سارة لترتب المكان .. وعندما عدنا وجدناها تجلس لتناول غداءها معنا فقد كانت سيارتنا هي الأخيرة في جغرافيا الموكب - بسبب أن عثمان كان قائد ثاني الكنفوي ومسئول عن مؤخرة الركب - وعلى هذا كانت الأخيرة في تلقي الخدمات .. فآثرت جيزيل أن تتبقى معنا لتناول طعامها بعد أن أنهت مهمتها.

الرضي
18-06-2012, 05:44 PM
((( 22 )))

إذاً هي الضربة الثانية .. وأتت هذه المرة في الرأس مباشرة .. فإذا كانت لمحة خاطفة قد أتت بخبري .. فما بالكم بجلسة قريبة!. ... استعنت بالله وجلست معهم ... وأفلتت مني نظرة غير مقصودة - كفلاش في يد مرتجفة - فانصهرت دواخلي وجداً .. إلى مدى اضطرني إلى انسحاب روحي تكتيكي إلى جذور شجيرة قريبة، ومن ثم تفرعت إلى أغصانها وأوراقها .. أرقب الموقف عن بعد ... أنا الآن في أمان .. ولليوغا - حتى ولو كانت بدائية – فوائدها.

أثناء الغداء طرحت جزيل فكرة أن تقرأ الجامعة في الخرطوم .. فوعدتها – بما تبقى منى – إن هي وفقت للنجاح ... مع توصية من المدير الإقليمي لنقل والدتها إلى الخرطوم ... أن أوفر لهم سكن في القطاع الأسري من سكن الشركة ... لأن من ضمن مسئولياتي تحسين حالة العاملين وسكناهم في المركز الرئيسي.

أجابني عثمان .. بأن المدير الإقليمي يعتبرها أبنته .. وهو – عثمان - بحسب متابعته ومسئوليته عن مسارها الأكاديمي .. يتوقع أن يذاع اسمها ضمن المتفوقين في الولاية .. فأجبته بثقة: إذاً لن تكون هناك مشكلة .. في النقل أو في السكن .. وسيكونون تحت رعايتي الشخصية.

قابلت وعدي بامتنان قائلة: شكراً ربنا يخليك .. مع إسبالة عينين يعجز المتنبي عن وصفها .. والحمد لله كنت بعيداً أرقب الوضع من الشجرة التي ارتحلت إليها .. وإلا لكنت ارتحلت بلا عودة ... فللعشق ضحاياه .... وشكراً لليوغا – البدائية - تاني وتالت ورابع.

انتهينا من الغداء ... والذي لا أدري مم تكون ... وهل أكلت منه أم لا .. وقامت بجمع الأواني وغادرتنا كغزال ينحاز إلى قطيعه .. وأنا منقسم بين روح محتلة لشجرة ... وجسد حاضر غائب.

عثمان وجد الفرصة لينتقم من لكشرتي المتتابعة له .. فقال لي في تورية واضحة: "البت خاته عينه عليك .. أقرأ سورة يوسف" ... جاريته في توريته ... مغطياً على الموقف بضحكة ... مع وعد مني بلكشرة ثالثة .. وبرية سيحين وقتها قريباً.

الرضي
18-06-2012, 05:49 PM
((( 23)))


الإندفاعة الثالثة تغير توقيت تحركها إلى ما بعد صلاة العشاء على أن تكون بلا توقف حتى المعسكر الرئيسي للمشروع .. وكان سبب تغيير الخطة هو السماح لطوف أمني بتقدمنا حتى يؤمن الطريق ... وعلى هذا أمر قائد الكنفوي وعثمان الجميع بالخلود إلى الراحة والنوم .. استعداداً لسفرية ليلية متواصلة.

لم يكن أحداً ينتظر التعليمات ليخلد إلى النوم فقد كانوا نصف نائمين - بعد اثنتي عشر ساعة من التحرك فجراً – وخلد الجميع إلى النوم فيما عداي ... فقد ظللت مستيقظاً أرى طيف جيزيل في كل شجرة، وغصن، وورقة .. أتى وقت المغرب فصليت وحيداً ... حيث خشيت إن أيقظت أحداً أن لا يستطيع العودة إلى النوم مرة أخرى.

