في العامين 1888م و1889م وبعد معركة توشكي التي وقعت بين جيش الانصار وفلول القوات الغازية المصرية الانجليزية التي جمعت اطرافها في طريق خروجها من السودان بعد مقتل غردون وبعد ان تجسد نظام المهدية في السودان وهي الحركة التي واجهت العداء من جميع جيران السودان وخاصة مصر والدول التي تحتلها بريطانيا , هذا النفور بالاضافة الي قلة الامطار وعدم اهتمام الناس بالزراعة لانشغالهم بالغزو ادت كل تلك العوامل الي قيام ما يعرف بمجاعة سنة ستة ولعل سنة ستة المقصود بها عام 1306 ه .
ندرت الامطار وشحت وقل ّ المخزون من الحبوب وفشلت الزراعة ابتدأ من العام 1888م بدأت المجاعة تفتك بالشعب السوداني وبما أن السودان أصبح محاطاُ بالأعداء من كل جانب فلم يتقدم أحد لمساعدة الخليفة أو شعبه المنكوب , كما أنه لم يهادن ولم يطلب المساعده من أحد . بشاعة المجاعات الافريقية صارت الان معروفة للجميع , ولم تكن في أواخر القرن التاسع عشر بأقل بشاعة مما هي الآن
كتب جوزف أوهرفالدر القس المسجون في امدرمان عام 1889م والذي شهد المجاعة قائلاً (( المشاهد لا توصف في امدرمان وسوقها .. فالإنسان في اثناء سيره يمكنه أن يحصي خمسين جثة وأكثر ملقاة علي الطرقات , ذلك عدا الموتي داخل المنازل . وفي الاسواق يقف البائعون وبأيديهم عصي غليظة ليطردوا بها تلك الهياكل العظمية الهزيلة بعيونها الغائرة المسمرة علي الطعام الذي حرموا منه . كما يمكن للمرء ان يشاهد المئات من الجوعي وهم هائمون علي وجوههم في الطرقات عظاماً تكسوها الجلود . حتي جيف الحمير المتعفنه اكلت في هذه المعركة الرهيبة من اجل الطعام )).
لم تكن هناك أي مساعدة للسودانيين الجوعي رغم معاناتهم الرهيبة . لجأ بعض الناس الي اكل لحوم البشر , فكان لا بد من مراقبة وحراسة الاطفال بشدة وإلا خطفوا واكلوا . تلك المعاناة أستمرت لعدة شهور دون أي مساعدة . ولم ُيرسل اي طعام للسودان , ولم يقدم اي عون حتي هطلت الامطار ونبت الزرع وانتهت اكبر مجاعة شهدها السودان في تاريخه المعروف
النص مقتبس من كتاب حروب المهدية تاليف روبن نيلاند
ترجمة د. عبد القادر عبد الرحمن
|