بعد الصلاة لاحظت أن أم جزيل استيقظت هي ومساعدها .... واوقدت نار ضخمة في وسط المعسكر .. ووضعت عليها إناءً ضخماً .. تمخضت عنه بعد فترة رائحة بليلة عدس .. كم هي مثقفة تلك المرأة .. فالعشاء سيكون سريعاً وقد يضطر البعض إلى أخذه معه .. الشيء الذي يجعل من البليلة والبلح أنسب مكون.

عند التاسعة تماماً صحا عثمان وأخذ يطرق على العربات حتى يستيقظ من فيها ... ثم جمعهم لصلاة المغرب والعشاء كجمع تأخير ... وأمرهم بالإسراع في تناول وجبة العشاء ... حيث تغيرت الخدمة الخمسة نجوم .. وأحضرت كل مجموعة إنائها كما المساجين.

عند العاشرة تماماً أقتحم موكبنا ظلام الغابة الرهيب .. كاشفاً عن جحافل من الحشرات تتطاير أمام فوانيس السيارات ... واختفى صرير الجنادب وسط صهيل المحركات ... وكانت مسيرة لا مجال فيها إلى التوقف .. فالطوف الأمني قد تحرك من نقطة أمامنا في نفس التوقيت ويجب عدم التأخر عنه.

الرضي
18-06-2012, 09:29 PM
((( 24 )))

وبدافع فطري لتحمل المسئولية - حيث كنا نسميه القبطان – ركب عثمان بجوار السائق .. وأنفردت أنا بمقعد النصف .. الشيء الذي مكنني من النوم رغم الحركة العنيفة للسيارة لوعورة الطريق .. المهم عند الثانية تماماً صحوت على صوت تنبيه الطوارئ ينطلق من سيارات المقدمة ... بسبب سماعهم لصوت طلق ناري من البعيد .. الشيء الذي أوقف الطوف ونزلنا أنا وعثمان - بعد أن أخذ سلاحه الشخصي - لنستطلع الخبر.

عند وصولنا لعربة المقدمة كانت كشافات العربة شبه العسكرية تمسح .. ما يمكن رؤيته من الغابة المحيطة .. ولم يكن هناك شيء يذكر .. خاصة وأن صوت الطلق الناري أتى من بعيد .. فقد يكون نتيجة لخطأ من الطوف الأمني الذي أمامنا.

عثمان وبطبع القبطان الغالب عليه ... عاد إلى سيارتنا ... وأمر السائق - الذي كان عسكرياً سابقاً - بإعطائي مفاتيح السيارة ... وقال لي بحزم: أنا اعلم بأنك خبير في القيادة (أوف رود) ستكون معك سارة وأمها .. بالإضافة لخزينة النقود ... إذا سمعت أي ضرب نار عد أدراجك ... أكرر وأعيد عد أدراجك .. قلت له حاضر مرتين حتى أقتنع .. ثم أخذ السائق معه إلى عربة المقدمة ليكونوا قوة دفاع صغيرة عن الكنفوي.

لم تأخذ ترتيبات عثمان أكثر من عشر دقائق ... أصبحت بعدها من مستغرق في النوم بلا مسئولية .. إلى المسئول الأول عن حياة أغلى وأعز إنسان في حياتي ... ثلاث ضربات في الرأس توجع ... يا رب أنا أرجو عونك.

الرضي
18-06-2012, 09:34 PM
((( 25 )))

تحرك الطوف هذه المرة بروح جديدة ... والعيون مفنجلة خوفاً من المجهول .. إلا إنني لاحظت عدم الخوف على أم جيزيل .. سألتها: أراك مطمئنة .. فقالت لي عندما يكون عثمان في المقدمة مافي خوف علينا ... صدق من قال محرفاً: في الليلة الظلماء يظهر البدر ... عثمان الذي أشيل وألكشر فيه .. يصبح أسد ثقافة الوقت والموقف.

جزيل كانت خائفة في بداية الأمر .. ولكن مع مرور الوقت وعدم حدوث شيء .. بدأت تطمئن وتهتم بعتلات تروس القوة في السيارة وسألتني عنها .. ولكن أمها نهتها عن التساؤل ... وطلبت منها تركي أهتم بالقيادة.

مرت ساعة لا يشوبها غير المنحنيات .. وبعض الأراضي المرنة في الطريق المتعرج ... ثم قابلتنا منطقة مجاري مياه متعبة للسيارات الصغيرة ... وصرت مثل الجراح ... ففي مسافة عشرين متراً علي أن انزل من الغيار الرابع إلى الأول ثم أستخدم الترس الخفيف عند الدخول للمجرى .. والثقيل عند الخروج منه ... ثم ابدأ عملية عكسية .. فأحرر تروس القوة .. ثم اندفع مسارعاً حتى ألحق بالسيارة التي أمامي.

جيزيل كانت منبهرة بتشغيل الدفع الرباعي .. وتناغم صوت المحرك مع حركة تروس القوة ... حتى إنها ألصقت رأسها بالمقعد الذي بجانبي لتراقب حركتي بدقة أكبر .. وقد انتهزت فرصة نوم والدتها ... وعادت تسألني عن عتلات تروس القوة وكيفية استخدامها ... وبدأت أشرح لها كل شيء بالتفصيل الممل ... حتى تمييز نوعية الأرض من صوت السيارة التي تسير أمامنا .... ثم سألتني إن كان يمكن لها أن تتعلم القيادة حين حضورها للخرطوم .. فأخبرتها بأن هناك مدارس لتعليم القيادة ... وهي تعتني بك إلى استخراج الرخصة .. حديث جيزل وأسئلتها البريئة والمتواصلة .. جعل الوقت ينقضي بسرعة ... حيث لم أشعر إلا وأنا في أرض فضاء هي بداية المشاريع.

مواهب عبد العزيز نقد الله
18-06-2012, 09:44 PM
يا الللللللللللللللللللله ...
كلنا نرجو العون الألهى لنتمكن من تحمل ما تعبئ به انفسنا من سرد يشرح الخاطر ويلهب المشاع.
ر وصدقنى امام هذه اللوحة لا نملك الا ان نكونك, نفرح لفرحك ونصاب بذات القشعريرة ,ونتنقل بعينيك بين جيزيل والدروب والشخوص ونهيم مع تأملاتك ووقفاتك ورهق الروح وننتظر بشووووووق لمآلات هذه الرحلة

هيفاء عبدالستار
18-06-2012, 09:55 PM
ياااا الرضي ..

بتعرف أبو الشّهّيق..

كتابتك زي ابو هذا الشّهّيق ..

أطلع من شهقه وكلي ترقب للأخري ..

قمم من المتعه ..

خال فاطنة
18-06-2012, 10:31 PM
سلام يا الرضي....
كنا هنا و وجب علينا أن نشكرك على متعة حقيقية عشناها...اللغة راقية و السرد مرتب، و بعض المنعرجات تكشف عن ثقافة رفيعة...
لك الشكر يا حبيب

الرضي
18-06-2012, 10:43 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مواهب http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466356#post466356)
يا الللللللللللللللللللله ...
كلنا نرجو العون الألهى لنتمكن من تحمل ما تعبئ به انفسنا من سرد يشرح الخاطر ويلهب المشاع.
ر وصدقنى امام هذه اللوحة لا نملك الا ان نكونك, نفرح لفرحك ونصاب بذات القشعريرة ,ونتنقل بعينيك بين جيزيل والدروب والشخوص ونهيم مع تأملاتك ووقفاتك ورهق الروح وننتظر بشووووووق لمآلات هذه الرحلة




تحياتي مواهب ... وشاكر كلماتك الطيبة ... هي محاولة لتوصيل خاطرة وأرجو النجاح

الرضي
18-06-2012, 10:52 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيفاء عبدالستار http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466357#post466357)
قمم من المتعه ..


تحياتي هيفاء ... كبرت راس أخوك ربنا يحفظك .... وأرجو أن أكون عند حسن الظن.

الصورة دي من قوقل .. لمنطقة قيسان جنوب النيل الأزرق .. لتقريب المنظر .. مناطق المشاريع غاباتها أكثر كثافة.
https://mw2.google.com/mw-panoramio/photos/medium/41585987.jpg (https://ssl.panoramio.com/photo_explorer#user=3419126&with_photo_id=41585987&order=date_desc)

الرضي
18-06-2012, 11:18 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خال فاطنة http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466365#post466365)
سلام يا الرضي....
كنا هنا و وجب علينا أن نشكرك على متعة حقيقية عشناها...اللغة راقية و السرد مرتب، و بعض المنعرجات تكشف عن ثقافة رفيعة...
لك الشكر يا حبيب




ده من زوقك ... ربنا يحفظك خال فاطمة.

الرضي
19-06-2012, 09:24 AM
((( 26 )))

عند وصولنا للمعسكر كان الفجر قد أسفر عن أغرب لوحة تشكيلية لحي حوى كل أنواع البناء العشوائي .. صفيح، كرتون، قش، زنك، خيام ... كل ما يخطر على بال الإنسان من مواد التغطية والتغليف، تمت الاستعانة به لقيام الحي العجيب.

بعد الصلاة رحب بنا مدير المعسكر ... وأمر بنصب الخيام التي أحضرناها معنا في منطقة شجيرات زاهية قرب المعسكر ... ثم أخذنا مع جيزيل وأمها إلى خيام الإدارة، لأخذ قسط من الراحة ...... وأمر عماله باستضافة العمال والسائقين .... خيام الإدارة كانت الوجه الآخر للقمر، بالنسبة للحي العشوائي .. فقد كانت منتظمة ونظيفة بصورة ملحوظة.

لم اصدق وصولي إلى سطح غير مهتز .. فنمت كالقتيل .. صحوت بعدها على صوت جيزيل تقول: عم عثمان الفطور، عم عثمان الفطور ... ابتسمت وكررت ... عثمان الجنة تنادي وأنت تصر على النوم.

بعد الفطور ذهبنا إلى المعسكر الذي خصص لنا - بعد أن نصبت خيامه - حتى نرتب أمورنا .. ونبدأ في ترتيب حصص التقاوي والمؤن .. وعمل خطة لتوزيعها على المشاريع ... وفي هذا الأثناء كان مدير المعسكر قد عين عربة لأخذ أم جيزيل إلى قرية أقرباءها.

حضرت جيزيل لوداعنا .. وكانت آخر كلماتها مصحوبة بتلك الإسبالة المؤثرة: ".. شكراً على كل شيء ربنا يحفظك". ... دعوت لها بالتوفيق .. وخرجت مبتعدة بروحي ووجداني .. وتركتني أردد مع الرائعة نهلة.

http://i54.tinypic.com/2ugfblz.jpg
خطاويك ..

تقالد سكتي وترتاح
وأتوسد مداك حنين
نغني نغني لي بكرة
تضيع الآهة والحسرة

الرضي
20-06-2012, 01:41 PM
((( 27 )))

وداعاً روضتي الغنا

غادرت جيزيل وتركتني لذكريات ... أحلاها يصهر الحشا ... ولكن ضغط العمل خفف عني ... حيث كنا نبدأ عند أول ضوء وننتهي بعد وادع الشمس لمغربها ... وكانت تتخلل اليوم لحظات - وكأن الزمان لم يقطع الركب عرضه - فيرن صوتها: (عم عثمان الغدا .. عم عثمان الغدا) .. وأنتبه في فرحة لأجد اللا شيء يعم المكان.

أما ليلي فأقضيه وحيداً على بعد كبير من المعسكرات .. وبارك الله في عم عبد الرحمن وسريره العجيب .. فهو يبقيك بعيداً متى أردت ... كنت أغادر المعسكر بعد العشاء .. وأعود فجراً .. وبين الوقتين كنت كما تقول شاعرتنا الرائعة دوماً نهلة:


لا زولاً يقول كيفك

ولا طيفاً يسامرك ليل

حزين مكسور جناح خاطرك

لا طرفاً يحن يغشاك ...

لا روحاً تقاسمك ويل

بعيد تايهات شراعاتك

لا قمراً يضويلك ...

لا نجمات سماك دليل

الرضي
20-06-2012, 05:25 PM
((( 28 )))

مضت الأيام كالحة يومي كأمس .. وأمسي لا يحمل غير ذكرى تهيج آلامي ... وفي خواتيم العمل حضر عثمان مخبراً بطلبي على وجه السرعة في رئاسة الشركة .. بخصوص قضية كنت مشرفاً عليها ... وإنهم قد حجزوا لي على القطار المغادر صباحاً من عاصمة الإقليم .. وعلى هذا ستندفع بي سيارة حتى ألحق به.

إذاً فقد دار الزمن دورته .. وها أنا أعود خاوياً .. فقد ذهبت جيزيل بفؤادي وكل سعدي والخاطر .. وأعود .. وعودي ليس أحمد.

دلفت إلى السيارة التي تحررت من رفقة الكونفوي، فانطلقت تسابق الزمن .. لكي ألحق بالقطار.

وصلت إلى الخرطوم لا أدري كيف كانت تفاصيل الرحلة .. فكل تفكيري كان منصباً على فيض سعادة يتباعد .. فغبت وما اختفيت.

انـــــــتهت.
شكري لكل المتداخلين ... وشكر خاص لروعة القصيد نهلة .. ونرجو أن تعذرنا .. فقد حجمنا شعرها بمشهد لا يرقى.

هيفاء عبدالستار
20-06-2012, 06:06 PM
هي يااااالرّضي..شنو طفّيت نورك وماشي ..."’

ما تقول لي أنتهت ...؟

لسه البت منتظراك تقرّيها الجامعه ..

ومنتظرين تداعيات زيارة الدّاخليّه ..

والكلام النّاااااعم داك ..

ثمّ إن إنت وعدتها ..والرّاجل بمسكوهو من لسانو ...

يللا يللا منتظرين ....

(زي الفاقدين حنان وكده ...)

الرضي
20-06-2012, 08:17 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيفاء عبدالستار http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466549#post466549)
هي يااااالرّضي..شنو طفّيت نورك وماشي ..."’

ما تقول لي أنتهت ...؟
لسه البت منتظراك تقرّيها الجامعه ..
ومنتظرين تداعيات زيارة الدّاخليّه ..
والكلام النّاااااعم داك ..
ثمّ إن إنت وعدتها ..والرّاجل بمسكوهو من لسانو ...
يللا يللا منتظرين ....
(زي الفاقدين حنان وكده ...)


أولاً تحياتي وربنا يحفظك ... فقد ضحكت حتى كلت أسناني ... شفت ليك سنون بتكل من الضحك .... أهو حصلت .... بعدين ياخ أنا قلت رحلة ... ردمتكم حديد وجبتكم راجعين سالمين .. المرة الجاية نكتب (رحلة وحنان يا ناس) عشان نقدر نواصل ... لكن نكتب رحلة وبعدين نوديكم الجامعة ... ده حيكون تزوير في عناوين بوردية .. تحياتي مرة ثانية ... وشاكر حد الشكر لمداخلاتك الطريفة والمشجعة.

هيفاء عبدالستار
20-06-2012, 10:20 PM
إزّزّزّزّيّك يا الأمير ..

أنا لو في محلك العربيّه الملحقاني القطر ،تنكسر في حلة جزيل

وأغشاهم ..وشوف الليل في الحلآل أُم ضلاماً حالك ديل بكون عامل كيف ..:cool:

وهنا إلا تكون نبي :D:p:D

الرضي
21-06-2012, 12:04 AM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيفاء عبدالستار http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466576#post466576) إزّزّزّزّيّك يا الأمير ..

أنا لو في محلك العربيّه الملحقاني القطر ،تنكسر في حلة جزيل

وأغشاهم ..وشوف الليل في الحلآل أُم ضلاماً حالك ديل بكون عامل كيف ..:cool:

وهنا إلا تكون نبي :D:p:D


:D:D:D
سلام هيفاء ... أول حاجة أنتي يوم بتكتلي ليك زول بالضحك .. وتبقي في ما قاصدة .. وبعدين لن تصدقي جمال الطبيعة في حلال جنوب النيل الأزرق ... غيوم مد البصر .. خضرة مد البصر .. نسيم يقول لأتخن كوندشن أنت شنو ... يعني الطبيعة هناك جيزيل بدون جيزيل ... بمناسبة كسر العربية .. لن تصدقي كتبت يالقطار تدشدش .. وبعدين اتذكرت إنو الراكب في القطر ده أنا .. قمت مسحتها. :D

هيفاء عبدالستار
21-06-2012, 12:46 AM
تعرف نفس الطبيعه في النيل الازرق ..هي في جنوب كردفان ..مناطق كالوقي ..

وتلودي ..وابو جبيهه..الليري .وووو...ولا أسبانيا ..

ثم إن إنت ؟ قاعد في السودان ولا برّه..

في السودان وين ..وبرّه وين ..

الرضي
21-06-2012, 11:01 AM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيفاء عبدالستار http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466586#post466586)
تعرف نفس الطبيعه في النيل الازرق ..هي في جنوب كردفان ..مناطق كالوقي ..
وتلودي ..وابو جبيهه..الليري .وووو...ولا أسبانيا ..
ثم إن إنت ؟ قاعد في السودان ولا برّه..
في السودان وين ..وبرّه وين ..


كلامك صحيح .. لك التحية .. الشريط ده من الحدود الإثيوبية وإلى أقصى الغرب .. يمثل السافنا الغنية.


أنا ستفت الشنط .. ومغادر لرعي الغنم .. وخلا الحرمين .. ولا مكاتب الخرطوم.

نهلة محكر
23-06-2012, 02:11 PM
هل من مزيد؟؟

الرضي
23-06-2012, 05:37 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهلة محكر http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466938#post466938)
هل من مزيد؟؟.


السلام عليكم أستاذة نهلة .. وأبدأ بشكر واجب .. فقد فتحت لي مدونتك الشعرية أبوباً من المتعة، وأخذتني إلى سماوات بعيدة لأسامر النجوم .. وأغدقت علي من السعادة فيضاً أنار ايامي .. لك الشكر وليحفظك الله مبدعة تسعدين الناس.

بالنسبة للكتابة فأنا مقصر .. ليس بسبب المشغولية .. ولكن بسبب كسل غالب .. فلي من قبل محاولة واحدة .. توقفت بعدها إلا من هذه المحاولة الأخيرة .. وأرجو أن يوفقني الله لمحاولة ثالثة.
شاكر تشجيعك وكلماتك الطيبة وأنت تأذنين بأن انثر دررك وسط مبناي المتهالك .. فلك الشكر أجزله.

مواهب عبد العزيز نقد الله
23-06-2012, 06:13 PM
طيب رسل لينا رقم عم عثمان ننسق معاهو ونخليها هى تصلك فى محلك علشان تواصل :p

الرضي
23-06-2012, 07:34 PM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مواهب http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=466957#post466957) طيب رسل لينا رقم عم عثمان ننسق معاهو ونخليها هى تصلك فى محلك علشان تواصل :p

حباب مواهب .. وحقيقي سعيد بمداخلاتكم وتشجيعكم الذي لا استحقه ... ولكن تأتي على قدر الكرام المكارم .. حلوه حكاية عم عثمان دي .. وفكرة ندخل البت الجامعة .. وكم اتمنى أن يغادرني كسلي .. فأواصل في حكاية اسمها (الحرية تحت القصف).

مرافي
24-06-2012, 09:06 PM
استمتعت حد الثمالة وكأن بي سكر تملكني

متعة تستلذ طعمها (وتتمطق) ًطلبا لمزيد من الدسم

متعك الله بكل جميل اخ الرضي كما أمتعتنا بهذه الاحرف المكتنزة روعة وجمال

صدق قرأتها بلا انقطاع حتى (فلوستوب) النهاية بلا كلل ولا ملل وهل تمل العين

هذا الجمال الذي تتوشح به هذه الحروف الشهية

شكراً اخي الرضي فقد ارضيت واشبعت فينا متعة القراءة ولذتها التي نتوق لها لندرتها....

شكرا مثنى وثلاث ورباع ....والى ان يجمعنا حرف آخر نحن وانت وجيزيل:D

الرضي
25-06-2012, 08:53 AM
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مرافي http://www.sudanyat.org/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?p=467057#post467057)

استمتعت حد الثمالة وكأن بي سكر تملكني

متعة تستلذ طعمها (وتتمطق) ًطلبا لمزيد من الدسم

متعك الله بكل جميل اخ الرضي كما أمتعتنا بهذه الاحرف المكتنزة روعة وجمال

صدق قرأتها بلا انقطاع حتى (فلوستوب) النهاية بلا كلل ولا ملل وهل تمل العين

هذا الجمال الذي تتوشح به هذه الحروف الشهية

شكراً اخي الرضي فقد ارضيت واشبعت فينا متعة القراءة ولذتها التي نتوق لها لندرتها....

شكرا مثنى وثلاث ورباع ....والى ان يجمعنا حرف آخر نحن وانت وجيزيل:D


وتأتي على قدر الكرام المكارم ... شكري وتقديري مرافي .. وما طالباني حليفة .. بعد كلامك هذا رجعت وقرأتها من جديد ... شاكر ومقدر جميل قولك وتشجيعك .. وسعيد بكم.